![د. شريف عبد الحميد د. شريف عبد الحميد](https://media.egypttelegraph.com/2025/2/Long/16881147076963202502130157445744.jpg)
جعجعة ترامب وعبث التهجير.. مصر تغلق الباب!
في مشهد لا يختلف كثيرًا عن حلقات برنامج تلفزيون الواقع، خرج علينا دونالد ترامب - بطل المواسم كلها- ليقدم "الحل النهائي" لمشكلة غزة. لا مفاوضات، لا مبادرات دولية، لا قرارات أممية.. فقط خطة عبقرية من ثلاث كلمات: لماذا لا نُهجّرهم؟ وكأننا نتحدث عن حفلة شواء في حديقة البيت الأبيض!
الرجل يتصوّر أن تهجير ملايين البشر أمر في غاية البساطة، استدعِ بعض الحافلات، ضع لافتة "إلى مكان آخر"، وانتهى الموضوع! لكن ما لم يدركه ترامب، أن الفلسطينيين ليسوا مجرد مشاهدين في فيلم من أفلام هوليوود، حيث النهاية السعيدة مضمونة، والمهاجرون يجدون بلداً جديداً بانتظارهم، يرحب بهم بالورود ويقدم لهم قسائم شراء من متجر الحياة الجديدة.
المثير للدهشة – أو ربما للضحك– أن ترامب تخيّل أن مصر ستلعب دور المحطة الأخيرة في هذه الرحلة "السحرية". لماذا لا نضع سكان غزة في سيناء؟ هكذا يتحدث وكأن سيناء مجرد أرض فضاء خالية من التاريخ، والسياسة، وحتى الجغرافيا! رد مصر كان سريعًا وحاسمًا… وبطبيعة الحال، مصري للغاية. أقرب ما يكون إلى نظرة ذلك الرجل الذي يسمع "نكته سخيفة" من صديق غير مرغوب فيه فيقول له: "إنت بتهزر؟". في الواقع، لا أحد في مصر مستعد لتحويل سيناء إلى مخيم لاجئين بحجم دولة، ولا لتحويل القضية الفلسطينية إلى صفقة عقارية، خاصة إذا كانت هذه الصفقة من بنات أفكار ترامب، الذي أثبت للعالم أنه مستعد لتحويل كل شيء إلى "بيزنس"، حتى لو كان على حساب ملايين الأرواح.
لكن ترامب لا يتوقف عند هذا الحد، فالرجل يتعامل مع السياسة الدولية وكأنها لعبة "شطرنج"، وقرر فجأة أن الفلسطينيين يمكنهم "الانتقال" كما تنتقل قطعة اللعب إلى خانة جديدة على اللوحة. وما دام قد بنى في حياته أبراجًا شاهقة، فما المشكلة في بناء مستقبل جديد لملايين اللاجئين؟ ولكن ما لا يعرفه ترامب، أو ربما يعرفه ويتجاهله كعادته، أن الفلسطينيين ليسوا مجرد سكان يعيشون في غزة… بل هم حكاية تاريخ، وصمود، وتحدٍّ عمره أكثر من قرن.
لا يمكنك أن "تنقلهم" كما تنقل سفارتك من تل أبيب إلى القدس. فإن تصريحات ترامب الأخيرة أثارت عاصفة من الجدل، كما هي عادته دائماً. مؤيدوه رأوا فيها "عبقرية سياسية"، بينما العالم بأسره رأى فيها قمة العبث، المشكلة أن عبث ترامب لا ينتهي بتغريدة ساخرة أو تصريح مضحك… بل غالباً ما ينتهي بكارثة إنسانية.
أما بالنسبة لمصر، فالقضية ليست مجرد جغرافيا أو حدود… بل قضية مبدأ، لا يمكن لمصر أن تسمح بتكرار مشهد نكبة جديدة في سيناريو مكرر وسخيف. هذا موقف ليس للمزايدة، بل للتاريخ. مصر التي خاضت حروبًا من أجل فلسطين لن تقف صامتة أمام محاولة مسخ هويتها أو ابتلاعها في حفلة جنون "ترامبية".
كما أن مصر تعرف جيدًا الفرق بين حسن الجوار و"الفخ السياسي"، وتملك موهبة نادرة في تحويل تلك الأفكار إلى كوميديا سوداء. فبدل أن ترضخ، ستكتفي بإرسال رسالة واضحة وصريحة: "العب بعيد يا ترامبو… الأرض مش للبيع، والتاريخ ما بيتنساش، والمصريين ما بيهزروش في الحاجات دي!".
في نهاية المشهد؛ يبدو أن ترامب قرّر أن يخوض في ملف القضية الفلسطينية كمن يخوض مباراة مصارعة في حلبة بلا قواعد. لكن الفارق أن الضحايا هنا ليسوا مجرد متفرجين، بل شعوب بأكملها، السؤال الآن: هل سينجو الفلسطينيون من هذه العاصفة الجديدة؟ أم أن جعجعة ترامب ستتحول إلى طاحونة أخرى من طواحين الهواء التي تبتلع حقوقهم؟، وهل يعي ترامب أن الشعوب ليست قطع شطرنج؟ أم أن الرجل مستمر في لعبته حتى يختلط عليه الأبيض بالأسود، وتتحول الطاولة "المنطقة" كلها إلى ساحة فوضى؟
![title title](/images/title2.png)
الأكثر قراءة
-
التقييمات الأسبوعية أولى ثانوي الترم الثاني 2025.. خطوات التحميل
-
حظك اليوم الخميس 13 فبراير 2025.. هذا وقت جيد لاتخاذ قرار
-
"المدرب الأسوأ".. أرقام بيسيرو مع الأهلي قبل اقترابه من الزمالك
-
بطولة واحدة وتهليل أهلاوي برحيله.. من هو بيسيرو؟
-
سماع صوت انفجار في جدة يقلق سكانها.. السلطات السعودية تكشف السبب
أكثر الكلمات انتشاراً