السبت، 05 أكتوبر 2024

11:52 ص

مبادرة الـ50 مليار.. هل تعزّز مناعة قطاع السياحة؟

معبد أبو سمبل

معبد أبو سمبل

ولاء عدلان

A A

تعتزم الحكومة خلال الفترة المقبلة الكشف عن تفاصيل مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه لدعم قطاع السياحة ضمن جهودها لتعزيز مرونته في مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، في وقت تعاني مصر تراجعًا في احتياطي النقد الأجنبي بالتزامن مع فجوة تمويلية تتجاوز 6 مليارات دولار.


عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة، مجدي صادق، قال إن المبادرة تأتي في إطار حرص الحكومة على دعم قطاع السياحة الحيوي الذي تصل نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 15%، ويُعد واحدًا من أهم مصادر النقد الأجنبي للخزينة العامة للدولة.

أهم المطالب

وأوضح صادق أن المبادرة لكي تكون فعّالة فإنها بحاجة إلى شروط أكثر مرونة تحديدًا لتدعم أكبر عدد ممكن من الشركات العاملة في القطاع، مضيفًا أن شركات السياحة في الوقت الحالي لا تتلقى أي دعم حكومي، وأهم ما تحتاجه هو المزيد من الحوافز والتسهيلات الحكومية لزيادة استثماراتها وبالتبعية زيادة الإيرادات السياحية سواء للشركات أو للدولة عمومًا.
واقترح صادق أن تتوسع الحكومة في منح ومد الإعفاءات الجمركية والضريبية لشركات السياحة لمدة تصل إلى 5 سنوات، مع السماح لهذه الشركات بالحصول على قروض بفائدة متناقصة بضمان رخصتها أو رخصة الفنادق التي تمتلكها حتى تتمكن من مواجهة أزمة ارتفاع التكاليف وتحقيق أرباح جيدة.
كما اقترح أن تدعم الحكومة شركات السياحة عبر تخفيف قيود استيراد حافلات النقل السياحي كأن تسمح باستيراد موديلات تعود لخمس سنوات سابقة للعام الحالي، بما يمكِّن هذه الشركات من تحديث أسطولها بتكلفة مقبولة لا تؤثر في ربحيتها، لا سيما في ظل استمرار أزمة ارتفاع الأسعار محليًا وعالميًا. 
وأشارت نائبة وزير السياحة والآثار، غادة شلبي، في تصريحات سابقة، إلى أن الوزارة ستعلن قريبًا تفاصيل مبادرة الـ50 مليار جنيه التي أعلنتها الحكومة للمرة الأولى نهاية العام الماضي، موضحة أن المبادرة تستهدف بشكل أساسي تمويل الاستثمارات في الغرف الفندقية، إذ تأتي ضمن جهود الوزارة لزيادة أعداد السائحين بنسبة تتراوح بين 25% و30% سنويًا.

سائحون في معبد "فيلة"

تأثير حرب غزة

ورغم التحديات الناجمة عن حرب غزة، أبدى صادق تفاؤله بشأن قدرة قطاع السياحة على تجاوز الأزمة حتى إن تأثر قليلًا باستمرار الحرب، موضحًا أن القطاع سبق أن تمكّن من التعافي من جائحة كورونا وتداعيات حرب أوكرانيا بفضل ما تملكه مصر من مقومات سياحية متفردة وجهود وزارة السياحة لجذب المزيد من السائحين والتعريف بالمقاصد السياحية المتنوعة التي تزخر بها الدولة.
على النقيض، قال الخبير الاقتصادي، خالد الشافعي، إن استمرار حرب غزة والتصعيد الأمني الراهن في مياه البحر الأحمر أمور من شأنها التأثير في عائدات قناة السويس والسياحة خلال العام الحالي، الأمر الذي سيترجم في النهاية إلى مزيد من الضغوط على المالية العامة للدولة وعائداتها الدولارية.
وشدّد على أن قطاع السياحة يحتاج إلى تعزيز قدرته على مواجهة هذه التحديات عبر خطط دعم أكثر مرونة تتضمن حوافز يأتي في مقدمتها حزمة إعفاءات ضريبية تسهم في تنشيط القطاع وتعزيز قدرته على جذب الاستثمارات.
وفي نوفبر 2023، خفّضت وكالة “فيتش” تصنيف مصر الائتماني إلى الدرجة –B من B، وقالت في حيثيات قرارها إن حرب غزة تشكّل مخاطر سلبية كبيرة على إيرادات السياحة وأداء الاقتصاد المصري عمومًا، وبحسب الخبير السياحي، أحمد الطيبي، فإن الأثر الحقيقي للتصعيد الأمني في غزة والبحر الأحمر ستعكسه أرقام السياحة خلال الفترة من مارس إلى مايو المقبلين، باعتبارها من أشهر الذروة في الموسم السياحي.

مبادرة إيجابية

وأضاف الطيبي أن معدلات التشغيل الفندقي في منطقة البحر الأحمر حاليًا منخفضة بشدة سواء نتيجة المخاطر الأمنية أو طبيعة هذه الأشهر من العام والتي لا تمثل ذروة الطلب السياحي، وفي العموم من المتوقع أن يتأثر أداء القطاع على مدار العام وربما يجد صعوبة في تحقق إيراداته المسجلة خلال العام المالي الماضي البالغة نحو 13.6 مليار دولار، حال استمرار حرب غزة لنهاية 2024.
وتابع أن السائح الأجنبي تحديدًا ينظر إلى مصر على أنها جزء من منطقة الشرق الأوسط الساخنة، ويربط بيها وبين حرب غزة، وارتفاع الخطر الأمني نتيجة للحدود المشتركة، بالتالي من الصعب أن نتجنب تأثير هذه الحرب، وهنا تأتي أهمية تسريع الحكومة في تفعيل مبادرة الـ50 مليار جنيه التي أعلنت عنها لأول مرة نهاية 2023، لدعم السياحة التي فاقت إيراداتها في العام المالي الماضي قناة السويس، إذ بلغت إيرادات الأخيرة نحو 10.7 مليار دولار. 
وأضاف أن أموال هذه المبادرة ستذهب بشكل أساسي لزيادة عدد الغرف الفندقية بواقع 25 ألف غرفة إضافية خلال العام الحالي، وذلك ضمن خطة الدولة للوصول بعائدات السياحة إلى 30 مليار دولار بحلول 2028، مشيرًا إلى أن جزءًا من الـ50 مليار جنيه يجب أن يُخصّص أيضًا لإعادة استغلال الغرف الفندقية المغلقة وتطوير الغرف الحالية.

تعزيز المرونة

وأشار الطيبي إلى أن المبادرة عمومًا تعد خطوة إيجابية يجب البناء عليها لدعم السياحة باعتبارها قطاع مرتفع الإنتاجية ووثيق الصلة بكافة قطاعات الاقتصاد سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالتالي فإن تعزيز مرونتها في مواجهة التحديات سينعكس إيجابًا على الاقتصاد ككل. 
بحسب تقديرات الحكومة، تساهم كل 15 ألف غرفة فندقية جديدة في توفير نحو 45 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتحقيق ضرائب تتراوح بين 3 و4 مليار جنيه عقب بداية تشغيل الغرف.

search