الأحد، 24 نوفمبر 2024

04:22 ص

استبعاد للمرة الثانية.. ماذا يعني تأجيل صرف الشريحة الثالثة لمصر؟

شعار صندوق النقد

شعار صندوق النقد

ولاء عدلان

A A

قرر صندوق النقد الدولي، استبعاد مصر من جدول اجتماعات مجلسه التنفيذي حتى نهاية يوليو، وذلك بعد أن أعلن في وقت سابق تأجيل الاجتماع الخاص بمناقشة صرف الشريحة الثالثة من قرض الـ 8 مليارات دولار من 10 يوليو إلى 29 من الشهر نفسه.

ويظهر جدول أعمال المجلس التنفيذي للصندوق المنشور على موقعه الإلكتروني والذي خضع للتحديث مؤخرا، أن الدول المقرر أن يناقشها المجلس التنفيذي في الفترة من 22 يوليو وحتى نهاية الشهر هي إندونيسيا وسنغافورة وكرواتيا والسعودية وزيمبابوي، فيما جرى استبعاد مصر. 

لماذا استبعد الصندوق مصر؟ 

قال أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الدكتور إيهاب الدسوقي، إن الصندوق لم يكشف سبب التأجيل، لكن يمكن استنباط الأسباب من خلال مراجعة بنود اتفاق مصر مع صندوق النقد والتي تكشف عن بعض الإصلاحات والجوانب الفنية التي لم تنفذ بالشكل المطلوب، أهمها سعر الصرف الذي يطالب الصندوق بأن يكون أكثر مرونة ويتحرك وفق العرض والطلب، فيما نشاهد حاليا أن سعر الدولار شبه مستقر منذ أكثر من شهرين داخل نطاق ضيق (يتحرك بين 47.5 و48 جنيها) وهذا لا يعكس مرونة حقيقية لسعر الصرف.

وأضاف أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد في تصريحات لـ"تليجراف مصر": “من ضمن بنود الاتفاق مع الصندوق إلغاء الدعم عن البنزين والسولار والكهرباء بالكامل وهذا لم يتحقق، نظرا لكون الحكومة تتخوف من أثر زيادة أسعار الطاقة على معدلات التضخم التي بدأت تهدأ خلال الفترة الأخيرة، وربما تأخر الحكومة في إلغاء الدعم هو السبب وراء تأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من قرض الصندوق لمصر البالغة قيمتها 820 مليون دولار”.

وأشار الدسوقي إلى أن استمرار تراجع حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات المنفذة بالدولة، قد يكون أيضا من ضمن أسباب استبعاد مصر من جدول المجلس التنفيذي للصندوق، كون الأخير يطالب دوما بانسحاب الحكومة من المشهد الاقتصادي، وبالفعل الحكومة بدأت تتحرك بهذا الاتجاه لكن ما زال يتعين عليها تمكين أكبر للقطاع الخاص من وجهة نظر الصندوق.

في وقت سابق، قالت مديرة إدارة الاتصالات في صندوق النقد الدولي جولي كوزاك، إن إرجاء المجلس التنفيذي لصندوق النقد اجتماع مصر إلى 29 يوليو، يرجع إلى عدم استكمال بعض الإجراءات المتفق عليها، لكن دون أن تفصح عن طبيعة هذه الإجراءات.
 

الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب الدسوقي

دعم الوقود 

في يونيو الماضي، توصلت بعثة الصندوق والسلطات المصرية لاتفاق على مستوى الخبراء، بشأن مجموعة من السياسات والإصلاحات اللازمة لاستكمال المراجعة الثالثة بموجب الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مارس، وأدرج الصندوق بنهاية يونيو، مصر على جدول أعمال مجلسه التنفيذي بتاريخ 10 يوليو، قبل أن يعلن تأجيل الموعد إلى 29 من الشهر نفسه ثم استبعادها نهائية من جدول اجتماعات يوليو. 

ورأى الخبير المصرفي محمد بدرة، أن الصندوق استبعد مصر من جدول اجتماعات المجلس التنفيذي بسبب عدم حسم الحكومة لقرار الزيادة الدورية لأسعار البنزين والكهرباء، موضحا أنه وفق المعلن، اتفاق الحكومة مع الصندوق من بين بنوده إلغاء الدعم عن الطاقة بشكل كامل. 

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، أن مصر حتى الآن تبدي التزاما قويا بشروط الصندوق ومن غير المرجح أن يكون تأخر زيادة أسعار الوقود سببا لتأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة، لا سيما وأن الحكومة أعلنت خلال الفترة الأخيرة عزمها على إلغاء الدعم تدريجيا، واتخذت قرارا جريئا برفع سعر رغيف الخبز المدعم 300% اعتبارا من يونيو الماضي.  

رفعت الحكومة في مارس الماضي أسعار الوقود بواقع جنيه واحد لجميع فئات البنزين فيما زادت السولار، بقرابة 175 قرشا، وكان من المقرر أن تقوم لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، بإعلان الأسعار الجديدة للوقود نهاية يونيو أو مطلع الشهر الحالي إلا أن هذا لم يحدث. 

وفي وقت سابق، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد لمصر إيفانا فلادكوفا هولار، إن مصر بحاجة لاستبدال دعم الوقود بحزم الإنفاق الاجتماعي الموجه، وجدد الصندوق التأكيد على هذا المطلب في تقريره الخاص بأول مراجعتين من البرنامج الخاص بمصر، قائلا إن القاهرة عليها الالتزام باستمرار تطبيق مؤشر أسعار الوقود بالتجزئة وفق الآلية المتفق عليها، في إشارة إلى لجنة التسعير التلقائي، المعنية بتعديل أسعار الوقود كل 3 أشهر. 

استبعاد مصر من جدول اجتماعات صندوق النقد

رسوم الصندوق 

في وقت سابق، قالت مديرة إدارة الاتصالات لدى صندوق النقد، إن الصندوق بدأ خلال يوليو مراجعة شاملة لملف الرسوم الإضافية التي يفرضها على الدول الأكثر استدانة، وسيأخذ بعين الاعتبار الآثار السلبية المترتبة على كبار المقترضين. 

يشار إلى أن مصر تأتي في المركز الثالث بين الدول المثقلة بهذه الرسوم، ويتوقع أن تدفع إلى جانب الأرجنتين وأوكرانيا والإكوادور وأنجولا رسوما بنحو 6.1 مليار دولار خلال (2024-2028).

ورأى أحمد خطاب، أنه قد يكون من بين أسباب إرجاء مناقشة صرف الشريحة الثالثة لمصر هو رغبة الصندوق في استفادتها من القرار الذي سيتم التوافق عليه بشأن الرسوم الإضافية، مضيفا أن الصندوق قد يُقدم على خفض أو شطب الرسوم لتقديم مزيدا من الدعم للاقتصاد المصري وسط استمرار التحديات الناجمة عن حرب غزة وزيادة أعداد اللاجئين نتيجة لأزمات المنطقة. 

هل توقفت المفاوضات مع الصندوق؟

في وقت سابق، قال مصدر حكومي، إن الحكومة تجري حاليًا مباحثات مع الصندوق، بخصوص عدد من الإصلاحات. 

وأضاف في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن مناقشات الجانبين تركز على ترشيد الإنفاق العام وعلى تأخر بعض إجراءات خفض دعم الوقود، الذي يُشكل ضغطًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة. 

ووفقا لقواعد عمل الصندوق، لا يمكن لمصر صرف الشريحة الثالثة من قرضه وهي بقيمة 820 مليون دولار، إلا بعد موافقة مجلسه التنفيذي على تقرير المراجعة الثالثة، حتى الآن يبدو أن نقاط الخلاف بين الحكومة والصندوق ليست بالكبيرة، في ضوء تأكيدات الصندوق لالتزامه بدعم القاهرة، وتأكيده على لسان جولي كوزاك بتاريخ 11 يوليو، على أن الحكومة المصرية أحرزت وتحرز تقدما في تنفيذ السياسات الاقتصادية المتفق عليها. ووقتها قالت كوزاك، إن الجهود الإصلاحية الأخيرة ساعدت في تحسين الظروف الاقتصادية بمصر وخفض التضخم لمدة أربعة أشهر متتالية، من 35.6% في فبراير إلى أقل من 28% في يونيو.

واستدركت: “لكن البيئة الإقليمية لا تزال صعبة، فتوترات البحر الأحمر أدت إلى تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من النصف، وهذا يمثل ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد المصري، وبطبيعة الحال، تتطلب هذه المخاطر السلبية وبعض التحديات الهيكلية المحلية التأكد من أن مصر على المسار الصحيح للسياسات الاقتصادية، ويمكنني القول إن الصندوق يتعاون بشكل نشط مع القاهرة”.

search