الإثنين، 21 أكتوبر 2024

06:22 م

اجتماعات الخريف بواشنطن تنعقد بين أزمات عالمية وانتخابات أمريكية

اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين

اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين

حسن راشد

A A

يلتقي وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من مختلف دول العالم، بدءًا من اليوم في واشنطن لحضور اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستمر لمدة أسبوع كامل حتى 26 أكتوبر الجاري.

تأتي الاجتماعات في ظل مناخ عالمي مضطرب مليء بالأزمات السياسية والاقتصادية، من بينها تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي الدولي ويثير تساؤلات حول آفاق التعاون العالمي، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وفي ظل هذه الظروف، ستركز الاجتماعات على مجموعة من القضايا الملحة، بما في ذلك ديناميكيات الاقتصاد الغذائي، وتسريع تحقيق المساواة بين الجنسين، وسبل التنمية المستدامة، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الأسواق المالية العالمية، حيث تعتبر فرصة للتباحث حول قضايا عالمية مؤثرة، تجمع بين ممثلين من الحكومات، ومنظمات دولية، والقطاع الخاص، وأكاديميين.

أبرز القضايا المطروحة

الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة تعد من أبرز القضايا التي تشغل أذهان المشاركين، حيث يمكن أن تؤدي نتائجها إلى تغييرات كبيرة في السياسات الاقتصادية العالمية، ففي حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، قد يشهد العالم تحولًا في العلاقات التجارية الدولية، خاصة مع احتمال فرض تعريفات جديدة وتراجع التعاون المتعدد الأطراف في قضايا مثل المناخ والتجارة.

وقال رئيس مركز الجيو-اقتصاديات في المجلس الأطلسي، جوش ليبسي، إن "نتائج الانتخابات الأمريكية قد تؤثر على التجارة العالمية، قيمة الدولار، وحتى مستقبل الاحتياطي الفيدرالي، لذا فإنها تحمل أهمية كبيرة رغم عدم إدراجها في جدول الأعمال الرسمي للاجتماعات.

الأزمات السياسية والاقتصادية

تباطؤ الاقتصاد الصيني والصراع في أوكرانيا يتصدران المناقشات في هذه الاجتماعات، فتباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يطرح تساؤلات حول كيفية التعامل مع الآثار السلبية على سلاسل التوريد والتجارة العالمية، كما أن الحرب الروسية الأوكرانية تؤثر على الاقتصاد الأوروبي والعالمي، لذا تسعى الدول السبع الكبرى إلى التوصل لاتفاق لمنح أوكرانيا قرضًا بقيمة 50 مليار دولار مدعومًا بأصول روسية مجمدة.

وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، تأتي الاجتماعات في وقت يشهد تصاعدًا في النزاعات، ورغم أن الأضرار حرب غزة الاقتصادية حتى الآن تركزت في مناطق ودول الجوار، إلا أن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا حذرت من أن أي تصعيد قد يؤدي إلى تأثيرات أوسع نطاقًا على الاقتصاد العالمي، خاصة في قطاع الطاقة. 

جورجيفا أشارت إلى أن المنطقة تمثل واحدة من أهم مصادر النفط والغاز في العالم، وأي اضطراب في الإمدادات قد يرفع الأسعار بشكل حاد ويؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.

آفاق النمو العالمي

من المتوقع أن يُصدر صندوق النقد الدولي تحديثًا لتوقعاته للنمو العالمي خلال هذه الاجتماعات، وذكرت جورجيفا أن النمو الاقتصادي يواجه تحديات كبيرة على المدى المتوسط، مع انخفاض التوقعات بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية، ومع ذلك، لا تزال هناك فرص لتحقيق نمو مستدام في دول مثل الولايات المتحدة والهند.

من ناحية أخرى، تظل الديون المرتفعة وضعف السيولة في بعض الدول النامية عائقًا أمام تمويل مشاريع التنمية. وتشدد الاجتماعات على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في قضايا مثل المناخ وتخفيف الديون. وفي هذا الصدد، أكدت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس على أهمية استئناف التعاون الدولي في هذه المجالات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي.

تغييرات في القيادة الأمريكية

قد تكون هذه الاجتماعات هي الأخيرة لوزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، التي لعبت دورًا محوريًا في تعزيز التعاون الدولي في قضايا الاقتصاد والمناخ، ومع اقتراب نهاية ولاية الرئيس جو بايدن، قد يشهد العالم تغييرات جذرية في القيادة الاقتصادية الأمريكية، ما قد يؤثر بشكل كبير على السياسات الاقتصادية العالمية، خصوصًا إذا تغيرت توجهات الولايات المتحدة تجاه قضايا مثل التجارة والمناخ.

رغم التحديات الكبيرة، تسعى المؤسسات المالية العالمية إلى إيجاد حلول فعّالة للأزمات الاقتصادية المتفاقمة. ومع اقتراب الذكرى الثمانين لتأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في بريتون وودز، يُظهر العالم تماسكًا نسبيًا في مواجهة الأزمات، وسط ضغوط متزايدة على القادة لاتخاذ قرارات حاسمة تعزز استقرار النظام الاقتصادي العالمي.

الديون العالمية

تعتبر مسألة الديون العالمية من أبرز المحاور المطروحة للنقاش في الاجتماعات، حيث يُتوقع أن تصل مستويات الدين العالمي إلى 100 تريليون دولار هذا العام، نتيجة تراكم ديون كبرى مثل الولايات المتحدة والصين، ما يشكل تحديًا كبيرًا للحكومات التي تسعى لإعادة بناء احتياطياتها المالية لمواجهة أي صدمات اقتصادية مستقبلية.

وفي هذا السياق، أكدت مديرة صندوق النقد أهمية أن تتخذ الحكومات إجراءات جادة لتقليل الديون وإعادة بناء الاحتياطيات المالية، لافتة إلى أن العالم قد يواجه صدمة مالية كبيرة في المستقبل القريب إذا لم تتخذ هذه الخطوات الضرورية.

search