السبت، 05 أكتوبر 2024

11:39 ص

رحلة الفلسطينيين من الجوع للموت بحثًا عن المساعدات الإنسانية

فلسطينيون يلتقطون المساعدات أمام بحر غزة

فلسطينيون يلتقطون المساعدات أمام بحر غزة

نرمين سليمان

A A

"كل الطرق تؤدي إلى الموت".. حال يجسده أهالي غزة، ففي الوقت الذي ينتظرون فيه أي طعام لسد جوع بطونهم الخاوية وبطون أطفالهم، يلقون حتفهم في سبيل الحصول على المساعدات الإنسانية.

عقب سياسة التجويع والحصار التي تفرضها دولة الاحتلال على قطاع غزة، لم تجد العديد من الدول حلًا لمساعدة الفلسطينيين، سوى من خلال الإنزال الجوي للمساعدات الإغاثية فوق القطاع، رغبة في تخفيف معاناة الآلاف في غزة.

الفلسطينيون قد يلقون حتفهم نتيجة التدافع لالتقاط المساعدات

مكان إنزال المساعدات

لكن سرعان ما تحول الحلم إلى كابوس، فبدلًا من إطعامهم، صارت المساعدات "قاتلة"، وأصبح آلاف الغزاوية يغامرون بحياتهم في سبيل الحصول على "لقمة عيش" تسد جوعهم، فمن يتجه للمكان الذي يتم فيه إنزال المساعدات، قد تكون محطته الأخيرة هناك.

اليوم، اُستشهد 18 فلسطينيًا بسبب عمليات إنزال المساعدات من الطائرات بشكل خاطئ، حيث تم إسقاط جزء منها في البحر، ولم يجد أهالي غزة الجياع سبيلًا سوى اللهث وراءها في المياه، وكانت النتيجة وفاة بعضهم غرقًا، ومن نجا من الموت بحرًا اُستشهد برًا نتيجة التدافع.

طائرات تقوم بعملية إنزال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة 

12 فلسطينيًا غرقوا في بحر غزة، بعدما دخل العشرات منهم له خلال محاولة سحب صناديق المساعدات، فيما استشهد 6 آخرين نتيجة التدافع خلال محاولة التقاط المساعدات، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.

إجراءات إنزال المساعدات خاطئة

الحادث المأساوي الذي راح ضحيته 18 فلسطينيًا اليوم، علق عليه المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، قائلًا "إننا لطالما حذرنا جميع الدول التي تنفذ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات من خطورة إجراءاتها الخاطئة، لأن جزءًا من تلك المساعدات يُلقى في البحر، وجزءًا منها يلقى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجزءًا آخر منها يلقى في المناطق الخطرة، ما يعرض حياة المواطنين الجوعى للخطر الشديد".

رواية شاب فلسطيني

"محمود" شاب من غزة، روى لـ"تليجراف مصر"، كواليس ما يحدث في عملية إنزال "المساعدات"، قائلًا إن المجاعة التي يعاني منها الغزاوية تجعلهم يتجمعون في شارع الرشيد الذي يطل على البحر في شمال غزة، وسبب اختيار ذلك المكان تحديدًا هو أنه آمن فلا يوجد فيه جنود إسرائيليون.

وقال محمود إن آلاف الفلسطينيين يتجهون يوميًا إلى ذلك المكان في انتظار الطائرات التي تقوم بإنزال المساعدات، مضيفا "الناس بدها تطعم أهلها.. ما في أكل.. الناس غصب عنهم أوقات بيناموا في الشارع في انتظار المساعدات".

صناديق تهشم الرؤوس

وأضاف الشاب الفلسطيني قائلا "فيه نساء عايزين يطعموا أولادهم.. وفي أطفال صغار عايزين يطعموا إخواتهم.. في منهم بياخد طعام.. وفي منهم بيموت.. الصناديق بتنزل زي المطر على رؤوس الناس.. وأوقات بيرموا المساعدات وما بيفتح الباراشوت مليح فتنزل الصناديق على رأس الناس بتكسرهم.. شيء صعب جدًا".

المعابر الحل لتدفق المساعدات

ودعا المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إلى وقف عمليات إنزال المساعدات بهذه الطريقة المسيئة والخاطئة وغير اللائقة وغير المجدية، مطالبًا بفتح المعابر البرية بشكل فوري وسريع من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني الجوع والنقص الحاد في الغذاء للشهر السادس على التوالي.

ورأى الشاب الفلسطيني أيضًا أن الحل في السماح بفتح المعابر البرية لإدخال المساعدات إلى غزة، قائلًا "إنزال المساعدات بالطائرات بهذا الشكل فيه إذلال للشعب الفلسطيني".

وحمّل المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي، المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الجرائم مجتمعة، التي وقف العالم عاجزًا عن إيقافها ووضع حد لها، وذلك في ظل استمرار عمليات التجويع والقتل والإبادة الجماعية.

الصناديق القاتلة

حادث اليوم لم يكن الأول، ففي 8 مارس الجاري، استشهد 5 فلسطينيين وأصيب آخرون، خلال عمليات الإنزال الجوي العشوائية للمساعدات، حيث وقعت الصناديق على رؤوس المواطنين نتيجة الإنزال الخاطئ.

وقال شهود عيان إن طائرات ألقت عددًا كبيرًا من صناديق المساعدات، لكن بعضها لا تُفتح مظلاتها بشكل سليم، ما أدى إلى سقوطها بشكل سريع على تجمعات للفلسطينيين.

ويأتي إنزال المساعدات عن طريق الطائرات، في ظل تعنت دولة الاحتلال في السماح بإدخال المساعدات من خلال معبر رفح، في الوقت الذي تُمنع فيه أيضًا وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من تقديم المساعدات إلى أهالي غزة.

أطفال فلسطين يحملون أواني للحصول على مساعدات الطعام

قطع شريان الحياة

الأحد الماضي قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فيليب لازاريني، في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع "إكس": اعتبارا من اليوم، "الأونروا" شريان الحياة الرئيسي للاجئي فلسطين محرومة من تقديم المساعدة المنقذة للحياة إلى شمال غزة.

وأوضح لازاريني: على الرغم من المأساة التي تتكشف أمام أعيننا، فقد أبلغت السلطات الإسرائيلية الأمم المتحدة، بأنها لن توافق على مرور أي من قوافل الأونروا الغذائية إلى الشمال بعد الآن.

search