الجمعة، 25 أكتوبر 2024

06:20 م

زيارة مديرة صندوق النقد.. مصر تسعى للدخول من "الباب الموارب"

مديرة صندوق النقد ورئيس الوزراء

مديرة صندوق النقد ورئيس الوزراء

أكد صندوق النقد الدولي، أمس، أن السلطات المصرية تتعامل مع تحديات عدة داخلية وخارجية، تفرض عليها المضي قدمًا في برنامج الإصلاح الاقتصادي، تجنبًا لارتفاع فاتورة الإصلاح التي تتحملها الفئات الأضعف من الشعب، لكن الصندوق فتح الباب لإمكانية تعديل البرنامج في ضوء متغيرات الساحة الإقليمية. 

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا جورجييفا، خلال إحاطة ضمن الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي، أمس، إنها منفتحة على تعديل برنامج الإصلاح المتفق عليه مع مصر، واستدركت بالقول لكن الصندوق لا يمكنه القيام بعمله على النحو اللائق إذا تم التخلي عما يجب القيام به لأن هذا سيجعل التكلفة أعلى. 

زيارة قريبة 

وأقدمت الحكومة المصرية هذا الشهر ضمن التزامها ببرنامج الإصلاح بإقرار زيادة لأسعار الوقود تتراوح بين 10 و17.4%، وذلك للمرة الثالثة على التوالي هذا العام، الأمر الذي من المتوقع أن يدفع معدلات التضخم لتجاوز عتبة الـ30% خلال الفترة المقبلة، وفقا لعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، محمد أنيس. 

وأضاف أنيس في تصريح لـ"تليجراف مصر" أن الحكومة التزمت بتنفيذ بنود برنامج الصندوق رغم أن بعضها ترتب عليه فاتورة ثقيلة اجتماعيا كرفع سعر رغيف الخبز المدعم وأسعار المحروقات والكهرباء، وهذا الالتزام يأتي وسط بيئة خارجية معقدة تفرض على مصر تحديات خارجة عن إرادتها مثل تداعيات توترات البحر الأحمر التي أدت إلى تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من 50%.  

وأفادت مديرة الصندوق بأنها ستزور مصر خلال 10 أيام للوقوف على تطورات الأوضاع عن كثب، مضيفة أن مصر ستكون في وضع أفضل إذا تم تنفيذ الإصلاحات عاجلاً وليس آجلا، في إشارة إلى ضرورة الالتزام ببنود برنامج الإصلاح التي لم تستكمل، وأبرزها الانتهاء من إعداد خطة إعادة رسملة البنك المركزي ونشر عمليات التدقيق السنوية على الحسابات المالية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات وتسريع وتيرة برنامج الطروحات. 

الرئيس السيسي ومديرة صندوق النقد

هذه الزيارة المرتقبة لمديرة الصندوق تأتي بعد أيام فقط من تصريح للرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد خلاله ضرورة مراجعة الاتفاق مع إدارة صندوق النقد، إذا كان سيضع المواطن في وضع لا يحتمل، إذ من الضروري أن تضع المؤسسة الدولية في عين الاعتبار أن البرنامج يأتي في ظل ظروف شديدة الصعوبة. 

أكثر مرونة

وتابع أنيس: في ظل استمرار التوترات الراهنة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن يبدي صندوق النقد مرونة أكثر لاحتواء التحديات التي تتعامل معها السلطات المصرية، على غرار ما حدث في أغسطس الماضي، عندما أقدم على تعديل الجدول الزمني لبعض الإصلاحات ليصبح أكثر قابلية للتنفيذ، وفي هذا الإطار جرى الاتفاق على الالتزام بالوصول بأسعار البنزين والسولار إلى مستويات استرداد التكلفة بحلول نهاية 2025، مع إمكانية الاستغناء عن بعض الزيادات الفصلية.

من جانبه، رأى الخبير المصرفي هاني العراقي، أن بعض إجراءات الإصلاح المالي التي ينص عليها برنامج الصندوق تثقل كاهل شريحة عريضة من المواطنين، على سبيل المثال، الصندوق يقدم توصية دائمة للدول المقترضة بخفض الدعم، وفي حالة مصر هذا فرض سلسلة زيادات لأسعار غالبية الخدمات، الأمر الذي يضغط على القدرة الشرائية للمواطن. 

وأضاف أن هذه الزيادت المتكررة للبنزين والكهرباء وغيره، ستبقي معدلات التضخم مرتفعة لفترة أطول، ومن جهة أخرى ستفرض الحاجة للإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة على نحو يضغط على معدلات النمو الاقتصادي ويزيد أعباء الديون. 

وتابع العراقي أن من بين بنود برنامج الصندوق أيضا الالتزام بخفض احتياجات التمويل بالموازنة ووضع استراتيجية أكثر قوة لإدارة الديون، وفي واقع الأمر هذا يسلط الضوء على تشوهات الموازنة المصرية إذ يذهب أكثر من 70% من الإيرادات لصالح سداد فوائد الديون، كما تحصل الدولة على قرابة 80% من إيراداتها من العائدات الضريبية، على نحو يستدعي التركيز على تنمية موارد الدولة من الاقتصاد الحقيقي كالصناعة والزراعة والصادرات. 

وأكد أن صندوق النقد هو في النهاية مؤسسة تمويل كل ما يشغله هو التزام الدول المقترضة بسداد أقساط ديونها، ولهذا السبب يضع برامج للإصلاح الاقتصادي لمساعدة هذه الدول وضمان الوفاء بكامل التزاماتها، مشيرا إلى أن مصر لم يحدث وأن تخلفت عن سداد التزاماتها للصندوق حتى في أصعب الأزمات وبالتبعية من غير المستبعد أن يتساهل معها الصندوق في بعض بنود الإصلاح.

حلول صندوق النقد 

شدد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد جهاد أزعور،  خلال مؤتمر صحفي أمس، على أن التوترات الجيوسياسية أثرت على الاقتصاد المصري، مؤكدًا أن برنامج الإصلاح الحالي مصمم للتعامل مع الظروف الصعبة وللحفاظ على الاستقرار المالى وحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية.

وأضاف أن السلطات المصرية تتعامل مع تحديات داخلية عدة، على رأسها التضخم، لذا فمن الضروري اتخاذ إجراءات لحماية الفئات الأضعف، كما تعد السياسات النقدية أولوية لتخفيف آثار الإصلاح على القطاعات الأضعف، في إشارة إلى ضرورة استمرار معدلات الفائدة المرتفعة لحين عودة التضخم إلى الهبوط، إذ ارتفع خلال الشهرين الماضيين إلى 26.4% بتأثير من زيادة أسعار الكهرباء والوقود. 

وأشار أزعور، إلى أن حماية الفئات الأضعف ومدى فعالية برامج الحماية الاجتماعية ستكون إحدى القضايا ذات الأولوية التي ستناقشها مديرة صندوق النقد مع المسؤولين المصريين خلال زيارتها المتوقعة في غضون 10 أيام. 

وأعرب عن تفاؤله بشأن تحقيق الاقتصاد المصري لنمو بقرابة 4% وتراجع التضخم خلال العام المقبل إلى 16%، مؤكدا على ضرورة الالتزام بمرونة سعر الصرف لتقليل أثر الصدمات الخارجية وتعزيز استقرار الوضع الاقتصادي.

search