الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024

08:16 م

أبرزها إثيوبيا.. ديون خانقة تحاصر 26 دولة وتدفعها نحو "فقر مدقع"

انعدام الأمن الغذائي

انعدام الأمن الغذائي

حسن راشد

A A

سلّط البنك الدولي الضوء على أزمة ديون غير مسبوقة تواجهها أفقر 26 دولة في العالم، والتي يعيش فيها نحو 40% من أفقر سكان الأرض.

وقال البنك الدولي، في تقرير له، إن هذه الدول أصبحت مثقلة بالديون بشكل لم تشهده منذ عام 2006، ما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالكوارث الطبيعية والصدمات الاقتصادية الأخرى، مؤكدًا أن تلك الاقتصادات أصبحت أكثر فقرًا في المتوسط مقارنة بوضعها قبل جائحة “كوفيد-19”، رغم أن معظم دول العالم بدأت في التعافي واستعادة نموها الاقتصادي.

تمويل الدول الأكثر فقرًا

يأتي هذا التقرير في وقت حرج، قبل أسبوع واحد من بدء الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، ما يعكس الانتكاسة الكبيرة في الجهود الدولية لمكافحة الفقر المدقع.

وأشار التقرير، إلى أن البنك الدولي يسعى هذا العام لجمع 100 مليار دولار لدعم موارده المخصصة لتمويل الدول الأكثر فقرًا عبر صندوق “المؤسسة الدولية للتنمية”، وتعد هذه المبادرة جزءًا من جهود البنك لتوفير منح وقروض بفوائد قريبة من الصفر، إذ تعتمد عليها هذه الدول بشكل متزايد في ظل نقص التمويل المتاح.

وأضاف التقرير أن هذه الدول، التي يقل دخل الفرد فيها عن 1145 دولارًا سنويًا، تعاني نسبة دين مرتفعة تصل إلى 72% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى للدين في هذه الاقتصادات منذ 18 عامًا.

أفقر دول العالم

وتشمل معظم الدول التي تم تقييمها في التقرير دول منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، مثل إثيوبيا، تشاد، والكونغو، إلا أن القائمة تشمل أيضًا دولًا أخرى مثل أفغانستان واليمن، حيث تواجه هذه الدول صعوبات كبيرة نتيجة للصراعات المسلحة والهشاشة المؤسسية والاجتماعية التي تعرقل جهود التنمية وتمنع تدفق الاستثمار الأجنبي.

كما ذكر التقرير، أن ثلثي هذه الدول تعاني من أوضاع متدهورة جراء الصراعات المسلحة أو الفوضى المؤسسية، ما يعرقل بشكل كبير قدرتها على الاستفادة من الفرص الاقتصادية العالمية، مشيرًا إلى أن الكوارث الطبيعية، مثل الجفاف والفيضانات، قد تسببت بخسائر فادحة في تلك الدول على مدار العقد الماضي.

وفيما يتعلق بتمويل صندوق "المؤسسة الدولية للتنمية"، لفت التقرير إلى أن التجديد الدوري لموارده يتم كل ثلاث سنوات عبر مساهمات الدول المشاركة في البنك الدولي. وفي عام 2021، جمعت المؤسسة مبلغًا قياسيًا بلغ 93 مليار دولار، وهو ما يضع هذا العام تحديًا كبيرًا لجمع مبلغ أكبر لدعم الدول الأشد فقرًا.

الهشاشىة الاقتصادية

وقال الخبير الاقتصادي، محمد بدرة، إن تقرير البنك الدولي يٌظهر صورة قاتمة لوضع أفقر الدول في العالم، حيث يعكس تزايد الديون والهشاشة الاقتصادية والاجتماعية لهذه الدول، ومع أن بقية دول العالم قد بدأت بالتعافي واستعادة مسارها الاقتصادي، إلا أن هذه الدول الأشد فقرًا لا تزال عالقة في أزمة خانقة، نتيجة تراكم الديون وضعف الاستثمار وازدياد الكوارث الطبيعية والصراعات المسلحة.

بدرة أكد لـ"تليجراف مصر"، أن التقرير يتمثل في ضرورة إعادة النظر في النهج العالمي المتبع لمعالجة قضايا الفقر والتدهور الاقتصادي في تلك الدول، فالأرقام التي أوردها البنك الدولي تدق ناقوس الخطر حول مدى هشاشة الاقتصادات الفقيرة، خصوصًا مع ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 72%. 

سياسات أكثر استدامة

وأضاف أن هذا المعدل المرتفع يشير إلى عجز هذه الدول عن الاستفادة من النمو الاقتصادي العالمي، ويضعها أمام مخاطر اقتصادية كبيرة في المستقبل، ومن المهم أن تتجاوز الجهود الدولية مجرد تقديم منح أو قروض بفوائد منخفضة، لتشمل سياسات أكثر استدامة تعزز مناعتها الاقتصادية، ما يعني الحاجة إلى استثمارات طويلة الأجل في البنية التحتية، تعزيز المؤسسات السياسية والاجتماعية، وتحسين بيئة الأعمال لجذب الاستثمار الأجنبي.

وأشار إلى أن التقرير يُظهر كذلك أن الصراعات المسلحة والهشاشة المؤسسية تعتبر عائقًا رئيسيًا أمام أي تقدم، فثلثا الدول الأشد فقرًا تعاني من تحديات مؤسسية تجعلها غير قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية أو الاستفادة من إمكاناتها التصديرية، ما يعيق التنمية الاقتصادية.

وذكر أن الكوارث الطبيعية التي تواجهها هذه الدول تشكل عنصرًا إضافيًا يزيد من تعقيد الوضع، خاصة في ظل التغير المناخي الذي يؤثر بشكل أكبر على المناطق الفقيرة، ما يستدعي استجابة دولية عاجلة لدعم هذه الدول في مواجهة التغيرات البيئية والتخفيف من آثار الكوارث الطبيعية، مشددًا على أهمية التعاون الدولي وضرورة الإسراع في تأمين الموارد اللازمة عبر صندوق "المؤسسة الدولية للتنمية" لتجنب انهيار اقتصادي محتمل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية في هذه الدول.

search