الجمعة، 22 نوفمبر 2024

08:58 م

"آمال منكسرة".. كيف تحول الحلم الأمريكي إلى كابوس؟

الحلم الأمريكي انقلب إلى كابوس يدفع الناس للنظر إلى بلدان أخرى لتحقيق آمالهم - صورة تعبيرية

الحلم الأمريكي انقلب إلى كابوس يدفع الناس للنظر إلى بلدان أخرى لتحقيق آمالهم - صورة تعبيرية

أحمد سعد قاسم

A A

الهجرة إلى أمريكا عادة حلم يطارد الملايين حول العالم، فهي تمثل فرصة لحياة أفضل ومستقبل يملؤه الطموح والأحلام. 

ولكن بينما يبحث كثيرون عن الفرصة للوصول إلى بلاد العم سام، تعيش الولايات المتحدة الأمريكية اليوم إحدى أسوأ الكوارث، إن لم يكن أسوأها على الإطلاق، وهي "الهجرة العكسية".

تكابد أمريكا أزمات كبرى، أثقلتها الديون التي وصلت إلى مستويات مرتفعة تتجاوز 7 تريليونات دولار، وبسبب هذه الأزمات، ارتفعت تكاليف المعيشة فيها أكثر مما كانت عليه في السابق.

تحولت من أرض الأحلام إلى طاردة حتى لسكانها، ليبدو أن الحلم الأمريكي انقلب إلى كابوس يدفع الناس للنظر إلى بلدان أخرى لتحقيق آمالهم.

أكثر تشاؤمًا

وفقا لتقرير نشرته شبكة "إن بي سي نيوز" في 21 نوفمبر الماضي، أصبح الناخبون الأمريكيون أكثر تشاؤمًا بشأن المستقبل، وخلال استطلاع أجرته الشبكة انخفضت نسبة المتفائلين، وأكد 19٪ من المشاركين أنهم يشعرون بالثقة في أن حياة أطفالهم ستكون أفضل من حياتهم، وهذا هو أدنى مستوى تم سجله الاستطلاع حول هذا السؤال المتكرر منذ عام 1989.

وفي استطلاع رأي آخر أجرته الشبكة في سبتمبر من العام نفسه، أعرب 73٪ من الناخبين عن اعتقادهم بأن أمريكا تسير في الاتجاه الخاطئ، وهذا هو الاستطلاع الثالث على التوالي الذي يؤكد النتيجة نفسها، ما يشير إلى تزايد التوتر والقلق بين المواطنين الأمريكيين.

وحسب الخبير في استطلاعات الرأي الديمقراطي جيف هورويت، فإنه لم يشهد هذا المستوى المستمر من التشاؤم منذ تاريخ استطلاعات شبكة “إن بي سي” الذي يعود إلى عام 1989.

بالعودة إلى شهر يناير، كشف استطلاع آخر أجرته الشبكة أن 69٪ من البالغين يستخدمون كلمات سلبية مثل "انحدار" و"كارثة" لوصف مسار البلاد خلال العام المقبل. 

وتشير الاستطلاعات الأخيرة إلى تضاؤل الشعور بالثقة في الحلم الأمريكي، ويتدفق بعض المواطنين الأمريكيين إلى بلدان أجنبية بحثًا عن المزيد من القدرة على تحمل التكاليف والعيش بمرونة أكبر مما يشهدونه في الولايات المتحدة.

كيف أصبح "الحلم" مغادرة أمريكا؟

أقل من النصف

وفقًا لدراسات استقصائية أخيرة، تظهر مخاوف حقيقية بشأن تراجع الحلم الأمريكي أو حتى اختفائه بالفعل، وفي استطلاع أجرته “وول ستريت جورنال” و"NORC" في أكتوبر الماضي، أكد فقط 36٪ من المشاركين أن الحلم الأمريكي - الذي تم تعريفه في هذه الحالة بأنه "إذا عملت بجد فسوف تتقدم" - لا يزال صحيحًا.

من ناحية أخرى، يكافح الأمريكيون الأصغر سنا إلى ارتقاء سلم الإسكان، ويتزايد تشاؤم الأمريكيين بشأن الفرص التي ستكون متاحة للجيل المقبل، وفي الوقت نفسه، فإن الفرص التي يوفرها العمل عن بعد وأنماط حياة المغتربين التي تنعكس في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي دفعت بعض الأمريكيين إلى التفكير في الحياة خارج أمريكا.

وجاء في استطلاعات رأي أجرتها مؤسسة غالوب، أخيرًا، أن نحو 15% من الأمريكيين يريدون مغادرة البلاد بشكل دائم.

9 ملايين مهاجر

اعتبارا من عام 2020، قدرت وزارة الخارجية الأمريكية أن 9 ملايين مواطن أمريكي يعيشون في الخارج، ولكن لم تعد الوكالة تقدم هذه التقديرات، ولا يطلب من المواطنين الأمريكيين تسجيل سفرهم لدى الوزارة، وقال المتحدث الرسمي للوزارة في تصريحات نشرها موقع Axios إن الوكالة لا تريد تقديم أرقام قد تكون غير دقيقة.

وأصبح الوصول إلى العالم خارج الولايات المتحدة للأجيال الشابة من الأمريكيين أكثر سهولة وربما أكثر جاذبية، وتقدم عشرات الدول الآن "مسار تأشيرة يُمكن العاملين عن بعد من الإقامة بشكل قانوني في البلد المضيف لمدة عام إضافي في ظل ظروف معينة"، وفقا لما ذكره موقع "ليكسيدي".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها “TikTok”، يوثق بعض الأمريكيين حياتهم الجديدة خارج الولايات المتحدة بينما يعبرون عن المواقف المتغيرة بشأن الحلم الأمريكي.

 ارتفاع تكاليف المعيشة بالولايات المتحدة أحد الأسباب الرئيسية للهجرة

دون ديون

في مقابلة أجراها موقع “إكسيوس” مع جي بي ستونستريت وأميليا باسيستا وهما مغتربان أمريكيان متزوجان، قال ستونستريت “لم تعد أمريكا هي الحلم الآن”. 

وغادر جي بي مع زوجته أميليا ولاية كولورادو الأمريكية للانتقال إلى الإكوادور في عام 2017، وهم يديران الآن مشروعًا تجاريًا لمساعدة الأشخاص على العيش في الخارج وكسب الدخل عبر الإنترنت.

وقال ستونستريت، إن ارتفاع تكاليف المعيشة في الولايات المتحدة كانت أحد الأسباب الرئيسية التي جعلتهم يفكرون بالهجرة.

قال "ستونستريت وباسيستا" إنهما شهدا زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يفكرون ويتخذون قرار الهجرة، ومعظم متابعيهم عبر الإنترنت هم أشخاص يقتربون من التقاعد أو على وشك التقاعد ويدركون أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف العيش في الولايات المتحدة بعد الآن ويسعون إلى الحصول على نوعية حياة أعلى مقابل تكلفة معيشة أقل في مكان آخر.

على الرغم من أن الاثنين كانا غارقين في الديون الطبية وقروض الطلاب وديون بطاقات الائتمان قبل مغادرة الولايات المتحدة، فإن الزوجين أصبحا الآن خاليين من الديون منذ انتقالها إلى الإكوادور.

أين يتجه الأمريكي المهاجر؟

والمكسيك هي الوجهة الأولى التي ينتقل إليها الأمريكيون، ويوجد حاليًا ما يقرب من 800 ألف مغترب أمريكي في المكسيك، وهو رقم أعلى من أي وقت مضى، ويعد المهنيون الشباب والخريجون الجدد هم المجموعة الأكبر التي تهاجر إلى هناك.

وتستضيف كندا ثاني أكبر عدد من الأمريكيين في الخارج، لقربها من الولايات المتحدة، ويفضل 40% من الأمريكيين الهجرة إلى كندا وأمريكا الوسطى والجنوبية، و26% منهم ينتقلون إلى أوروبا. 

ويتوجه 14% منهم إلى شرق آسيا والمحيط الهادئ، مثل أستراليا ونيوزيلندا وكذلك الصين واليابان، و14% إلى الشرق الأوسط. 3% يسافرون إلى وسط أو جنوب آسيا، و3% يختارون أفريقيا.

search