السبت، 05 أكتوبر 2024

06:10 م

صدّقني.. لها حقًا طعم مختلف!

منذ أن يفتح الإنسان عينيه على هذه الدنيا، وهو يبحث عن السعادة! بداية من سعادة استيفاء متطلباته الحياتية واستقراره، إلى أسمى درجات الأهداف.
فكل ما يقوم به من أفعال، سواء أكانت فطرية أو مكتسبة، إرادية أو لا إرادية، واعية أو في اللاوعي، فهي تنتهي إلى نفس الهدف والغاية، ألا وهو “السعادة وفقط".

حتى من يسعى جاهدًا إلى تحقيق التوازن بين الدين والدنيا، فهدفه أيضا هو أن ينال رضا الله - تعالى- فيرزقه الله الجنة وهي “السعادة الأبدية”!

بالتالي، فإن السعادة يبدو أنها جزء لا يتجزّأ ولا ينفصل من التكوين الجسدي والنفسي للإنسان، وأنها السر الأعظم لاستقامة حياته وصحته، وأنها بلا شك أعظم مكافأة يمكن أن يكافئ بها الله عبده.

ولكن.. كم منا حقا يدرك معنى السعادة الحقيقية؟ وكم منا حقا يبحث عنها بجديّة؟ وكم منا استطاع أن يصل إليها؟ وهل استطاع أن يحافظ عليها بعد وصوله؟
 

إن كان الجميع يبحث عن السعادة ويعتقد بأنها المنتهى الأبدي للرضا والهدوء النفسي، فهل منّا من يدرك أن هذه السعادة الدنيوية هي أيضا ينقصها الكثير وما زالت تبحث عنه!
 

فالسعادة الدنيوية ينقصها الدوام والاستمرارية والاستقرار والثبات وعدم التقلّب، ينقصها أن تحل مع انتهاء مشكلات الإنسان جميعها، ولا تصبح فقط كالمسكن أو المخدر الموضعي المؤقت!
ينقصها مصدرها، وأن يدرّب صاحبُها نفسه على أن يرزق السعادة الحلال ولا تكون سعادته منصبّة على المعاصي!
 

فالذي يبحث عن السعادة، يفتقر حقا الطريقة السليمة للبحث عنها، فهو يبحث عن مال، سلطة، شهرة، زوجة، أبناء، سفر وغيره الكثير من متاع الدنيا الزائل، وكلما يصل إلى محطة منهم بعد شغف وعمر طويل من البحث، يكتشف أن ليس سعيدا بعد! أو لم يعد سعيدا أصلا! وأن ما حققه كان شيئا عاديا جدا! وأن هناك من هم أسعد منه على هذا الكوكب!


وبالتالي، فقد السعادة التي قضى عمره كله سعيا وراءها في أول محطة من الاختبار والابتلاء!
وهذا لأنه في ”كتالوج البحث عن السعادة” لا بد وأن يتخذ الإنسان العديد من الخطوات كي يصل إلى “الرضا”، الذي هو أكثر بقاء ودواما من السعادة ولا يتغير بمرور العمر وتقلّب الحال!

خمس دقائق من النسيان
و لهذا:
1- على الإنسان أن يدرّب عقله ويدرك جيدا أن أي سعادة دنيوية هي مخدر موضعي، وهذه حقيقة وأن لحظات السعادة الصادقة، فعلا، هي بضع ساعات أو ربما أيام، لأنها دنيا، وليس من قوانين الدنيا الراحة الأبدية أو دوام الحال.
وبالتالي إن آمنت بهذه القاعدة مبدئيا، لن تجهد نفسك في البحث عن كنز مستمر ليس له وجود على أرض الواقع، ومن ثم تشتري راحة بالك وعقلك.


2- يجب أن تتوقف عن عقد المقارنات التي لا طائل لك منها، وأن تؤمن بأن الرزق مكفول لصاحبه وما للإنسان إلا الأسباب، فلكل منا حظه من هذه الدنيا، وأن الحظ والقدر ليسا مرتبطين دوما بسعادة الإنسان بقدر ارتباطه بمنزلته في الجنة وهي الخير والأبقى.


3- تعلم أن تعيش اللحظة، افرح بما يرضي الله ولا تفكر في دقيقة واحدة تلو هذه اللحظة.


4- أوصانا الدين الكريم ألا نفرح فرحًا مبالغا فيه وألا نحزن حزنا مبالغا فيه أيضا، فالاعتدال هو سمة التوازن المزاجي والعقلي والسلوكي.


5- لا تتعلق بالأشياء تعلقا جنونيا، وبالتالي عندما تفقدها “و هذه سنة الحياة أيضا”، لا تتألم تألما يودي بك إلى المرض!


6- تواضع ولا تتكلّف ولا تزهو بالمظاهر.


7- تعلم أن تحب في الله وتسعد بالله، فإيمانك بهذا يغنيك عن سعادة الدنيا بأسرها.


8- كن على ثقة بأن لكل شيء قدرا ولكل سبق حادثة والمسسببات تؤدي للنتائج  ولا يوجد شيء صدفة، فعليك أن تحكم زمام أمورك قدر الإمكان، وعلى قدر نيتك وعطائك ترزق، فلكل مجتهد نصيب.


9- تعلّم أن تمنح السعادة فرصة لتطرق بابك ولا تكن دائما أنت من تخطط وتلهث وراءها، اجعلها يوما تأتي لك صدفة ومفاجأة على غير توقع، صدقني لها حقا طعم مختلف!

10- آمن جيدا، بأن كل نصيحة تقرأها وتسمعها فيما يخص برمجة العقل الباطن والروحانيات، هي حقيقة وليس كلام إنشاء أو كلاما نظريا، فاقتناعك بتسفيه الأمور هو من يدخلك في نفق الجحيم.


11- تخلّص من أنانية الذات وحب النفس وتعلّم أن تسعد بالإيثار والتضحية والعطاء، فهو نهر لا ينضب من الخير والنماء. 


12- تعلّم أن تصبر، فالصبر مفتاح الفرج والله دوما مع الصابرين.


13- انظر دوما لنصف الكوب الممتلئ، وتعلّم أن تجعل التفاؤل عقيدة.


14- انظر دائما إلى غاية ومنتهى الشيء، و ليس بدايته، تعلّم أن تنظر فيما وراء الأشياء، فالتأمل والحكمة من مفاتيح السعادة الراسخة.


15- لا تتغيّر مع الزمن.


16 – تعلّم التسامح وألا تتسرّع في الأحكام على الناس، والتمس الأعذار وكن أول من يتأسف وبرمج نفسك على النسيان، وإن لم تستطع أن تنسى، فلا بأس بأن تتناسى.


وتأكّد بأن هذه النقط هي بعض من كثير مما يمكن أن يطرحه كل إنسان منا، فكل منا يعرف حقا ما يسعده، وعليه فقط أن يوجه دفته في الطريق السليم.


ولنؤمن جميعا بأن الثقة هي رزق وسعي وابتلاء وقدر، فهي تجمع العديد من متناقضات الدنيا، وأن الإنسان الناجح هو من يعيش في هذا الدنيا كـ”غريب أو عابر سبيل”، كما أوصانا رسولنا الكريم - عليه الصلاة والسلام.

أخبار متعلقة

title

مقالات ذات صلة

بدون شاهد إثبات

15 سبتمبر 2024 12:30 ص

حد السكين

31 يوليو 2024 08:08 م

خلاف الاختلاف!

23 يوليو 2024 10:55 ص

ما جمع إلا أما وفق!!

03 يونيو 2024 05:15 م

ظاهرة الـ"MOVE ON"!

28 مايو 2024 11:00 م

قلب بلا قلب !!!

19 يناير 2024 03:34 م

search