الجمعة، 20 سبتمبر 2024

08:44 ص

ثقة الجمهور في "بي بي سي" تتزعزع.. مساءلة حكومية عن "التحيز"

مؤسسة بي بي سي ... هولي آدامز / رويترز

مؤسسة بي بي سي ... هولي آدامز / رويترز

ترجمة أحمد سعد قاسم - التايمز

A A

هل تلتزم هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الحياد في تغطيتها الإخبارية؟ هذا هو السؤال الذي طرحته وزيرة الثقافة البريطانية لوسي فريزر، التي اتهمت الهيئة بالتحيز والانحياز في بعض المواضيع السياسية والاجتماعية، وأصبحت ثقة الجمهور في هذه المؤسسة الإعلامية العريقة في مهب الريح بعد اتهامات وجهت لها بالتخلي عن الحياد لخدمة أجندات بعينها.

قالت لوسي فريزر إن “الجمهور لديه انطباع” بأن هناك مشكلة، بعد أن ارتفعت الشكاوى المتعلقة بالتحيز بأكثر من 50 % في العام الماضي. حسب “التايمز” البريطانية.

ومن المتوقع أن تحصل هيئة الرقابة على الإعلام في بريطانيا على صلاحيات أكبر للتحقيق مع  “بي بي سي”، وأضافت فريزر: “علينا أن نبذل جهدًا أكبر في مجال الحياد”. ومع ذلك، لم تتمكن من إعطاء أمثلة على التحيز ونفت أن تكون الحكومة المحافظة تسعى إلى أجندة ضد “بي بي سي”، متابعة “ليس الأمر متعلقا بالحكومة”.

وصرحت لـ"راديو تايمز" أن الأمر متعلق بالحياد وليس بالسياسة، فقط فالجمهور يريد الحياد، و(بي بي سي) تتجه نحو الانحدار”. 
 

وصفت فريزر هيئة الإذاعة البريطانية بأنها “مؤسسة عامة رائعة”، وقالت "من الضروري جدًا أن تحتفظ بثقة الجمهور. وما سمعناه هو أن بعض الجمهور يعتبرها متحيزة. 

وعندما سئلت من قبل “سكاي نيوز” إذا كانت تعتقد شخصيًا أن بي بي سي متحيزة، قالت فريزر: “أعتقد أنها كانت متحيزة أحيانًا”.


وأوصت فريزر الحكومة البريطانية بسلسلة من الإصلاحات “لتحسين المساءلة وزيادة ثقة الجمهور” في نظامها الحيادي والشكاوى، بعد سلسلة من المحادثات البناءة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون. 

وأشارت فريزر إلى أن التغييرات ستجعل هيئة الإذاعة البريطانية في وضع أفضل تستطيع فيه “توجيه أسئلة صعبة لنفسها”. وأردفت “في المشهد الإعلامي المتغير بسرعة، تحتاج بي بي سي إلى التكيف أو المخاطرة بفقدان ثقة الجمهور الذي يعتمد عليها. لقد أوصينا بإصلاحات أعتقد أنها ستسهم في تحسين المساءلة وزيادة ثقة الجمهور في قدرة بي بي سي على أن تكون محايدة وتستجيب للمخاوف التي يطرحها دافعو رسوم الترخيص”.

وفي مقال لصحيفة “ديلي تليجراف”، قالت وزيرة الثقافة البريطانية إن الحياد “ليس شيئًا يمكن برمجته على جهاز كمبيوتر وليس علمًا”، و“الحياد يحتاج إلى التفكير والمساءلة وهو جزء أساسي من مهمة بي بي سي والجمهور يتوقع من المنظمة أن تدمجها”. في كل ما تقوم به".

يذكر أن في العام الماضي، تلقت Ofcom، وهي هيئة تنظيمية للاتصالات في المملكة المتحدة “918 شكوى بشأن حياد بي بي سي، وهو ما يشكل 39 في المائة من جميع الشكاوى المتعلقة بالبث”.

وزيرة الثقافة البريطانية لوسي فريزر


وهذا ارتفاع كبير عن 594 شكوى بشأن التحيز التي تلقتها في الفترة 2021-2022، والتي تمثل 19% من الإجمالي. منذ بدء سريان الميثاق الحالي في عام 2017، و أقرّت بي بي سي بأن هناك جزءا من انتهاك الحياد، بما في ذلك أربعة في العام الماضي. 


وبموجب التغييرات، ستكون Ofcom مسؤولة رسميًا عن التحقيق في موقع بي بي سي نيوز وقناة يوتيوب لأول مرة، نظرًا لأن الجمهور يتجه بشكل متزايد إلى الإنترنت للحصول على أخباره. 


في الماضي، كان دور الهيئة الرقابية محدودًا بإبداء رأيها حول ما إذا كانت “بي بي سي” قد خالفت إرشاداتها التحريرية، بدون أي عقوبات.

 
في نفس السياق آخر حادثة بارزة تتعلق بموقعها الإلكتروني وقعت في نوفمبر 2022، عندما أوضحت Ofcom أن بي بي سي لم تحترم إرشادات الحياد الخاصة بها في مقال عن هجوم معاد للسامية على مجموعة من الطلاب اليهود في حافلة بلندن في عام 2021. تضمنت التقارير تغطيتها لرجل حُكم عليه بعد أن ألقى باللوم في مخالفة سرعة مزعومة على رجل فرنسي وهمي.


وقال المتحدث باسم هيئة الاتصالات “ستتمكن Ofcom الآن من حل الشكاوى بشكل أفضل حول ما إذا كانت مقالات موقع بي بي سي الإخبارية تلتزم المعايير ذات الصلة”.


وتابع “إذا وجدت Ofcom أن بي بي سي قد انتهكت تلك المعايير، فستمتلك الآن صلاحيات تنفيذية بدلاً من القدرة على إصدار رأي فقط، وهو الوضع الحالي”. وفي أحدث فحص صحي سنوي أجرته بي بي سي، أبدت Ofcom قلقها من أن بعض الجماهير ما زالت تشعر بالقلق بشأن حياد بي بي سي. 


واعترفت بي بي سي أيضًا بأن نشر محتوى غير محايد يمثل خطرًا حقيقيًا. وقالت في تقريرها السنوي لهذا العام: “إن انتهاك المعايير قد يؤدي إلى خسارة الثقة في بي بي سي وتضرر سمعتها”. 
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة إبسوس في المملكة المتحدة  أن 39 %من الأشخاص يرون أن بي بي سي تقدم تغطية إخبارية محايدة، متفوقة بفارق كبير على أقرب منافسيها سكاي نيوز وآي تي في نيوز. تم إدخال التغييرات كجزء من مراجعة منتصف المدة التي تجريها الحكومة للهيئة الإذاعية، قبل تجديد الميثاق في عام 2028.

وتهدف الخطط أيضًا إلى جعل آلية الشكاوى في بي بي سي أكثر استقلالية عن منتجي البرامج، لضمان معالجتها بشكل عادل، بينما سيحصل مجلس إدارة بي بي سي على المزيد من السلطة لمراجعة واستئناف القرارات. 
وتسعى الحكومة إلى زيادة ثقة الجماهير بأن آرائهم قد تم النظر فيها. وقال متحدث باسم بي بي سي إن مراجعة منتصف المدة التي أجرتها الحكومة أظهرت أن إدارة وتنظيم بي بي سي تؤدي بشكل جيد عمومًا. 

وأضاف “فيما يتعلق بحياد بي بي سي، فلا توجد منظمة أخرى تلتزم بالحياد كما نفعل نحن. لدينا خطط واضحة ومحددة للمحافظة على المعايير وتطويرها. نحن ندرك أن هذا يهم الجماهير، وأن بي بي سي ما زالت المصدر الأول للأخبار الموثوقة، مع تحقيقها أعلى الدرجات في الحياد والدقة”.

search