أحب المرأة .. لكن ربنا يستر!
"أنا أحب وأحترم المرأة كثيراً" .. يا لها من مقدمة عبثية دفاعية كلاسيكية، تعكس أن ما سيأتي لاحقاً لن يكون لمصلحة الجنس الناعم!
يسيطر علي سؤال وجودي، لماذا يحتفل الكوكب باليوم العالمي للمرأة 8 مارس، ولا يحتفل بيوم للرجل؟!
أعرف أن هناك دولة لا يعرفها سوى جيرانها تقريباً هي "ترينداد وتوباجو" أطلقت ذات يوم مبادرة خجولة لم يهتم بها أحد للاحتفال باليوم العالمي للرجل!
لذا لا أفهم، هل يبالغ العالم في تقدير المرأة على حساب الرجل، أم أن تخصيص يوم واحد للاحتفال بها، يمنح الذكور بقية ايام العام؟
بشكل عام سأتحدث بقدر محدود من الشجاعة، لأن المساس بالمرأة تحول إلى سلوك أقرب لمعاداة السامية!
اسمحوا لي أن أنقل لكم حواراً دار مع صديقة أوربية في هذا الشأن لأن لها وجهة نظر جديرة بالتأمل في ظل قضائها فترة طويلة من عمرها في دول عربية:
تقول إن النساء الأوربيات اعتدن مشاركة الرجل في سوق العمل منذ عقود طويلة، ومن ثم حصلن على حقوق متساوية تقريباً، ولم يعد هناك أي قدر من التمييز، فلا يمكن أن تتعرض الفتاة للتضييق بأي مرحلة من عمرها، أو يتم التفرقة بينها وبين أخيها في المعاملة، ومن ثم تحظى بالاستقلالية الكاملة منذ الصغر!
وتضيف أن هذه المساواة غير المنصفة ارتدت عكساً على النساء، إذ فرضت عليهن النجاح في الدراسة والعمل والحفاظ على رشاقتهن وجمالهن، وصحتهن، ثم الاعتناء بالأطفال ورعاية الازواج كذلك، ومن ثم فهن يلعنّ فعلياً الآن اليوم العالمي للمرأة، لأنه رسخ حقوقاً متساوية، فيما كن بالماضي يعتمدن في كثير من الأمور على الرجال، لكنهن يتقبلن الأمر الواقع بإيجابياته وسلبياته..
أما في المنطقة العربية والشرق والأوسط، فترى أن الوضع مختلف كلياً، إذ أن الحديث عن حقوق المرأة حديث نسبياً، وهناك استغلال سيء لهذه القضية، فكثير من النساء يتعالين بشكل غير مبرر، ويطلبن الشيء ونقيضه، ففي حين تصر على مساواتها بالرجل، تستنكر سلوكه لو لم يهب لها واقفاً في المواصلات العامة!
تعمل المرأة في كثير من المجتمعات العربية - خصوصاً الغنية- لكن ترفع شعاري ما أجنيه لنفسي فقط، لكن زوجي ملزم بالإنفاق على المنزل والسفر والترفيه والمجوهرات والخادمة!!
- بالمناسبة الشرع يرسخ هذا الحق-
وتتابع صديقتنا أن غالبية النساء اللاتي يتحدثن دائماً عن المساواة يرفعن شعار ضرورة معاملة المرأة بقدرة ما تحتمل أنوثتها، لكن في الوقت نفسه يتحتم أن تحظى بكل مكتسبات الرجل، عازية ذلك إلى طبيعة المجتمعات التي ترسخ التفرقة بين النوعين، وتغرز أخلاقيات وقيم خاطئة، ما يجعل المرأة تعمل في بعض هذه المجتمعات من أجل المال فقط، وتحقق كثيراً من أحلامها بالزواج واقتناء أغلى الماركات، دون أن تطور ذاتها عملياً وتتعمق في طبيعة الدور الجوهري لها في الحياة!
ما سبق مجرد وجهة نظر تحتمل الخطأ والصواب، وأنا شخصياً أرى ضرورة التفرقة بين المرأة المصرية والعربية المكافحة التي تتحمل مسؤولية أسرتها بكل صبر وتفاني، وتؤدي في كثير من الأحيان دور الرجل المتخاذل المتكاسل، وبين فئة بعينها من النساء تغالي في الحديث عن المساواة رغم ما يمتلكنه فعلياً من مكاسب، سواء بشغل وظائف مرموقة وتصعيدهن سياسياً واجتماعياً لمجرد تحقيق الكوتة!
"وراء كل رجل عظيم امرأة" لا أدري صراحة من صاحب هذا الشعار، والغريب في الأمر أن رائدات الحقوق النسوية "الفيمنستس" يعترضن بكل صرامة على ذلك، كون الشعار يعزز موقع المرأة في الوراء وليس في المقدمة، على الرغم من أنني أراه غير منصف للرجال، فكثير من معشرنا حققوا نجاحات بجهود ذاتية، لم يكن وراءها امرأة عظيمة أو متواضعة أو أي شخص آخر، لكنه في النهاية يأتي ضمن قائمة طويلة من المقولات التي شوهت عقولنا وضمائرنا وقناعاتنا!
لقد كتبت صديقة عبر حسابها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة "وراء كل امرأة عظيمة نفسها، ونساء كافحن لترسيخ هذا الحق" دون أي إشارة إلى أنه ربما يقف بالصدفة خلفها رجل بائس مكافح يؤمن بقدراتها ولو كان مجرد درجة في سلم عظمتها.
ومع ذلك أحترم وجهة نظرها في أن المرأة هي سر عظمتها الشخصية، فقد عبرت ذلك بشجاعة، يجبن كثير من بني جنسنا عن التمسك بها، حين نتحدث عن إنجازاتنا الشخصية!
أنا رجل شديد الولاء لأمي، ليس لمجرد أنها امرأة، لكنها بالنسبة لي نموذج الإنسان الأفضل في الحياة ، بما تمتعت به من قيم نبيلة، وذكاء وثقافة رغم أنها لم تنل نصيباً وافراً من التعليم..
وأعتقد أن هناك مئات الأمهات اللاتي يشبهنها، يكافحن بصبر، دون صخب أو مغالاة في الحديث عن حقوق تكتسب ذاتياً، وليس بادعاء المظلومية والتمييز ضد صاحبات الجلالة..
الأكثر قراءة
مقالات ذات صلة
المتهمات بالفرحة!
22 يوليو 2024 07:03 م
لماذا "سيف زاهر"؟!
24 يونيو 2024 02:12 م
إياك تاخدها جدّ!
07 مايو 2024 10:18 م
هل يلغي الله النار يوم القيامة؟!
20 مارس 2024 12:38 م
أكثر الكلمات انتشاراً