الجمعة، 22 نوفمبر 2024

10:46 ص

"الرجال لا يبكون".. يموتون بالجلطة

بكاء الرجال

بكاء الرجال

إسراء عبدالفتاح

A A

"لأ، مش أنا اللي أبكي، ولا أنا اللي أشكي".. بصوت مشحون بالكبرياء، يدندن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، في أغنيته، في تعبير دقيق عن ثقافة تقضي بأن "الرجال" لا يبكون، وتحكم بالضعف على الواحد منهم إن تسربت دموعه، وقد تجعله مثار سخرية الآخرين.

ربط البكاء بالمرأة أمر شائع في أغلب الثقافات، ففي العربية، على سبيل المثال، الربط شائع منذ مقولة عائشة الحرة، لابنها آخر ملوك الأندلس "ابكِ كالنساء مُلكا لم تحافظ عليه كالرجال"، وحتى جملة محمد رمضان في "موسى": "الراجل مايبكيش كيف الحريم".

ابكِ كالنساء مُلكا لم تحافظ عليه كالرجال

50 دقيقة بكاء سنويًّا

في دراسة أجريت في جامعة تيلبورغ، في هولندا، تم نشرها فبراير الماضي، رصد أستاذ علم النفس البروفيسور أد فينغرهويتس، أن الرجال يبكون من 6 لـ17 مرة في السنة الواحدة، مقابل 30 - 64 مرة للمرأة.

الدراسة التي أجريت بناء على استطلاع رأي أكثر من 5 آلاف شخص من 37 دولة، قالت إن الرجل يبكي في المرة الواحدة ما بين دقيقتين لثلاثة فقط، بينما تتجاوز المرأة 6 دقائق.

جلطة وغيبوبة

الشاب الثلاثيني خالد عبد الفتاح، حكى تفاصيل تعرضه لأزمة قلبية نتيجة عدم بكائه بعد وفاة والدته، مؤكدًا أنه تلقى خبر الوفاة وظل في صدمة لمدة تجاوزت الـ6 ساعات، وعندما بدأ في تنفيس مشاعره من خلال البكاء، صفعه والده المسن على وجهه "الراجل مابيعيطش".

"دخلت إلى غرفتي في صدمة أكبر بسبب صفع والدي وبسبب وفاة والدتي"، يحكي خالد "ورحتُ في النوم، لأستيقظ بعد 3 أيام في المستشفى، فقد  تعرضت لأزمة قلبية، أدت إلى غيبوبة مؤقتة".

مشاعر تتبلد

العشريني عبداللطيف محمد، قال إنه نشأ على عدم البكاء، وعندما يتعرض لموقف يستدعي البكاء أثناء وجوده في المرحلة الدراسية تنهمر دموعه، فيبدأ زملاؤه في التنمر عليه ووصمه بأنه "مش راجل".

وتابع "منذ المرحلة الثانوية، صرتُ كلما تعرضت لأزمة نفسية أو ضغط عصبي، لا أفكر في البكاء لأنني أتذكر تنمر الطفولة، بل ألجأ لتكسير الأشياء من حولي، حتى وصلت لمرحلة من تبلد المشاعر، فلا أستطع البكاء مطلقا". 

العلاج بالبكاء

أستاذ الطب النفسي، جمال فرويز، يصف البكاء بأنه "شيء طبيعي وفطري خلقنا الله عليه، ولا بد أن يكون متنفس الإنسان إذا تعرض لأزمة"، ناصحًا الآباء والأمهات باحتواء أبنائهم إذا أقبلوا على البكاء، دون توبيخ أو لوم أو وصم.

استشاري أمراض القلب، أحمد وجيه، حذر مما وصفه بـ"كبت الرجال"، بإجبارهم على عدم البكاء، لافتًا إلى أنه قد يتعرض شخص لـ"متلازمة كسر القلب"، بسبب الحزن، والتي بالضرورة تؤدي إلى أزمات قلبية، وتؤثر على الجهاز العصبي، فيصير عرضة للإصابة بالجلطات، والسكتات الدماغية.

"بكاء الرجال يمكن أن يساعدهم في تفريغ الشحنات التي بالضرورة تساعده في تخطي الأزمات النفسية التي يمر بها وجعله يشعر بحالة أفضل"، كما يقول وجيه، مضيفا لـ"تليجراف مصر": يجب على الرجل البكاء، دون الخوف من نظرة المجتمع.

search