الأربعاء، 19 مارس 2025

01:21 ص

وفاة الحويني.. وسلوك مشين من ابن "الداعية" وابنة "المثقف"

لم يمر خبر وفاة الداعية السلفي أبو إسحاق الحويني مرورا اعتياديًا على البعض، إذ شهدت منصات التواصل الاجتماعي حالة من التراشق، بين شماتة من نفر وغضب من آخر، وهناك من اكتفى بالمشاهدة متعجبًا مما يحدث، متسائلاً: “هل تبدّلت طباعنا كشعب يُجلّ الموت ويراعي حرمة الموتى، ولا يشمت فيهم؟!”. 

حاتم الحويني ابن الداعية الذي رحل عن عالمنا في الساعات الأخيرة بدأ هذا الاشتباك الذي لا يتناسب مع مظهره الديني، وتلحفه الدائم بالشريعة، حين كتب عقب وفاة الكاتب سيد القمني عام 2022 شامتًا "مات سيد القمني، فالحمد لله أن قطع أنفاسه، فقد كان يستهزئ بدين الله وسنة نبيه".

لا شك أن اللغة التي استخدمها الحويني الابن بغيضة ومستهجنة ولا تليق بإنسان، سواء كان متدينًا من عدمه، وما أثار استغرابي آنذاك، أنه شحن الكثيرين ممن يسيرون على دربه ويستهدون بآرائه، فسايروه في الشماتة ولعن المتوفى! 

وبعد ثلاث سنوات من وفاة القمني، لحق به الشيخ أبو إسحاق الحويني، لتجد ابنة الأول فرصة للرد على شماتة حاتم الحويني التي تركت في نفسها أثرًا غائرًا، حسبما عبّرت عبر صفحتها على فيسبوك، إذ كتبت عقب وفاة والده مباشرة "أخيرًا.. كنت مستنياها الحمد لله الذي قطع أنفاسك.. لروحك السلام والمرج والعاشر". 

ربما صدم معظمكم مثلي عند قراءة هذه الكلمات، فابن الداعية، وابنة العلماني ينحدران من أبوين يفترض أنهما يمثلان قيماً ذات صلة بالسماحة، بغضّ النظر عن كون الأول يقف في أقصى اليمين الديني، والأخير يقف في أقصى اليسار. ومع ذلك تراشقا وتبادلا كلمات شامتة قاسية تتجاوز القيم والأخلاق المتعارف عليها، وهذا يعكس لنا حجم النفاق لدى كثيرين يرفعون ظاهرياً رايات التسامح، فيما يخفون الخناجر وراء ظهورهم! 

الشيخ أبو إسحاق الحويني له مريدون كثيرون في مجتمع يحتكم إلى الدين في كل مناحي حياته، ويقدّر رجالاته لدرجة تصل إلى التقديس في بعض الأحيان، لكن الراحل نفسه اعتذر أثناء حياته عن فتاوى أدلى بها، واعترف بأنه لم يكن على درجة كافية من فهم الدين ليدلي بدلوه في مسائل فقهية تبعه فيها الآلاف وربما أكثر! هو الآن بين يدي خالقه، وليس له منا سوى الدعاء بالرحمة، بغضّ النظر عن اتفاقنا مع المدرسة الدينية التي ينتمي إليها أو اختلافنا معها، وظننا أنها ترسخ التطرف وتحتكر الحديث باسم الله. 

أنا لست بصدد الحكم على أحد، فكل نفس بما كسبت رهينة، لكن لعلني مثلكم منزعج من حالة التطرف، التي تصل إلى درجة الشماتة في الموت، وأتمنى أن ننأى بأنفسنا عن ذلك، لأنه يعكس قدراً كبيراً من التدني ووضاعة النفس! 

لقد أفرزت شبكات التواصل الاجتماعي - بكل أسف- أسوأ ما في البشر، وكشفت تدني أخلاق الأكثرين، خصوصاً عند الخصومة، أو لمجرد الاختلاف على غرار هذه الحالة التي أثبتت أن التدين أو الثقافة ربما يكونا مجرد قناع لوجه بالغ القبح!

search