الخميس، 21 نوفمبر 2024

08:23 ص

45 عامًا على حصار الكعبة بكذبة المهدي المنتظر

الكعبة الشريفة - أرشيفية

الكعبة الشريفة - أرشيفية

عبدالرحمن منصور

A A

شهد المسجد الحرام في مكة المكرمة، أقدس بقاع المسلمين، في مثل هذا اليوم من العام 1979 حدثًا استثنائيًا هز أرجاء العالم الإسلامي، عندما تجمّع الآلاف من المصلين لأداء صلاة الفجر في أجواء روحانية، قبل أن تتحول السكينة إلى فوضى مروّعة.

الفوضى تزعمها الداعية السعودي جهيمان العتيبي ومجموعة من أنصاره، عندما أعلنوا سيطرتهم على المسجد الحرام في خطوة صادمة أثارت غضب جموع العالم الإسلامي، حسبما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية.

 جهيمان العتيبي

إعلان المهدي المنتظر

قاد جهيمان مجموعة مسلحة تنتمي إلى جماعة السلفية المحتسبة، حيث استغلوا نعوشًا ظن الجميع أنها مخصصة للجنازة، لنقل أسلحة إلى داخل المسجد، وبعد انتهاء الإمام من الصلاة، دفعه جهيمان جانبًا، وأعلن عبر مكبر الصوت ظهور المهدي المنتظر، محمد بن عبدالله القحطاني، أحد أتباعه المقربين.

وأغلق المسلحون أبواب المسجد ونشروا قناصة فوق المآذن، مؤكدين أن القحطاني هو المنقذ الذي سيعيد العدل للإسلام بعد أن امتلأت الأرض بالفساد، وبدأ أتباع جهيمان بمبايعة المهدي وسط ذهول المصلين وخوفهم.

رفض للحداثة وتغيرات اجتماعية

كان جهيمان العتيبي وأتباعه يعارضون التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها السعودية نتيجة الطفرة النفطية، ورأى هؤلاء في مظاهر الحداثة، كزيادة الاستهلاك والاختلاط بين الجنسين، خروجًا عن القيم الإسلامية، وبدلًا من العيش في المدن، انعزل أفراد جماعته في المناطق الصحراوية، متشبثين بحياة تقشفية ودعوة لإصلاح ديني واجتماعي جذري.

أتباع جهيمان لحظة القبض عليهم - أرشيفية

التدخل العسكري ورد السلطات

في البداية، قللت السلطات السعودية من خطورة الموقف وأرسلت دوريات استطلاعية، لكنها تعرضت لهجوم مكثف من المسلحين. 

ومع اتساع المواجهات، فرضت القوات السعودية طوقًا أمنيًا حول المسجد وبدأت عملياتها العسكرية، حيث استُخدمت الأسلحة الثقيلة لاستهداف المسلحين الذين تحصنوا في السراديب تحت الحرم، لكن القتال استمر لعدة أيام.

مساعدة فرنسية لإنهاء الأزمة

ومع فشل الجهود السعودية في إنهاء الحصار، طلبت الحكومة دعمًا خارجيًا، واستجاب الرئيس الفرنسي آنذاك فاليري جيسكار ديستان بإرسال فريق من خبراء مكافحة الإرهاب، الذين وضعوا خطة دقيقة لإنهاء الأزمة. 

تضمنت الخطة ضخ غاز مخدر عبر فتحات حُفرت خصيصًا في السراديب حيث اختبأ المسلحون.

نجحت العملية، ونفدت إمدادات المسلحين من الغذاء والذخيرة، ما أجبرهم على الاستسلام، وقُبض على جهيمان و63 من أتباعه، وأُعدموا علنًا بعد أسابيع.

تحولات اجتماعية ودينية في تاريخ السعودية بعد الحصار

مثّلت هذه الحادثة نقطة تحول في تاريخ السعودية، حيث دفعت السلطات إلى تبني سياسات دينية أكثر صرامة للرد على المطالب الاجتماعية المحافظة، كما ألغت العديد من مظاهر الانفتاح النسبي التي كانت موجودة قبل الحصار، مثل ظهور المذيعات على شاشات التلفزيون.

واستمرت هذه السياسات لعقود حتى بدأت المملكة في السنوات الأخيرة إصلاحات اجتماعية واقتصادية قادها ولي العهد محمد بن سلمان، الذي أكد أن السعودية كانت تعيش حياة طبيعية قبل عام 1979، وهو العام الذي غيّر مسارها.

search