الإثنين، 07 أكتوبر 2024

04:41 م

بـ 24 عجلة من سوق الكانتو.. ضاع حلم إسرائيل يوم 10 رمضان

حرب أكتوبر 73

حرب أكتوبر 73

روان عبدالباقي

A A

“عربة الجر اليدوي”.. قصة طريفة رواها رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية  الفريق سعد الدين الشاذلي، في مذكراته التي كتبها بعد 3 سنوات من حرب أكتوبر 73 وخاض معارك طويلة لنشرها أدت إلى الحكم عليه سنة 1983 بالأشغال الشاقة مدة 3 سنوات بتهمة إفشاء أسرار عسكرية.

عربة الجر اليدوي

خطة عبور قناة السويس يوم 6 أكتوبر الموافق 10 رمضان، تطلبت تفكيرًا واستعدادت حتى الخيال لم يسلم منها، مثل عربة الجر اليدوي، والتي بدأت قصتها كما يقول الشاذلي في مذكراته، من جنود المشاة الذي لم يكن مطمئنًا عليهم في الاستمرار بالمعركة مدة طويلة.

يروي الشاذلي في الصفحة رقم 82 من مذكراته، أن الذخيرة التي كان يحملها جنود المشاة خلال خطة العبور، كانت قليلة جدًا، ومن الممكن أن تستهلك في قتال عنيف خلال ساعة زمنية واحدة، وعلاوة على ذلك فإنهم لا يحملون ألغامًا أو كاشفات ألغام، أو وسائل مواصلات كافية، أو علامات إرشاد.

كان الحل الأمثل هو إدخال عربة جر يدوية ،يمكن جرها بواسطة فردين بعد تحميلها بحوالي 150 كجم من الذخائر أو المعدات العسكرية، إلا أن قصة هذه العربة عجيبة لأن الإسرائيليين كانوا السبب الرئيسي لتفكير الشاذلي بها.

الإسرائيليون السبب

يعود الشاذلي بالزمن إلى يناير 1970 عندما عُيّن قائدًا لمنطقة البحر الأحمر العسكرية، وكان أول عمل له هو دراسة العمليات العسكرية السابقة التي قام بها العدو في هذه المنطقة على الطبيعة، وكان من ضمن هذه العمليات قصف العدو ميناء سفاجة بالمدفعية ليلا، وذلك قبل أن يتولى قيادة المنطقة ببضعة أشهر.

يضيف: عندما ذهبت إلى سفاجة عاينت الحفر الناتجة عن قصف المدفعية، فاتضح لي أنها لابد أن تكون نتيجة قصف هاون (نوع من أنواع الأسلحة) من عيار 120 ملليمتر، وبحساب مدى الهاون 120 ، وأنسب الأماكن للهبوط بطائرة الهليوكوبتر سألت نفسي لو أنني مكان العدو لنزلت في هذا المكان أو ذاك المكان؟، ثم انتقلت إلى المكانين اللذين تصورت أن يكون العدو قد عمل من أي منهما.

يتابع: فوجدت في أحدهما جميع الشواهد التي تؤكد صدق تخميني، لقد كانت بقايا ومخلفات القصف ما زالت في مكانها وبجوارها عربة صغيرة ذات أربع عجلات، ولها ذراع طويلة للجر، لقد أعجبت كثيرا بهذه العربة وأخذتها عند عودتي إلى مركز قيادتي واستدعيت رئيس الشئون الفنية بالمنطقة، وعرضت عليه العربة وقلت له: “أريد أن تصنع لي 6 عربات مثل هذه العربة”.

 سوق الكانتو

بعدما فحص رئيس الشئون الفنية العربة، قال للشاذلي إنه يستطيع أن يصنع أفضل منها ولكن المشكلة الوحيدة هي العجلات، حيث إن القوات المسلحة لا تستخدم عجلات من هذا النوع الصغير، ولكنه أضاف إن أنسب العجلات التي يمكن استخدامها هي عجلات الدراجة النارية، وبالفعل قام بشراء (24) عجلة من سوق الكانتو في القاهرة. 

يكمل الشاذلي في مذكراته: بينما كنت أفكر في مشكلات عبور القناة تذكرت عربات الجر الست التي تركتها في البحر الأحمر، فاستدعيت اللواء جمال صدقي مدير إدارة المركبات في القوات المسلحة في 21 من يوليو 1971 وعرضت عليه واحدة من هذه العربات وقلت له: أريد أن تصنع لي 1000 عربة مثل هذه العربة.

نجاح الخطة

بعد عدة سنوات، عاد صدقي إلى الشاذلي ليخبره أنه إذا اشترى جميع العجلات المتيسرة في السوق المحلية فإنه لن يستطيع أن يصنع أكثر من 100 عربة، أما إذا أعطاه مهلة 6 أشهر، فإنه سيكون قادرًا على تصنيع جميع هذه العربات بعد أن يكون قد استورد العجلات المطلوبة من الخارج.

وافق الشاذلي على مهلة الأشهر الستة، ووفّى اللواء جمال صدقي بوعده فكان لديهم في يناير 72 ألف عربة من هذا النوع، وعندما اقتحمت مشاتنا قناة السويس في أكتوبر 73 كانت تجر معها 2240 عربة من هذه العربات محملة بذخائر وألغام ومعدات عسكرية يبلغ وزنها 336 طنا.

في نهاية هذا الجزء من الفصل السابع، توجه الفريق الشاذلي بالشكر إلى العدو الإسرائيلي صاحب الفكرة، وجميع رجال إدارة المركبات الذين قاموا بتصنيع هذه العربة، قائلا: لقد سبق لنا أن علمنا أن الرجل العادي يستطيع أن يحمل 15 كجم زيادة على ما يحمله من طعام ومياه ومهمات عسكرية وهذا يعني أننا كنا سوف نحتاج إلى 22 ألف و400 جندي من الحمالين غير المسلحين حتى يستطيعوا حمل ما قامت بنقله هذه العربات.

search