الخميس، 24 أكتوبر 2024

08:27 م

العنف الأسري ينهش قلب طفلة بريئة.. قصة "مها" تكشف عن مأساة اجتماعية

العنف الأسري للأطفال - أرشيفية

العنف الأسري للأطفال - أرشيفية

منار فؤاد

A A

شهدت منطقة المقطم حادثة أليمة تلامس شغاف القلوب وتثير أسئلة مؤلمة عن الإنسانية، حيث تعرضت الطفلة مها، التي لم تتجاوز السادسة من عمرها، لمأساة حقيقية نتيجة اعتداء وحشي على جسدها من قبل زوج والدتها. 

كان من المفترض أن يكون هذا الرجل بمثابة أب للطفلة، لكنه بدلاً من ذلك، انتزع براءتها وطفولتها بيدين غافلتاه، حيث أسقطها ضرباته القاسية، قاصدًا بذلك تدمير حياتها الصغيرة.

تواطؤ بدلًا من الحماية

الأدهى من ذلك، كانت والدتها غائبة عن الحماية، بل وشاركت في هذا العنف، حيث يعكس صمتها وعدم قدرتها على اتخاذ موقف صارم عجزها عن مواجهة الضغوط النفسية أو الخوف من زوجها. 

لم تكتفِ بالتفرج على الاعتداء، بل ساهمت أيضًا في تعنيف ابنتها، مما جعلها شاهدة على نهاية مأساوية لبراءة طفلة كان من المفترض أن تعيش في أمان.

جروح نفسية تفوق الجراح الجسدية

يقول استشاري الطب النفسي الدكتور توفيق عمران إن الأطفال الذين ينشأون في بيئات مليئة بالعنف يعانون من آثار نفسية مدمرة. فهذه التجارب لا تترك فقط علامات جسدية، بل تزرع قلقًا واكتئابًا عميقين قد يتلازمان معهم طيلة حياتهم. 

وقد أُخذت من مها فرصة العيش في أجواء طبيعية، لتعيش الآن في ذكرى أليمة، محاطة بجراح لا تُرى لكنها تؤلم بشدة.

دور الأم في العنف

يوضح الدكتور عمران أن الأحداث المؤلمة تشير إلى أن الأم لم تكن غائبة عن الحماية فحسب، بل كانت أيضًا متواطئة في الاعتداء. هذا السلوك قد يكون نتيجة لعوامل عدة، منها الخضوع للضغوط النفسية أو الخوف من الزوج. 

يبرز هذا التواطؤ الديناميكية السلبية التي تنشأ عندما يتحول الحب المفترض إلى أداة للسيطرة والعنف، مما يعكس افتقار الأم إلى الثقة في قدرتها على حماية ابنتها، ما يزيد من تعقيد المشكلة النفسية.

تأثير العنف على نفسية الأطفال

يؤكد عمران أن الأطفال الذين ينشأون في بيئات عنيفة يعانون من أضرار نفسية بالغة تتجاوز حدود الجراح الجسدية. يصبح هؤلاء الأطفال ضحايا للقلق المزمن والاكتئاب واضطرابات سلوكية، مما يترك آثارًا تمتد طوال حياتهم. 

وفي حالة الطفلة مها، كان بإمكانها أن تعيش حياة مليئة بالأمل والسعادة، لكن العنف الذي تعرضت له أطفأ بريق براءتها وترك في روحها جروحًا نفسية عميقة لن تُمحى.

غياب الدعم المجتمعي

شدد الدكتور عمران على أن دور المجتمع لا يمكن تجاهله في هذه المأساة، حيث غالبًا ما يتعامى المحيطون عن علامات العنف والفوضى التي تعيشها الأسر، مما يساعد على انتشار المشكلة. 

كما أشار إلى أن غياب الدعم الاجتماعي والعائلي يعمق مشاعر العزلة والضعف لدى الأمهات والأطفال، لذا، يتطلب الأمر جهودًا حقيقية من المجتمعات المحلية، مع ضرورة وجود آليات فعّالة لرصد وحماية الأطفال المعرضين للخطر، وتقديم المساعدة النفسية للأسر التي تواجه أزمات.

الدعوة إلى التحرك

اختتم عمران حديثه مؤكدًا أن مأساة الطفلة مها تمثل ناقوس خطر يدعو الجميع للتحرك نحو تغيير جذري، مضيفا : "علينا أن نعيد تقييم أساليب تعامل المجتمع مع قضايا العنف الأسري، ونعزز من برامج التوعية والدعم النفسي، لأن تغيير الواقع يتطلب منا جميعًا أن نكون جزءًا من الحل، لا مجرد شهود على المآسي".

search