تكتيك دينيزيسمو المبهج.. هكذا سترى فلومينينسي أمام الأهلي

تبدأ قصة نجاح نادي فلومينينسي برسالة نصية من المدرب فرناندو دينيز إلى ماريو بيتنكورت رئيس النادي، لم يكن هذا هو أسلوب العمل المعتاد بالنسبة للمدربين الذي ينتظرون قدوم الأندية إليهم كعادة كل المدربين، لكن دينيز قدم الاستثناء.

 وحينها أقال النادي البرازيلي مدربه للتو، وشعر دينيز أن هذا الوقت مناسب للعودة إلى ناديه.

وجدت رسالة دينيز المليئة بالخجل والشعور النقي للغاية، على حد تعبير دينيز، استجابة رائعة من رئيس النادي، وقال بيتنكورت رئيس النادي "لقد كان هو الشخص الذي أردته، لكننا لم نتحدث عن التفاصيل".

وأرجع هذه المصادفة إلى تبادل الحماس بشأن انتشال النادي من نتائجه السلبية، وقد حصل دينيز على وظيفة المدرب في النهاية.

وفي أبريل من الموسم الماضي، قاد دينيز فريق فلومينينسي إلى بطولة ولاية ريو دي جانيرو متفوقًا على منافسه الشرس فلامنجو، ليحصد أول لقب في مسيرته التدريبية.

وفيما بعد توج بلقب كوبا ليبرتادوريس بعد تغلبه على بوكا جونيورز، حيث حققت 10 فرق برازيلية البطولة القارية، لم يكن فلومينينسي من بينهم الذي حقق البطولة لأول مرة.

جرت العادة أن يسافر مشجعو بوكا بأعداد كبيرة بحيث "في كل مكان نذهب إليه نشعر وكأننا في وطننا"، على حد تعبير لاعب خط وسط النادي فالنتين باركو، لكن فلومينينسي أصر على معانقة المجد مع المدرب دينيز.

فن كرة القدم "دينيزيسمو"

"لم ير أحد شيئا كهذا في كرة القدم، لم يتخيل أحد أنه من الممكن ابتكار طريقة لعب جديدة، هذا هو وقت ظهور دينيزيسمو يمكنك أن تحب هذا الأسلوب أو تكرهه، لكن اعلم يا صديقي بأنه يبهج عينيك ويستحق تقديرنا".

إذا دخلت أحد المتاجر البرازيلية، لا تتساءل عن تلك القمصان التي تحمل عبارة "Dinizismo" أو فن كرة القدم على الطريقة البرازيلية كما يحلو تسميتها هناك، فقد عرفنا معناها الآن.

"يلعب فريقي كرة قدم مفتوحة، بشكل يعطيك مساحة للتعبير عن نفسك والتطور، كرة القدم غنية للغاية، وهناك 11 لاعبا يمكنهم إنشاء العديد من التفاعلات ضد 11 لاعبا آخرين، لذلك يجب أن نتحلى بالشجاعة ونمنح أنفسنا بعض الحرية لنكون قادرين على خلق الأشياء في كرة القدم"، يشرح فرناندو دينيز مدرب فلومينينسي.

"يرى دينيز كرة القدم بطريقة مختلفة"، كما قال رودريجو، مهاجم ريال مدريد ومنتخب البرازيل. فبدلاً من أن يكون اللاعبون مقيدين بالمراكز الافتراضية، تميز فريق فلومينينسي بالانسيابية والتحركات المستمرة، بدلاً من التركيز على هيكل محدد بإحكام.

ووفقاً للمهاجم البرازيلي ماتيوس كونيا، أسلوب دينيز سيكون من المستحيل رؤيته في كرة القدم الأوروبية، لأن هذا النهج يناسب بشكل خاص اللاعبين البرازيليين، الذين لم ينشأوا على الأسلوب الارتجالي لكرة القدم في الشوارع فحسب، بل أيضًا على كرة الصالات.

ويتحدث فرناندو دينيز مدرب فلومينينسي عن أسلوبه قائلا "أسلوبي سوف ينتشر، هناك أشياء أتحدث عنها دوما ولكن بعد اليوم هذه الأشياء التي تحدثت عنها طوال حياتي سوف تنتشر".

"أراهن دائما أن أفضل طريقة لتحقيق نتيجة إيجابية خلال مباراة، هي اللعب بطريقة يستمتع فيها اللاعبون ويستمتع المشجعون بمشاهدتها".

"لا تزعجني الانتقادات عندما لا أتوج بلقب ما، أعمل بجدّ وأحب ما أقوم به، تلك أعظم ألقابي، وليس الفوز بالكؤوس".

"فكرتي قد لا تكون الأفضل، لكنني أفعل ما أؤمن به، أتمنى أن يتمكن المدربون من اتباع قناعاتهم".

حرب التكتيك ضد جوارديولا

ويؤكد لوتشيانو سباليتي فلسفة المدرب البرازيلي، حيث قال "لا توجد هياكل خططية بعد الآن، المساحات لم تعد بين الخطوط، بل بين اللاعبين، تكمن الحرفية في التلاعب بالخصم لخلقها، لا يمتلك لاعبو فريقي مواقع ثابتة في الملعب، الانسجام بينهم يسمح لهم بالتحرك في المساحات الشاغرة وقتما وجدوها، وعندما يتحرك أحدهم يعوضه الآخر". 

وتعد كرة المدرب دينيز أشبه بعض الشئ بـ كرة ريال مدريد مع كارلو أنشيلوتي أو ما يُعرف بـاللعب التفاعلي الارتباطي (The Relationism)، لكن بـرسم خططي 4-2-3-1 قائم على محور مزدوج و صانع ألعاب كلاسيكي.

الهدف الأسمي من فلسفة اللعب هذه، تحقيق مبدأ التفوق العددي (numerical superiority)، وتواجد أكبر عدد من خيارات التمرير أمام حامل الكرة لتجنب ضغط الخصم.

وعلى الرغم من عدم فوزه بأي لقب مطلقًا في مسيرته الإدارية، يعتبر فرناندو دينيز على نطاق واسع أحد أفضل المدربين البرازيليين بعد تيتي. 

على عكس معظم المدربين المعاصرين ومعركتهم المستمرة من أجل الحصول على المساحة من خلال اللعب التمركزي أو التموضعي الذي ينتهجه بيب جوارديولا، إذ يتبنى دينيز تكتيكات مرنة تعتمد على الاستحواذ على الكرة والتقريب المستمر بين اللاعبين والتفوق العددي، وقد أكسبته هذه الفلسفة شهرة كبيرة حتى خارج أمريكا الجنوبية، حيث ادعى الكثيرون أنه حافظ على الهوية التكتيكية الحقيقية للبرازيل.

فاز دينيز بالكثير من القلوب والعقول في البرازيل خلال الموسم الماضي، حتى أنه في وقت سابق من هذا العام، تم وضعه في قيادة المنتخب الوطني البرازيلي بشكل مؤقت، على الأقل جزئياً لحين التعاقد مع مدرب جديد بعقد دائم، بعدما مارس اللاعبون ضغوطاً نيابة عليه لتولي المسئولية الفنية للمنتخب.

ولم تكن النتائج مع البرازيل على المستوى المأمول في بداية مسيرته، حيث حققت البرازيل فوزين على بوليفيا وبيرو، وتعادلت على ملعبها أمام فنزويلا، وخسرت أمام أوروجواي.

فلومينينسي بطل للمرة الأولى

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أصبح فرناندو دينيز أحد أكثر المدربين إثارة للجدل في كرة القدم البرازيلية. 

صنع المدرب البالغ من العمر 48 عامًا اسمًا لنفسه بعد أن قاد فريقًا محدودًا بشكل لا يصدق في جريميو أوساسكو أوداكس إلى نهائي باوليستا 2016. 

ومنذ ذلك الحين، تولى دينيز تدريب أتليتيكو باراناينسي، وفلومينينسي، وساو باولو، وسانتوس، وفاسكو دا جاما، والآن فلومينينسي مرة أخرى.

أنهى فلومينينسي المركز الثالث في الدوري البرازيلي الموسم الماضي تحت قيادة دينيز، إذ سجل 63 هدفاً، وهو إجمالي لم يتجاوزه سوى البطل بالميراس، لكنه حقق بطولة كوبا ليبرتادوريس لأول مرة في تاريخ النادي البرازيلي.

وواجه فلومينينسي البرازيلي نظيره بوكا جونيورز الأرجنتيني على اللقب الأغلى في كرة القدم للأندية في أمريكا الجنوبية، عندما التقيا في نهائي كأس ليبرتادوريس على ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو.

لم يفز فلومينينسي بالبطولة مطلقًا، وكان أفضل أداء له في عام 2008 عندما خسر المباراة النهائية أمام ليجا دي كيتو الإكوادوري، لكنه أخيرا حقق الفوز بالبطولة.

وبشكل عام، خاض فريق فلومينينسي 70 مباراة منذ بداية الموسم الجاري، وأنهى الدوري البرازيلي في المركز الثامن برصيد 56 نقطة من 38 مباراة، إذ فاز في 16 مباراة وتعادل 8 مرات وخسر 14 مباراة، فيما سجل 51 هدفًا واستقبل 47، كما ودع كأس البرازيل من دور ثمن النهائي بعد خوض 4 مباريات فقط.