الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:45 م

بين كلمة حق وخضوع.. صحفيو المؤسسات الدولية مهددون بسبب فلسطين

مؤسسة "بي بي سي " البريطانية

مؤسسة "بي بي سي " البريطانية

ميار مختار

A A

تاريخ طويل للمؤسسات الإعلامية الدولية، في دعم دولة الاحتلال، على رأسها الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، التي تكرس جهدها للترويج لروايات إسرائيل الكاذبة، على حساب الحق الفلسطيني.

وانعكست السياسات التحريرية لإذاعة “بي بي سي” على الصحفيين الذين يعملون بالمؤسسة، وهو ما ظهر جليًا في الفصل التعسفي الذي تعرضوا له.

التحقيق مع سالي نبيل

الصحفية سالي نبيل، التي تعمل لدى الإذاعةالبريطانية وشبكة "بي بي سي"، أُحيلت نوفمبر الجاري للتحقيق للمرة الثانية خلال شهور، وهُددت بالإيقاف عن العمل، على إثر اتهامات بمخالفة قواعد “بي بي سي”، الخاصة بسلوك الصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

كانت صحيفية تليجراف البريطانية، قد نشرت مقالًا يحمل مضمونه معاداة للسامية - وفق بي بي سي - وتفاعلت سالي نبيل مع المقال على موقع “إكس” من خلال عمل إشارة إعجاب، فقررت الإذاعة البريطانية إحالتها للتحقيق.

رسالة إعلامية تحذيرية

سبق وأن حذرت المؤسسة البريطانية العاملين بها منذ اندلاع الحرب على القطاع المحاصر، بشأن سلوك بعض الصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفته بأنه لا يتماشى مع المبادئ التوجيهية التحريرية لها، وقالت "نحن بحاجة إلى أن نكون محايدين في جميع الصراعات"، كما توعدت باستبعاد بعض الموظفين إن لم يتم الالتزام بموقف المؤسسة.

نقابة الصحفيين تدين الواقعة

وبدورها أدانت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصريين، إحالة سالي نبيل للتحقيق، مؤكدة على تضامنها الكامل معها، ومعتبرة أن ما يجرى يمثل استهدافًا من جانب المؤسسة للصحفيين العرب. وشددت اللجنة على أن تكرار إحالة الزميلة للتحقيق، والذي سبقته إحالة زملاء آخرين لنفس السبب مع بداية العدوان الصهيوني، فضلًا عن تغطيتها غير المهنية، والمنحازة تكشف أن انحيازها للعدوان الصهيوني، وأنها تحولت لأداة في يد آلة الحرب الإسرائيلية".

كما شددت اللجنة على أن ما جرى يعد اعتداءً على الحق في التعبير عن الرأي، ويكشف ازدواجية معايير هيئة الإذاعة البريطانية.

النقيب ورد "بي بي سي"

نقيب الصحفيين الحالي، قال إن تحويل الصحفية العاملة بالمؤسسة البريطانية، لا يعني أبدًا إمكانية اتخاذ قرار ضدها بالفصل، مؤكدًا أن النقابة تتصدى للأمر. 

وفي تصريح لـ"تليجراف مصر"، رد البلشي، على سؤال حول مدى إمكانية فصلها نهائيًا، قائلًا إن الفصل بشكل كلي وتعسفي لإحدى أفراد طاقم المؤسسة الإعلامية، يمثل حجرًا على الآراء الشخصية خارج نطاق العمل.

وبدوره، قال المتحدث باسم "بي بي سي" في بيان، إن الإدارة تحقق في المسألة، وإنهم "يأخذون اتهامات انتهاك إرشادات التحرير ووسائل التواصل الاجتماعي على محمل الجد، وإذا تبين وجود انتهاكات ستُتخذ إجراءات، بما في ذلك اتخاذ إجراءات تأديبية".

تاريخ من الفصل التعسفي

ولطالما عرض انتقاد دولة الاحتلال الصحفيين في الإعلام الغربي، للمُساءلة التي تصل في معظم الأحيان إلى حدّ الفصل من العمل وقطع الرزق، وهو ما حدث بالفعل في صحيفة "الغارديان" البريطانية، عندما فصلت الرسام الكاريكاتير ستيف بيل، بعد 40 عامًا عمل معها، بسبب انتقاده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورسم له كاريكاتير، اعتبرته إدارة الصحيفة مسيئاً، ووجهت له تهمة معاداة السامية.

إعلام غربي منحاز

وفي هذا الإطار، قال أستاذ العلوم السياسية، سعيد صادق، إن تاريخ الإعلام الغربي تجاه القضية الفلسطينية، متحيز منذ اللحظات الأولى للجانب الإسرائيلي، ويدعمه علنًا ويتبنى روايته للتخديم على موقفه، ضاربًا بقواعد الحيادية وشرف المهنة وأخلاقياتها عرض الحائط، ومتناسيًا الدور الصحفي والإعلامي في نقل وإيصال صوت المقهورين في الأرض وتلبية مصالح الشعب.

صادق رأى أن فصل مؤسسة للعاملين بها، ليس بالجديد، فأي مؤسسة مُسيسة ستقوم بالفعل نفسه، متابعًا "فما بالنا بمؤسسة تابعة لدولة هي من تسببت في هذا العبث منذ اللحظات الأولى ونفذت وعدًا بما لا تملكه لمن لا يستحقونه!".

أنفاق تحت المعمداني

تبنت "بي بي سي" الرواية الإسرائيلية القائلة إن هناك أنفاقًا أسفل مستشفى المعمداني، صرحت المؤسسة البريطانية بأنه من المحتمل أن يكون لدى حماس أنفاق تحت المباني المدنية مثل المدارس، والمستشفيات، والمناطق السكنية، ما يمنح الجيش الإسرائيلي ميزة الشك المبرر عندما يتعلق الأمر بقصف مثل هذه الأهداف.

وأتى هذا التصريح على منصات شبكة بي بي سي الإعلامية المختلفة قبل يوم فقط من القصف الفعلي لمستشفى الأهلي المعمداني في غزة من قِبَل قوات الجيش الإسرائيلي، فيما رأت المؤسسة، أنها تقوم بالدور التحليلي الطبيعي لأي وكالة أخبار في تغطية الأحداث.

وتقدم مراسل "بي بي سي" في شمال أفريقيا، الصحفي التونسي بسام بونني، باستقالته مع بدء الأحداث في غزة، ونشر تغريدة عبر موقع التواصل إكس (تويتر سابقًا) قائلًا "تقدّمت صباح اليوم باستقالتي من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لما يُحتّمه عليَّ الضمير المهني".

6 صحفيين آخرين

لم تكن سالي، الوحيدة التي أحيلت للتحقيق، حيث سبقها 6 صحفيين آخرين، بينهم محمود شليب، وسلمى الخطاب، وآية حسام (صحفية مستقلة) في  القاهرة، وسناء الخوري، وندى عبد الصمد من لبنان، وتواجدت تلك الأسماء أيضًا كأعضاء في اللجنة الممثلة للعاملين في مكتب "بي بي سي" القاهرة للتفاوض مع الإدارة في أزمة زيادة المرتبات التي استمرت لأشهر، بالإضافة إلى الصحفي في القسم الرياضي بمكتب القاهرة عمرو فكري.

وقفة للحقوق المالية

إحالة الصحفيين للتحقيق، تأتي بعدما دخل العاملون في إضراب بمكتب المؤسسة البريطانية، للمطالبة بزيادة الأجور، وتحديدًا في 19 يوليو الماضي، حيث أنهى صحفيو مكتب الهيئة، في القاهرة إضرابهم عن العمل، الذي استمر ثلاثة أيام احتجاجًا علي سياسات مالية، وصفوها بالـ"تمييزية"، مطالبين بزيادة رواتبهم بما يتوافق مع ارتفاع تكاليف المعيشة في مصر.

سب جمال عبد الناصر

تدخلت "بي بي سي" في الأزمات التي مرت بها الدولة المصرية، وخير مثال هو رد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قديمًا على هيئة الإذاعة البريطانية في الاحتفال بعيد النصر السادس ببورسعيد، بشأن اعتياد سب الهيئة له.

 قال عبد الناصر في خطابه: "هيئة الإذاعة البريطانية بتقول إن جمال عبد الناصر كلب مثلًا، زي ما قالوا، بنقول لهم وأنتم ولاد ستين كلب".

search