الجمعة، 14 مارس 2025

06:17 م

سوريا تعاني.. حفظ الله مصر وجيشها

ما يحدث في سوريا الآن يعزز كل النظريات المتعلقة بوجود مخططات سرية وقديمة لتفتيت الدول العربية الكبرى، وتفكيك جيوشها، لصالح قوة واحدة معروفة في المنطقة!

سوريا من البلدان العربية المحببة إلى قلبي، فشعبها طيب وشغول ومكافح، ومتى حل بأرض يعمل أبناؤه بدأب وصبر ويثبتون أنفسهم، لذا يحز في نفوسنا جميعاً ما تتعرض له الآن.

سوريا، اسم كبير لوطن عظيم يحمل تاريخاً مجيداً، فدمشق ذات يوم كانت عاصمة لإمبراطورية إسلامية امتدت من اسبانيا إلى حدود الصين إبان العصر الأموي، لكنها الآن تعاني بشدة، وتواجه خطراً حقيقياً داخلياً وإقليمياً ودولياً.

من الضروري أن ننتبه جيداً إلى ما يدور في سوريا، لأنها ليست منها ببعيدة، فقد شهد الساحل السوري تصعيداً غير مسبوق في أعمال العنف خلال الساعات الماضية..

وبكل واقعية من الصعب أن نقتنع بتطمينات الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع الذي علق على الأحداث بأنها كانت تحدياً متوقعاً، تجاوزته البلاد بأمان، فالوضع معقد ومخيف، ومن الصعب أن تراهن على وعي شعب يعاني فعلياً الانقسام والطائفية.

بشكل عام، الوضع معقد، وسوريا مقبلة على أيام صعبة، ومعظم أداوت اللعبة في أياد خارجية، ولا نملك حالياً سوى الدعاء والمشاهدة متألمين..

وحدث بلا حرج، عن خوف متزايد لدى الأقليات السورية من سلطة دينية متطرفة فرضت نفوذها على الدولة بعد عقود من حكم عائلة الأسد الفاشية، ليستجير الشعب السوري من الرمضاء بالنار!

لقد ارتكبت القيادة السورية الحالية خطأ فادحاً حين قررت بسذاجة منقطعة النظير تسريح أكثر من 170 ألف عسكري مدرب من أفراد الجيش السوري السابقين، دون أن توفر بدائل لهم، أو تحاول استقطابهم والاعتماد عليهم في تأمين البلاد..

الأمر الذي دفع الكثيرين منهم إلى الانضمام لجماعات مسلحة أو الدخول في دوامة عنف، وكأن المجموعة الحاكمة حالياً لم تتعلم من درس العراق حين تم تفكيك جيشه، فتحول ضباطه الخبراء الأكفاء المدربون إلى شوكة في ظهر البلاد، وقادوا أخطر جماعات التطرف في السنوات الأخيرة!.

الكل يعرف أن هناك قوى إقليمية لا يمكن أن تقبل بنتيجة الجولة الأولى، التي هزم فيها بشار الأسد وفر بليل مخفياً ذيله بين رجليه، وستحاول هذه القوى إعادة فرض نفوذها، أو على الأقل عدم السماح بسوريا قوية وموحدة ومستقرة!

هناك من يتحدث الآن عن تقسيم على أساس طائفي، فثمة أصوات تطالب بدولة درزية تحظي برعاية من إسرائيل، في ظل مخاوف الدروز من سيطرة التيار الإسلامي السلفي على سدة الحكم، وتشدد القادة الحاليين حيال سلوكيات أفراد الشعب السوري والتضييق على الحريات، في المظهر والجوهر، وكلها تصرفات تثير فزع شعب متحرر بطبعه!

وأصوات أخرى تطالب بدولة كردية تحظى بحماية أمريكا ودعم إسرائيل، وسيكون للعلويين نصيب بالتأكيد بدليل ما يحدث في الساحل السوري!

إجمالاً المشهد بالغ القتامة، وقد حذرنا من البداية حين صعد التيار المتشدد إلى الحكم، واستبدل نظام الاسد بميليشيات متنوعة الأعراق والجنسيات

 قلنا إن هذا لا يبشر بخير، لكن طغت فرحة مبررة بزوال حكم الأسد على النظرة الواقعية للأمور!

بشكل عام، الوضع معقد، وسوريا مقبلة على أيام صعبة، ومعظم أداوت اللعبة في أياد خارجية، ولا نملك حالياً سوى الدعاء والمشاهدة متألمين..

كل ما سبق مجرد مقدمة لما أود قوله، وهو أن مصر ليست بمأمن عن هذه المخططات، بل أن من البديهي أن نتخيل حجم المؤامرات التي تحاك لبلادنا، في ظل نجاتها من كل موجات الربيع العربي المشؤوم، بفضل جيشها وشعبها المتماسك الموحد..

من نعم الله على بلادنا أن أهلها من طينة واحدة، رغم أنها الكتلة السكانية الأكبر بين كل الدول العربية، فلا يوجد طوائف في مصر، مسلموها ومسيحيوها يندمجون ويعيشون سوياً، فلا يوجد مناطق مخصصة لهؤلاء أو لهؤلاء، محمد يسكن في الطابق الأول وجرجس في الثاني، وكلاهما أصدقاء من الطفولة، وأبناؤهما كذلك، فهذه مصر..

ومن نعم الله على بلادنا أن جيشها صمام أمانها، ومن صميم ترابها وشعبها، فلا ينتمي أفراده إلى فئة أو طائفة بعينها، بل يضم كل الأطياف، والمؤهلات والألوان والأديان..

جيش مصر عريق، تمتد جذروه إلى أعماق التاريخ، وجنوده أثبتوا كفاءة وصلابة منقطعة النظير بمعارك خاضوها داخلياً وخارجياً، فهم خير أجناد الأرض بالتاريخ وليس النص فقط..

حين نرى ما آلت إليه مصائر جيوش عظيمة مثل جيشي العراق وسوريا، ندرك الدور العظيم الذي قام به جيشنا في هذه المرحلة الفارقة، ونثمن انحيازه إلى شعبه في كل المواقف الصعبة، وندعو الله ان يحفظه لنا، ويحفظنا له، فبلد يسكنه شعب متوحد وجيش وطني لا يمكن أن يمسه سوء

search