الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:20 م

واشنطن تبحث وموسكو تتوعد.. حربٌ مالية عالمية وشيكة

نقود معدنية روسية

نقود معدنية روسية

أحمد سعد قاسم

A A

فيما تدرس الولايات المتحدة الأمريكية تحويل 260 مليار يورو من أصول البنك المركزي الروسي، إلى أوكرانيا، كخطوة عقابية ضد موسكو، أبدت فرنسا وألمانيا تحفظا مترددا إزاء الخطوة، فتارةً تميلان نحو الموافقة الحذرة، وتارة تتخوّفان من أنها قد تؤدي لزعزعة البنية المالية العالمية، وتثير الدب الروسي.

البنك المركزي الدولي

حصانة سيادية

تحظى احتياطيات البنك المركزي عادة بالحماية بموجب الحصانة السيادية، وهو المبدأ نفسه الذي ينص على أن المحاكم الوطنية في دولة معينة لا يمكنها الفصل في أعمال دولة أخرى، أو استعمال أصولها لتنفيذ الأحكام.

ووضع المحامون الدوليون، بقيادة فيليب زيليكو، الدبلوماسي الأمريكي البارز السابق، الأساس القانوني لنقل الاحتياطيات السيادية الروسية. ويقولون إن هذا سيكون إجراء مشروعا ضد انتهاك موسكو الواضح للقانون الدولي بشنها هجوماً على أوكرانيا. ويشيرون إلى استخدام الاحتياطيات العراقية في التعويضات الدولية، بعد غزو الكويت عام 1990.

ويبدو الآن أن المسؤولين الأمريكيين يدعمون هذه الفكرة سراً، بالإضافة إلى وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون. ولكن كانت هناك أسئلة تربك الفكرة: ما إذا كان من الحكمة اقتصادياً أو سياسياً استعمال هذا الإجراء؟ ماذا لو كان هذا سيضر بالاستقرار المالي الدولي، ومكانة الدولار واليورو كعملتين احتياطيتين؟

 

وسيلة للضغط

قد يستفيد الاتحاد الأوروبي من الأرباح غير المتوقعة الناتجة عن الاحتفاظ بالاحتياطيات الروسية دون المساس بملكيتها الأساسية، لكن الذهاب أبعد من ذلك ومصادرتها كليًّا يعد تجاوزاً للحدود. وقد تخاف دول مثل الصين أن الاحتياطيات المحتفظ بها باليورو أو الدولار لم تعد آمنة.

هناك أيضاً خطر مفاده أنه حتى لو تم الاستحواذ على الأصول الروسية، على سبيل المثال، بموجب آلية خاصة لمجموعة السبع، فإن الدول في أماكن أخرى قد تعتقد أنه من المقبول تسوية النزاعات عن طريق الاستحواذ على الاحتياطيات. وسواء كان ذلك صحيحًا أم خاطئًا، فإن العديد من دول “الجنوب العالمي” قد ترى في ذلك مثالًا آخر على الديمقراطيات الغنية التي تقوم بتعديل القواعد بما يتوافق مع مصالحها الخاصة. وقد صاغت الولايات المتحدة وحلفاؤها حرب أوكرانيا ضد روسيا باعتبارها دفاعاً عن نظام دولي قائم على القواعد. وحتى لو كانت موسكو قد دهست الأعراف العالمية، فيجب أن يُنظر إلى رد فعل الغرب على أنه لا يمكن الشك فيه من الناحية القانونية.

الرئيس الأميركي جو بايدن

ليس مسموح قانونا

وحتى وقت قريب، كانت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، تحذر من أنه دون إجراء من الكونجرس، فإن مصادرة الأموال "ليست أمراً مسموحاً به قانوناً". كما كان هناك قلق بين بعض كبار المسؤولين الأمريكيين من أن الدول في جميع أنحاء العالم سوف تتردد في الاحتفاظ بأموالها في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، أو بالدولار، إذا أنشأت الولايات المتحدة سابقة للاستيلاء على الأموال، حسب نيويورك تايمز.

لكن الإدارة، بالتنسيق مع مجموعة الدول الصناعية السبع، بدأت في إلقاء نظرة أخرى على ما إذا كان يمكنها استخدام سلطاتها الحالية أو ما إذا كان ينبغي عليها أن تسعى إلى اتخاذ إجراء من الكونجرس لاستخدام الأموال. ويتزايد الدعم لمثل هذا التشريع في الكونجرس، مما أعطى إدارة بايدن التفاؤل بإمكانية منحها السلطة اللازمة.

 

ضغط أمريكي

بحسب نيويورك تايمز فإن المحادثات بين وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية والدبلوماسيين والمحامين تكثفت في الأسابيع الأخيرة، حيث ضغطت إدارة بايدن على بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان للتوصل إلى استراتيجية بحلول 24 فبراير، الذكرى الثانية لحرب أوكرانيا.

وتعهدت مجموعة السبع بإبقاء أصول موسكو مجمدة حتى تعوض روسيا كييف عن الأضرار، وهو ما قد يكون بمثابة نفوذ قوي في التسوية المستقبلية. 

نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف

روسيا ترد

نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أفاد الجمعة، بأن موسكو قد تقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة إذا ما صادرت الأصول الروسية المجمدة بسبب النزاع الأوكراني.

وقال ريابكوف إن الولايات المتحدة "يجب ألا تتخيل أن روسيا تتمسك بالعلاقات الدبلوماسية”.

وأكد دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن "روسيا لن تسمح أبدا لأي دولة بالاستيلاء على أصولها دون رد"، مشيرا إلى أن ذلك "سيستوجب النظر في أمر الأصول الغربية التي يمكنها مصادرتها".

وأشار بيسكوف إلى أن “أي خطوة من هذا النوع ستلحق ضرراً بالنظام المالي العالمي، وأن روسيا ستدافع عن حقوقها في المحاكم وبوسائل أخرى إذا حدث ذلك”. وعلاوة على ذلك، نقلت “إنترفاكس” عن ريابكوف قوله أيضاً إن روسيا مستعدة للرد بالمثل بسرعة على نشر الولايات المتحدة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادي.

وتابع أن “موسكو تراقب عن كثب تطوير الصواريخ الأمريكية والنشر المحتمل ومستعدة لاتخاذ القرارات السياسية الضرورية بسرعة للرد بالمثل".

ومن جهة أخرى، ذكر ريابكوف أن موسكو وواشنطن لا تزالان على تواصل بشأن تبادل محتمل للسجناء بين البلدين".

search