الأصفر خرج عن السيطرة.. أسعار الذهب إلى أين؟

قفزت أسعار الذهب في مصر اليوم السبت إلى مستويات تاريخية ليتجاوز سعر جرام عيار 21، لأول مرة حاجز الـ3500 جنيه.. فهل يواصل جنونه ويحلق إلى مستوى 4 آلاف خلال الفترة المقبلة؟ 
وربحت أسعار الذهب منذ السبت الماضي نحو 230 جنيهًا ليتداول جرام عيار 21 عند مستوى 3510 جنيهات صباح اليوم ارتفاعًا من 3280 جنيهًا سعر إغلاق يوم السبت الماضي.

من جانبه اعتبر عضو رابطة تجار الذهب أمير رزق، هذا الصعود المتواصل للأسعار يعود إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية خلال الأيام الماضية بصورة غير مسبوقة ليتجاوز مستوى 60 جنيهًا للدولار الواحد، مشيرًا إلى أن التجار يستخدمون سعر الدولار غير الرسمي كمعيار لتسعير الذهب، فضلًا عن استمرار الطلب القوي على المعدن النفيس الأمر الذي يغذي أيضًا ارتفاع الأسعار. 

ملاذ آمن

وقال أمير رزق إن الذهب يمثل ملاذًا آمنًا ومخزنا للقيمة ولا شيء ينافسه في هذه المكانة فعلى مدار عقود تشهد أسعاره ارتفاعات دون تراجع، وخلال العام الماضي وحده ربح المعدن الأصفر نحو 1480 جنيهًا للجرام الواحد ليقفز سعر جرام عيار 21 إلى 3170 جنيهًا بنهاية تعاملات العام ارتفاعًا من مستوى 1690 جنيهًا المسجل في بداية تعاملات 2023، وبالتالي من الطبيعي أن يجد فيه المصريون ملاذًا لحفظ قيمة مدخراتهم.  
فيما أوضح نائب رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية لطفي منيب، أن أسباب ارتفاع الذهب خلال هذه الفترة يرجع لرغبة المصريين في شراء المعدن الأصفر بغرض التحوط ضد ارتفاع الأسعار المستمر وأي خفض جديدٍ لقيمة الجنيه، الأمر الذي ينشأ عنه طلبًا مرتفعًا لا يقابله معروض كافٍ لدى الشركات والتجار نتيجة لوقف استيراد الذهب من الخارج، وبالتالي ترتفع الأسعار.  

أسعار الدولار 

ومنذ بداية العام الحالي ارتفعت أسعار الذهب في مصر بنحو 10.8% وفي المقابل ارتفع سعر الدولار في السوق الموازية بقرابة 17.2% ليصل إلى سعر 61.75 جنيه للدولار الواحد في الوقت الحالي، ومن جانبه قال خبير الذهب والمدير الإقليمي لإحدى شركات الذهب العاملة في السوق المصرية أسامة زرعي إن صعود الذهب إلى مستويات غير مسبوقة سببه الرئيس اتساع الفجوة بين سعر الدولار الرسمي البالغ 30.8 جنيه للدولار مقابل سعره في السوق الموازية الذي يمثل زيادة بأكثر من 100%. 
وتابع أن سوق الذهب في مصر تتحرك بعشوائية مفرطة، ولن نرى هدوءًا في الأسعار قبل أن تنتهي أزمة السوق الموازية ونقص العملة الصعبة الذي تسبب في وقف استيراد الذهب وبالتالي شح المعروض بالسوق. 

3 قرارات من البنك المركزي

وخلال عامي 2022 و2023 فقد الجنيه نحو 60% و25% على التوالي من قيمته، تزامنًا مع ثلاثة قرارات من البنك المركزي بتحريك سعر الصرف بالخفض في مارس وأكتوبر 2022 ويناير 2023، ما أشعل المضاربات على سعر الورقة الخضراء في السوق الموازية لتتراوح بين 28 و35 جنيهًا خلال 2022، وتنهي العام الماضي عند مستوى 51.75 جنيه للدولار الواحد، ما عزز جاذبية الاستثمار في الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا. 
وحتى يناير 2022 كان سعر جرام الذهب عيار 21 يتداول أدنى مستوى الألف جنيه، إلا أنه قفز بعد أقل من 3 أشهر إلى مستوى تاريخي جديد عند 1100 جنيه للجرام الواحد تزامنًا مع صدور قرار البنك المركزي بتحريك سعر الصرف “خفض الجنيه” في 21 مارس 2022 ليواصل رحلة الصعود منهيًا العام الماضي أعلى مستوى 3 آلاف، دون تراجع يذكر.

صعود قادم 

وتوقع أمير رزق أن تصل أسعار الذهب إلى مستوى 4 آلاف جنيه خلال فبراير المقبل، مشيرًا إلى أن مستوى الـ3500 جنيه للجرام أصبح قيمة تاريخية ومن غير المستبعد أن يكسرها هبوطًا والأرجح أن تعزز انطلاق الأسعار بالاتجاه الصعودي، لاسيما أن الأسعار العالمية أيضًا مرشحة للصعود خلال الأشهر المقبلة. 
واتفق معه أسامة زرعي مضيفًا أن أسعار الذهب بدأت العام الجديد بقوة ومن المتوقع أن تواصل استهداف مستويات تاريخية جديدة خلال الفترة المقبلة، نظرًا لاستمرار التقلبات الحادة لسعر الدولار في السوق الموازية واستمرار تراجع قيمة الجنيه. 

على النقيض من ذلك توقع المدير التنفيذي لإحدى منصات تجارة الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، سعيد إمبابي، أن تشهد الأسعار عملية تصحيح خلال الفترة المقبلة، كونها غير واقعية وناجمة عن طلب غير حقيقي، مشيرًا إلى أن الفرق بين سعر البيع والشراء وصل إلى 100 جنيه ما يعكس حالة من عدم الاستقرار والتلاعب بالأسعار.

الأسعار العالمية 

وبحسب أمير رزق فسعر أوقية الذهب في السوق العالمية من المتوقع أن يسجل مستوى تاريخيًا عند 2200 دولار بحلول فبراير، حال قرر مجلس الاحتياط الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” في اجتماعه نهاية هذا الشهر التحرك صوب خفض أسعار الفائدة الأمر الذي يعزز جاذبية الذهب لاسيما مع زيادة خطر التوترات الجيوسياسية إقليميًا وعالميًا، مشيرًا إلى أن أي صعود في السوق العالمية سيدعم أيضًا السعر محليًا كونه أحد العوامل التي تحرك السوق المصرية إلى جانب أسعار الدولار وقاعدة العرض والطلب. 
في مذكرة حديثة توقع بنك جيه بي مورجان الأمريكي أن ترتفع أسعار الذهب خلال العام الحالي ليقفز سعر الأوقية خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر المقبلين إلى مستويات 2175 دولارا من المستوى الحالي البالغ 2028 دولارًا، مدفوعًا باتجاه الفيدرالي صوب خفض الفائدة بنحو 125 نقطة أساس على أقل تقدير لا سيما مع بدء تباطؤ نمو أكبر اقتصاد في العالم على نحو ملحوظ خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2024.
وأشارت المذكرة إلى أن ارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي عالميًا تعزز جاذبية الذهب خلال الفترة المقبلة كملاذ آمن ومخزن موثوق للقيمة، فضلًا عن تصاعد التوترات الجيوسياسية سواء في الشرق الأوسط أو في أوكرانيا، الأمر الذي يغذي الطلب على المعدن الأصفر، لا سيما مع توقعات تراجع مؤشر الدولار وانخفاض عوائد السندات الأمريكية التي تتحرك بصورة عكسية مع أسعار الذهب.