السبت، 05 أكتوبر 2024

09:48 ص

ملفات عاجلة.. من أين تبدأ الحكومة الجديدة مهمتها الثقيلة؟

مصطفى مدبولي خلال اجتماع مع وزراء الحكومة الجديدة

مصطفى مدبولي خلال اجتماع مع وزراء الحكومة الجديدة

ولاء عدلان

A A

بدأت الحكومة الجديدة أعمالها منذ أيام قليلة، وربما تنظر لها سابقتها بعين الحسد كونها تأتي بعد الخروج من عنق أزمة خانقة دامت لقرابة عامين إلا أن الواقع غير ذلك فهذه الحكومة على طاولتها تركة ثقيلة من الملفات العالقة التي تنتظر حلولًا فورية وجذرية، كي يشعر رجل الشارع بأن هناك تغييرًا حقيقيًا. 

المواطن المصري لا يهمه اسم الوزير وشهاداته وخبراته لكن يهمه مثلا أن تتوقف الكهرباء عن الانقطاع في عز حر يوليو وأغسطس أو أن يكفيه راتبه لآخر الشهر دون الحاجة لسلفة من هنا أو هناك، لذا رأى الخبير الاقتصادي خالد الشافعي أن ملف التضخم يعد أولوية ويجب أن تواصل الحكومة دعم المواطن والضغط في اتجاه خفض الأسعار لاسيما في ظل تراجع القدرة الشرائية للعملة وزيادة أسعار العديد من السلع والخدمات منذ مطلع العام وآخرها زيادة سعر رغيف الخبر المدعم. 

"الصادرات" مسألة حياة أو موت 

وشدد الشافعي على أهمية رفع مساهمة قطاع الصناعة، في الناتج المحلي للدولة إلى 30% من قرابة 16% حاليًا، موضحًا أن تنمية الصناعة من شأنها المساهمة في تعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة الضغوط التضخمية العالمية عبر تلبية احتياجات السوق المحلية من السلع وتحقيق فائض على نحو يعزز قدرة الدولة على خفض فاتورة وارداتها وزيادة صادراتها وبالتبعية تعزيز حصيلة النقد الأجنبي، كما أن الصناعة ترتبط بغالبية قطاعات الاقتصاد ما يجعلها بمثابة قاطرة للتنمية الاقتصادية. 

وافقه الرأي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية محمد البهي، مضيفًا أن زيادة الصادرات خلال الفترة المقبلة يعد مسألة حياة أو موت نظرا لاعتماد الدولة على الاستيراد بنسبة تتجاوز 60% وحقيقة أن الصادرات تعد أعلى مورد للنقد الأجنبي للدولة وتتجاوز السياحة وقناة السويس بكثير. 

وحدد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي الخميس الماضي، أولويات الحكومة الجديدة وأبرزها حل أزمة انقطاع الكهرباء وضبط الأسعار، والتنمية الصناعية وزيادة الاستثمار الأجنبي وتعظيم الصادرات وزيادة موارد العملة الأجنبية وتمكين القطاع الخاص، وتعهد بانتهاء أزمة قطع الكهرباء خلال الأسبوع الثالث من هذا الشهر وإيجاد حل دائم لها بنهاية العام. 

مؤشرات مبشرة 

وتابع محمد البهي أن تشكيل الحكومة الجديدة حمل مؤشرات مبشرة إذ جرى إعادة وزارة الاستثمار وفصل وزارة الصناعة عن التجارة الخارجية، وإسناد حقيبة الصناعة إلى رجل بكفاءة  كامل الوزير وهو أمر إيجابي إذ أن الرجل مشهود له بالنجاح ويعد من أنشط الوزراء في الحكومة السابقة، موضحا أنه خلال جلسات الحوار الوطني طالب بفصل الصناعة عن التجارة لحاجة القطاع إلى وزارة أكثر اختصاصًا لإدارة شؤونه.

وطالب الحكومة الجديدة بإطلاق المزيد من المبادرات لدعم الصناعة وتعميق نسبة المكون المحلي وتذليل العقبات التي تواجه المُصنعين وأبرزها البيروقراطية وارتفاع تكاليف التمويل (ارتفاع اسعار الفائدة) والتشغيل وارتفاع مستلزمات الإنتاج، موضحًا أن ارتفاع أسعار الفائدة في الوقت الحالي يحد من قدرة الشركات والمصانع على التوسع. 
من جانبه اعتبر مساعد رئيس حزب العدل للشؤون الاقتصادية حسام عيد، أن استجابة رئاسة الحكومة لمطالب الحوار الوطني ومجتمع الأعمال الخاصة بعودة وزارة الاستثمار خطوة إيجابية ستسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة للدولة وتسريع وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي يعد بمثابة قبلة الحياة للاقتصاد، وهنا أشار إلى ضرورة أن يجري تنفيذ غالبية هذه الطروحات من خلال البورصة لضمان تنفيذها بأسعار عادلة ورفع مستويات السيولة بالسوق.   

ولخص عيد أولويات الحكومة الأكثر إلحاحًا في ضبط الأسعار وإنهاء أزمة قطع الكهرباء، أما على المدى المتوسط والطويل فرأى أن الحكومة يجب أن تواصل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتعمل على خفض مستويات الدين العام وتعزيز مشاركة القطاع الخاص ورفع معدلات النمو الاقتصادي ودعم الصناعة وإعادة هيكلة منظومة الدعم.

ولفت هنا إلى أن الحكومة تسعى بنهاية هذا العام لوضع تصور كامل للتحول إلى الدعم النقدي وهو أمر إيجابي من شأنه ضمان وصول الدعم لمستحقيه وخفض الفجوة التمويلية ومستويات الديون. 

ووفقًا لبيانات وزارة التخطيط، تراجعت ديون مصر الخارجية بنهاية الربع الأول من العام الحالي بقيمة 7.427 مليار دولار لتصل إلى 160.61 مليار دولار انخفاضا من 168.035 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023. 

وزير النقل والصناعة كامل الوزير 

الرهان على الاقتصاد الحقيقي

من جانبه رأى الخبير الاقتصادي بلال شعيب أن مصر قطعت خلال الفترة الأخيرة وتحديدًا منذ نهاية فبراير الماضي مع توقيعها صفقة رأس الحكمة مع شركة القابضة الإماراتية بقيمة 35 مليار دولار، شوطًا كبيرًا على طريق الإصلاح الاقتصادي، وحاليا لديها مستويات مرتفعة من السيولة الدولارية وسعر صرف مرن، الأمر الذي يجعل المناخ العام مؤهلًا لتحفيز القطاع الخاص ومعدلات النمو الاقتصادي وتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. 

وشدد على ضرورة القضاء على البيروقراطية وتقديم المزيد من الحوافز للمستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء، لافتا إلى أن الدولة خلال الفترة المقبلة تحتاج إلى تعزيز الرهان على الاقتصاد الحقيقي المتمثل في القطاعات الإنتاجية والتصديرية من أجل ضمان عدم تكرار أزمة السيولة الدولارية، مشددًا على ضرورة زيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي باعتباره شريك في التنمية الاقتصادية، سواء من خلال تقديم كافة أوجه الدعم لشركاته أو مواصلة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية. 

كما شدد على ضرورة الحفاظ على المسار النزولي لمعدلات التضخم والدفع باتجاه التخلي عن سياسة التشديد النقدي خلال الفترة المقبلة نظرًا لتأثيرها السلبي على معدلات النمو الاقتصادي.

يشار إلى أن معدل التضخم الشهري الأساسي سجل خلال مايو الماضي معدلًا سالبًا (-0.8%) لأول مرة منذ عامين، فيما تراجع المعدل على أساس سنوي إلى 27.1% من 31.8% في أبريل، فيما قفز احتياطي النقد الأجنبي للدولة بنهاية مايو  إلى 46.1 مليار دولار بمعدل نمو يلامس 32% منذ بداية العام.

search