السبت، 05 أكتوبر 2024

06:21 م

تغير "المواقف العتيقة".. حل الدولتين فرصة أم مناورة؟

مواطنين في غزه - ارشيفية

مواطنين في غزه - ارشيفية

ناجي أبو مغنم

A A

أثارت تصريحات وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن الأخيرة حول الاعتراف بدولة فلسطين دون مفاوضات، تساؤلات حول حقيقة ما إذا كانت هناك نية حقيقة لتفعيل تلك القرارات، أو لا تتخطى كونها “مناورة سياسية”، خصوصا وأن هذا الموقف كان مرفوضا عند الإدارة الأمريكية منذ عقود.

بلينكن لم يكن وحده من تطرق إلى ملف الدولتين، لكن بريطانيا أيضا كانت قد سبقته بتصريحات متقاربة، وقالت إنها تدرس وحلفاءها الاعتراف بدولة فلسطين "منزوعة السلاح"، وهو ما يسعى له رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 المفكر الإستراتيجي سمير فرج

قال المفكر الاستراتيجي، سمير فرج، إن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين يفكرون جديًا في حل أبدي للصراع بعيدًا عن المسكنات الدبلوماسية التي لطالما هدأت من روعة الأحداث قبل أن يشتعل فتيل الأزمة مجددا.

أضاف فرج، في تصريحات خاصة لـ"تليجراف مصر"، أن فلسطين رفضت من قبل الانضمام للأمم المتحدة طالما أن واشنطن ترفض الاعتراف الثنائي، ولكن التصريحات الأخيرة تشير إلى تغير في المواقف العتيقة والتي اضطرت لها إدارة بايدن بفعل الغضب الشعبي المحلي والدولي الذي تواجهه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وما تبعه من دعم أمريكي غير محدود لتل أبيب.

من وجهة نظره، يرى فرج أن إدارة بايدن ترى في الموقف الحالي فرصة سانحة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتبييض وجهها أمام العالم، موضحا أن إسرائيل فشلت عسكريا على الأرض في غزة وحتى لو نجحت فإن حل الدولتين هو الضمانة للسلام والاستقرار في المنطقة.

“حال قدرة بايدن على حل القضية الفلسطينية فإنه يكون بذلك قد حقق إنجازا سياسيا لم يقدر عليه كل من سبقه في البيت الأبيض، ما يعد ميزة نسبية له في الانتخابات الأمريكية المقبلة، والتي أظهرت المؤشرات تراجح حظوظه أمام ساكن البيت الأبيض السابق دونالد ترامب”، حسب فرج.

نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، كانت لها وجهة نظر مغايرة لما ساقها سمير فرج، موضحة أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تغير موقفها بسهولة في قضية حساسة مثل القضية الفلسطينية، كون ما يحرك الإدارة الأمريكية هو “اللوبي الصهيوني” الذي يلعب دورًا معقدًا في دوائر الحكم الأمريكية، لا يمكن لأي إدارة أمريكية أن تتجاهله.

اعتبرت "الشيخ" أن تلك التصريحات لا تخرج عن كونها مناورة سياسية، تهدف واشنطن من ورائها إلى الضغط على حكومة نتنياهو من أجل الاستجابة لبعض المطالب الأمريكية ومنها السماح بصرف المستحقات الخاصة بالسلطة الفلسطينية.

اعتبرت أستاذ العلوم السياسية أن قضايا الشرق الأوسط غير مؤثرة في أولويات الناخب الأمريكي الذي لا تشغله بنفس القدر الذي يمثله له القضايا التي تمسه بشكل مباشر مثل مستوى المعيشة ووضع الاقتصاد والهجرة وتسريح العاملين والعلاقات مع المكسيك والتعامل في أزمة تكساس، وجميعها أزمات فشل فيها بايدن ولم يديرها بشكل يحقق صالح المواطن الأمريكي.

حول المظاهرات الغاضبة التي عمت الشارع الأمريكي من الدعم اللامحدود لإسرائيل منذ بدء العدوان، قالت نورهان الشيخ، إن الإدارة الأمريكية لا تحركها العواطف التي حركت المتظاهرين إلى الشوارع، وبالتالي لن ترضخ لها، واللاعب الأكبر في اختيار رجل أمريكا الأول هو المجمع الانتخابي، وعدد المسلمين في أمريكا ملايين محدودة ولا يمثل كتلة ضغط على الإدارة الحاكمة.

بالنظر إلى دعم بايدن لإسرائيل والذي اعتبره البعض تعميقا للأزمة ودخوله طرفا فيها، أوضحت الشيخ، أن ترامب هو أكثر من أضر بالقضية الفلسطينية وقضى على أي بوادر للحل في ولاية حكمه الأولى، فهو صاحب قرار نقل سفارة واشنطن في إسرائيل إلى القدس المحتلة.

 الدكتور سعيد عكاشة، الخبير في الشأن الإسرائيلي

فيما وصف الخبير في الشأن الإسرائيلي، الدكتور سعيد عكاشة، التصريحات الأمريكية ومن قبلها البريطانية بأنها حجة أمريكية لتخفيف الضغط العالمي الواقع عليها بأنها شريكة في الحرب وداعم لتل أبيب من أجل ارتكاب الجرائم ضد مجنيي غزة.

قال عكاشة في حديثه لـ"تليجراف مصر"، إن دائرة الغضب على بايدن تتسع، بل وامتدت إلى الحزب الديمقراطي نفسه الذي ينتمي له بايدن، ولذا هذه التصريحات التي لا تعبر عن واقع السياسة الأمريكية وإنما جاءت لامتصاص موجات الغضب المتلاحقة.


أردف عكاشة، أن أمريكا تخوض معركة أخرى أكبر من حرب غزة وهي الصراع مع منافستها روسيا والصين، حيث تسعى واشنطن لتدعيم النظام الديمقراطي الدولي في حين أن بكين وموسكو تريدان إلغاء الوصاية على الدول الذي تفرضه أمريكا من خلال بعض المنظمات الحقوقية التي تتوكأ عليها أمريكا وحلفائها للتدخل في شئون الدول.

شدد الخبير في الشأن الإسرائيلي، على أن واشنطن وحلفاءها يريدون استمرار نفوذهم في المنطقة والذي تصدع في الفترة الأخيرة وبدأ يتهاوى لصالح المحور الشرقي، لذا فإنهم مضطرون عمليا لإنهاء الأزمة في فلسطين لأن تداعياتها لن تكون سهلة على المحور الغربي من حيث النفوذ.

أكد عكاشة أن حماس لن تقبل أبدا بدولة منزوعة السلاح، وقرار الحركة حينها سيكون خاطئا وسيكلفها كثيرا كما حدث خلال الأسابيع الماضية، إذ فقدت فلسطين عشرات الآلاف بين قتيل وجريح إلى جانب تدمير 80% من قطاع غزة، ومعارضتها لأي حل مثل هذا يكون بمثابة إعطاء شرعية لإسرائيل لمواصلة الحرب، والتحجج بأن هناك مقترح للسلام ورفضه الفلسطينيون، وكان يقضي بخلق سلطة فلسطينية جديدة قادرة على تولي زمام الأمور والسيطرة على مجريات الأحداث بدلا من أبو مازن.

search