
ستينج.. عندما يصبح الوهم إنجازا!
في الماضي، كنا نسمع عن مشروبات تمنحك الانتعاش، النشاط، القوة، وربما القدرة على فتح كتاب المدرسة دون الشعور بالنعاس، لكن يبدو أن الزمن تغير، وأصبح الإنجاز الحقيقي هو “عدم النوم أبدًا”!
نعم، هذا ما يخبرنا به إعلان مشروب الطاقة "ستينج"، حيث يقدم لنا مجموعة من المراهقين الذين بدلاً من العودة إلى منازلهم مساءً، قرروا أن يجعلوا الليل صباحًا، ويتجولوا بين الشوارع والمقاهي وأسطح المنازل، بكل حيوية ونشاط، وكأنهم خرجوا لتوهم من شحنة كهربائية عالية الفولت!
السر هنا ليس الإرادة القوية، ولا الشغف بالحياة، ولا حتى حب المغامرة، بل زجاجة صغيرة من مشروب الطاقة السحري، الذي يجعلك تعتقد أن النوم مجرد خرافة اخترعها الضعفاء!
لنكن صادقين.. الإعلان ليس مجرد ترويج لمشروب، بل دعوة مفتوحة للمراهقين: “لا تعُد إلى المنزل مبكرًا، لا تنم، لا تضعف، فقط اشرب ستينج وابقَ مستيقظًا حتى تشرق الشمس!”، وبالتأكيد، لا مشكلة في ذلك أبدًا، فكلنا نعرف أن السهر طوال الليل له فوائد عظيمة للصحة والتركيز والإنتاجية.. أليس كذلك؟
لحظة، هذا غير صحيح؟ آه، نعم، لأنه عكس الواقع تمامًا.
دعونا نُفكر للحظة...
من الذي يحتاج إلى البقاء مستيقظًا طوال الليل؟
حسنًا، ربما الأطباء في غرفة العمليات، أو رجال الإطفاء خلال حالة طوارئ، أو حتى كاتب يحاول إنهاء مقاله قبل الموعد النهائي.
لكن المراهقون؟ لماذا يحتاجون إلى قضاء الليل في الشوارع بدلًا من النوم والاستيقاظ بطاقة طبيعية؟
صحيح! لأنهم تحت تأثير إعلان يخبرهم أن السهر إنجاز، وأن النوم علامة ضعف، وأن الحل السحري في زجاجة مشروب تجعلك "سوبرمان" للحظات، قبل أن تتركك منهكًا في اليوم التالي، غير قادر على التركيز أو حتى البقاء مستيقظًا أثناء الحصة الأولى في المدرسة.
ما الذي كان يدور في ذهن صُنّاع هذا الإعلان؟
هل فكروا للحظة أن هناك شيئًا يسمى الصحة، وأن النوم ليس رفاهية، بل ضرورة؟
هل خطر ببالهم أن يحسبوا عدد المراهقين الذين سيعتقدون أن السهر شيء رائع، فيقررون جعل الكافيهات والشوارع منزلهم الجديد؟
هل تخيلوا عدد الطلاب الذين سيشعرون بالإرهاق طوال النهار، بسبب نصيحة قدمها لهم إعلان تجاري؟
ربما لا، لأن المهم هنا هو شيء واحد فقط: بيع المزيد من الزجاجات، وتحقيق المزيد من الأرباح!
إذا كان الهدف هو الترويج لمشروب طاقة، فهناك ألف طريقة لعرضه دون جعل الأرق إنجازًا يستحق الاحتفال، لكن عندما يتحول الإعلان إلى تحريض غير مباشر على السهر والتخلي عن النوم، فهنا المشكلة، لأننا لا نتحدث فقط عن مشروب، بل عن فكرة يتم زرعها في عقول الشباب، تجعلهم يعتقدون أن الراحة ضعف، وأن السهر هو سر النجاح.
لذلك، إن كنت تفكر في تجربة هذا المشروب لمجرد أنك رأيت إعلانًا مثيرًا.. فكر للحظة:
هل يستحق الأمر أن تضحّي بصحتك مقابل ساعات إضافية من الأرق؟
هل أنت متأكد أن هذا ما تحتاجه فعلًا، أم أنك فقط ضحية التسويق بالوهم؟
والأهم.. هل تريد أن تعيش يومك بكامل طاقتك، أم أن تتحول إلى شخص متعب يحاول فقط أن "يصمد"؟
في النهاية عزيزي القارئ، إن كنت ممن يفضلون النوم والاستيقاظ بطاقة طبيعية، فأنت على الطريق الصحيح، ولا تحتاج إلى زجاجة مشروب تخبرك أنك ضعيف لأنك تريد النوم.
أما إن كنت مصممًا على تجربة هذا “السحر الأحمر والأصفر”، لا تنسَ أن تخبرنا في اليوم التالي كيف شعرت، إذا كنت لا تزال قادرًا على إبقاء عينيك مفتوحتين!

الأكثر قراءة
-
متى رمضان 2025 في المغرب؟.. العد التنازلي للشهر الكريم
-
مسلسل العتاولة 2.. القنوات الناقلة وموعد عرض الحلقة الأولى في رمضان 2025
-
مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 28 فبراير 2025
-
مسلسل معاوية بن أبي سفيان.. موعد عرض الحلقة الأولى والقنوات الناقلة
-
موعد عرض الحلقة الأولى والقنوات الناقلة لمسلسل إش إش في رمضان 2025

مقالات ذات صلة
معاوية.. الفتنة على الشاشة في رمضان
27 فبراير 2025 07:32 م
رغوة العقاد الملكية
23 فبراير 2025 07:08 م
أكثر الكلمات انتشاراً