الثلاثاء، 08 أكتوبر 2024

09:19 م

التؤام الملتصق.. الساحر والرسام يدونان "قصة عشق" لجماهير كتالونيا

تشافي وإنييستا

تشافي وإنييستا

محمود صبري

A A

دائمًا ما كانت منطقة خط الوسط هي المؤشر الرئيسي لتفوق أي فريق على الآخر، إذ وصفها الكثيرون بـ "منطقة المناورات" ولكن عندما تمتلك ثنائي بقدرات تشافي وإنييستا، فإنهما بمثابة "جحيم" على الخصوم، لأنهما ملوك تلك المنطقة بلا منازع.

وبالنسبة لبيب جوارديولا، أحد أعظم المدربين في هذا العصر أو أي عصر آخر، أصبح خط الوسط هوسًا، حيث يتجاهل الأجنحة والمهاجمين المنتظمين من أجل إدخال لاعبي خط وسط إضافيين إلى فريقه وممارسة مستويات أعلى من السيطرة.

من العادل أن نقول إن جوارديولا يعرف موهبة خط الوسط عندما يراها مرة واحدة، حيث أصبحت لمحته الأولى لأندريس إنييستا مجرد حكاية يتم تكرارها بانتظام عند ذكر اسم النجم الإسباني.

جوهرة لاماسيا

وبعد أن شاهد إنييستا للمرة الأولى كعضو في أكاديمية برشلونة، اتجه جوارديولا إلى زميله في الفريق آنذاك تشافي ليحمل له رسالة حول ما قد يحمله المستقبل للفريق الأول.

وقال جوارديولا لإنييستا وقتها "سوف تحل محلي، لكن احذر من هذا الشاب لأنه سوف يجعلنا جميعًا نتقاعد يومًا ما".

وبناء على ذلك شكل المدرب الإسباني شراكة بين "تشافي وإنييستا" كانت بمثابة فيلم رعب على جميع الخصوم، وسيرك للمشاهد البسيط خلف الشاشات، ليصنع الثنائي معًا الحقبة الأكثر نجاحًا في تاريخ برشلونة.

انطلاقة تشافي 

في بداية الحقبة، كان تشافي هو أول من ترك بصمته، حيث صقلت مواهبه في التعليم الذي لا مثيل له في لاماسيا قبل أن يُمنح أول مباراة له كمراهق ضد ليدا في مارس 1998.

تمكن لاعب خط الوسط الشاب من اقتحام فريق يتكون من نجوم عالميين بما في ذلك لويس فيجو وريفالدو، حيث أدى موسمه الأول إلى تحقيق لقب الدوري الإسباني لفريق لويس فان جال في 1998/1999.

انتظار إنييستا

لكن السنوات التالية كانت قاحلة، واستغرق الأمر ستة مواسم قبل أن يتوج برشلونة باللقب مرة أخرى، حيث اجتذب تشافي انتقادات خلال فترة مضطربة داخل وخارج الملعب في كتالونيا.

وبحلول الوقت الذي وصل فيه لقب 2004/2005 إلى كامب نو، كان تشافي قد انضم إلى الفريق الأول من قبل خريج آخر من أكاديمية لاماسيا، وهو إنييستا.

بداية الرسام 

وُلِد إنييستا في الجنوب في فوينتيالبيلا قبل أن يتم إدخاله إلى نظام برشلونة، ولم يكن هناك سوى عدد قليل من الممثلين الأفضل للمبادئ التي حددت أيديولوجيات الكتالونيين من إنييستا، حيث سمحت خلفيته في كرة الصالات للاعب خط الوسط بالازدهار في التكرار المتمثل في الاستلام والتمرير والعرض.

على الرغم من أن الثنائي أصبح فيما بعد "أساطير" خط الوسط لجيل بأكمله، كانت هناك شكوك في البداية حول قدرتهما على الظهور في نفس الفريق، حيث كان الجمع بين المبدعين ذوي القدرات الرياضية المحدودة يعتبر ترفًا خلال مواسمهما الأولى جنبًا إلى جنب.

أشقاء في دكة البدلاء 

وجاءت الميدالية الأولى من بين ميداليات الفوز الأربعة التي حصل عليها الثنائي في دوري أبطال أوروبا مع وجودهما بين البدلاء، حيث فضل فرانك ريكارد الثنائي الأكثر قتالية المكون من إدميلسون ومارك فان بوميل في المباراة النهائية ضد آرسنال في باريس.

ولم يشارك تشافي في المباراة بسبب إصابة لاعب خط الوسط، بينما دخل إنييستا في الشوط الثاني بينما كان برشلونة متأخرا، وشارك لاعب خط الوسط في هدف التعادل عندما جاء الفريق الكتالوني من الخلف في ملعب بارك دي برانس.

بداية النجاحات 

يُنظر على نطاق واسع إلى تعيين بيب جوارديولا مدربًا لبرشلونة في عام 2008 باعتباره المحفز وراء صعود محور تشافي-إنييستا، وفي حين لا يوجد الكثير من الجدل حول دوره في تحويل المفاهيم، فقد شهد ذلك الصيف مساعدة الثنائي في إنهاء انتظار إسبانيا الطويل للنجاح على الساحة الدولية.

لفترة طويلة، كانت إسبانيا واحدة من أكثر الفرق التي لم تحقق إنجازات كبيرة في كرة القدم، فلم تحقق نجاحاً كبيرًا منذ عام 1964، وكانت عاجزة عن ترجمة موهبتها وقوة الدوري المحلي إلى نجاح على الساحة الدولية.

لكن انتظار إسبانيا انتهى في بطولة أوروبا 2008 عندما اعتمد لويس أراجونيس على مجموعة من السحرة الموهوبين في وسط الملعب، حيث قدمت إسبانيا كرة قدم ساحرة ساعدتها على التتويج باللقب.

نثر السحر 

تم اختيار تشافي كأفضل لاعب في البطولة مع اختيار إنييستا من بين أفضل لاعبي كرة القدم في بطولة يورو 2008، حيث تعاون الثنائي في مباراة الدور نصف النهائي حيث مرر الأخير الكرة إلى تشافي ليحولها إلى هدف ضد روسيا.

وكان تشافي حاسما مرة أخرى في المباراة النهائية بعد تمريره الكرة من فرناندو توريس مسجلا هدف المباراة الوحيد ضد ألمانيا، وهي اللحظة التي أنهت عقودا من الإحباط وأعلنت عن عصر جديد للمنتخب الإسباني.

نجاح محلي 

وساعد سحر تشافي إنيييستا برشلونة على تحقيق الموسم الأسطوري، بالفوز بألقاب الدوري الإسباني، وكأس ملك إسبانيا، ودوري أبطال أوروبا.

كان إنييستا قد أحرز هدف التعادل في الوقت بدل الضائع عندما تغلب برشلونة على تشيلسي بقاعدة الأهداف خارج الأرض في الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا، لكن أسلوب لعبهم هو ما سيظل في الأذهان، حيث أبهر الجميع وسيطر بشكل كامل على أي خصم تقريبا، وخنق المنافسين بفضل الاستحواذ الهادف والصبور.

السحر لم يتوقف

وتواصلت وتيرة الفوز بالبطولات بلا هوادة، وأصبحت كرة القدم أكثر غرابة، وأصبحت مقاطع من اللعب من كوكب آخر، حيث اجتمع إنييستا وتشافي في قلب أفضل فريق كرة قدم في تاريخ النادي.

بعد أن تمت مناقشتهما كثنائي، أصبح الاثنان مرادفين لبعضهما البعض، ونادرا ما كان كل منهما يبتعد عن رادار الآخر حيث قام اثنان من أساتذة مهنتهما بكشف وتحليل الجوانب المتعارضة.

وحقق الثنائي لقب دوري أبطال أوروبا ضد مانشستر يونايتد والفوز بلقب يورو 2012 بالإضافة إلى كأس العالم 2010 مع إسبانيا، بأقدام إنييستا، ولكن لكل بداية نهاية.

نهاية الحقبة 

شهدت بطولة أوروبا 2012 دفاع إسبانيا عن لقبها كبطلة لأوروبا، لتصبح أول فريق في التاريخ يفوز بثلاث بطولات دولية كبرى على التوالي، حيث سار إنييستا على خطى تشافي بعد اختياره كأفضل موهبة في البطولة.

كان تأثيرهما عظيما مرة أخرى عندما تغلبت إسبانيا على إيطاليا 4-0 في نهائي حاسم، وتم اختيار إنييستا كأفضل لاعب في المباراة حيث أعاد المنتخب الإسباني كتابة الأرقام القياسية بشكل مقنع.

قام تشافي (212) وإنييستا (207) بأكبر عدد من التمريرات في الثلث الأخير من الملعب مقارنة بأي لاعب آخر في بطولة أوروبا 2012، حيث سيطر الثنائي المتناغم على نجاح آخر كبير.

ملوك منطقة المناورات 

وشهدت المواسم الثلاثة التالية استمرار برشلونة في السخرية من خط الوسط، قبل أن يحل تشافي محل زميله القديم في نهائي دوري أبطال أوروبا 2015، ويزين ألوان برشلونة للمرة الأخيرة.

وانتهت المباراة النهائية بفوز برشلونة 3-1 على يوفنتوس، حيث حقق فريق لويس إنريكي ثلاثية تاريخية، وهي ختام مناسب لفصل كتالوني سيتذكره مشجعو كرة القدم لعقود قادمة.

search