الإثنين، 09 سبتمبر 2024

09:54 ص

ارتفاع أسعار النفط عالميًا.. كيف يؤثر على السوق المصرية؟

مصريون يتزودن بالوقود في إحدى المحطات

مصريون يتزودن بالوقود في إحدى المحطات

ولاء عدلان

A A

تكبدت أسعار النفط خلال شهر يوليو المنقضي، أكبر خسائر شهرية لها منذ 2023، إلا أنها تلقت دعمًا خلال آخر جلستين من ارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي عزز رهانات المتداولين بشأن احتمالات صعود النفط إلى مستوى الـ100 دولار للبرميل. 

ووفقا لبيانات وكالة بلومبرج، شهدت أسواق العقود الآجلة للنفط الأربعاء الماضي، تداول خيارات شراء بأعلى مستوى لها منذ أبريل وبأسعار تتجاوز الـ100 دولار للبرميل، وذلك تزامنا مع إعلان حركة حماس الفلسطينية اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، إثر استهداف إسرائيلي له خلال وجوده داخل إيران، لتتوعد الأخيرة بتنفيذ هجوم انتقامي على إسرائيل. 

صعود النفط 

وفقا لأستاذ هندسة الطاقة والبترول بجامعة فاروس بالإسكندرية، الدكتور رمضان أبو العلا، قادت هذه التوترات أسعار النفط للارتفاع بقرابة 3% في أول ردة فعل ليتداول خام برنت أعلى مستوى 80 دولارا للبرميل، وسط ارتفاع مخاوف الأسواق حيال احتمالات اضطراب إمدادات النفط القادمة من الشرق الأوسط حال اتساع رقعة المواجهة. 

وأضاف أبو العلا في تصريحات لـ"تليجراف مصر" أن هذه المخاوف ستغذي الطلب على النفط خشية انقطاع الإمدادات أو تعطل سلاسل الإمداد جراء أي تصعيد عسكري محتمل، وهذا سيدفع أسعار الخام لمواصلة الصعود خلال الفترة المقبلة، على نحو يصب في صالح الدول المنتجة للنفط بينما ينعكس سلبًا على الدول المستهلكة التي ستعاني من ارتفاع الأسعار. 

من جانبه، توقع نائب رئيس هيئة البترول الأسبق مدحت يوسف، أن تصل أسعار خام برنت إلى مستوى 85 دولارا للبرميل حال استمرت التوترات الحالية دون تصعيد أكبر، موضحا أن مثل هذه المواجهات السياسية المصحوبة بنزاعات إقليمية ودولية يقابلها اضطراب في حركة البورصات العالمية وخصوصا أسواق النفط، إذ تدفع الدول والمستثمرين باتجاه زيادة الطلب على الخام بهدف تخزينه لمواجهة أية مستجدات طارئة، وبالتبعية ترتفع الأسعار.  

وقالت رئيسة استراتيجية السلع العالمية في “آر بي سي كابيتال ماركتس”، هيليما كروفت، في مذكرة حديثة، إن اغتيال هنية سيحرك الصراع في الشرق الأوسط باتجاه حرب أوسع نطاقا خاصة أن المواجهة حاليا تشمل حماس وإيران وحزب الله، الأمر الذي يعزز توقعات صعود النفط، مذكرة هنا بارتفاع خام برنت إلى مستويات 91 دولارا في أبريل الماضي تزامنا مع تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران على خلفية هجوم استهدف على قنصلية طهران فى دمشق.

نائب رئيس هيئة البترول الأسبق المهندس مدحت يوسف واستاذ هندسة الطاقة الدكتور رمضان أبو العلا


كيف تتأثر مصر؟ 

لا يستبعد المدير العام لبنك "ريموند جيمس" بافيل مولتشانوف وصول أسعار النفط خلال الفترة المقبلة إلى 100 دولار أو أكثر، مضيفا في مذكرة حديثة، أن الأسواق الناشئة ستكون أول المتضررين من هذا الارتفاع تحديدا الدول التي لا تملك القدرة على تحمل فاتورة استيراد الوقود بالعملات الأجنبية. 

وأشار مدحت يوسف في تصريحات لـ"تليجراف مصر" إلى أن مصر ستكون من بين الدول التي ستتأثر سلبا بارتفاع أسعار النفط عالميا الذي يقود بالتبعية لارتفاع أسعار الوقود عموما، وذلك كون مصر دولة مستوردة للنفط الخام والمنتجات البترولية، وبالتالي زيادة سعر النفط عن النطاق المحدد بالموازنة العامة للدولة سيترجم إلى أعباء إضافية على الدولة. 

وتقدر موازنة العام المالي الحالي، الذي بدأ في يوليو الماضي، سعر برميل النفط بـ82 دولارا، فيما تصل فاتورة دعم المواد البترولية إلى 154.5 مليار جنيه، وهو الرقم المتوقع تراجعه إلى قرابة 117.1 مليار جنيه عقب إقرار الحكومة الخميس الماضي زيادة لأسعار البنزين والسولار تتراوح بين 10 و15%.

وأوضح يوسف، أن أسعار البنزين والسولار في مصر تتأثر أيضا بالسعر العالمي للنفط، ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد إقرار زيادات جديدة لا سيما مع توجه الحكومة لرفع الدعم تدريجيا عن الوقود في غضون عام ونصف للوصول بالأسعار إلى ما يعرف بسعر التكلفة، مشيرا إلى أن الأسعار الحالية لا تزال بعيدة عن السعر العادل الذي يصل في حال لتر بنزين 80 إلى 23 جنيها بينما يجري تداوله الآن عند مستوى 12.25 جنيه ارتفاعا من 11 جنيها (قبل الزيادة).

النفط في النصف الثاني 

تلقت أسعار النفط دعما خلال النصف الأول من هذا العام من استمرار حرب غزة وتوترات البحر الأحمر التي أثرت على شحنات النفط المتوجهة إلى أوروبا ورفعت تكاليف الشحن البحري عالميا، تزامنا مع استمرار شح المعروض العالمي بفعل التزام منظمة أوبك وحلفائها بتخفيضات قياسية للإنتاج، الأمر الذي عادل أثر ارتفاع المخاوف حيال تباطؤ الطلب في الصين، أكبر مستهلك ومستورد لخام النفط في العالم.

وخلال الفترة من يناير إلى يونيو الماضي ارتفع خام برنت بقرابة 13.5% على أساس سنوي، فيما ارتفع الخام الأمريكي بـ13.8%، لتهدأ الأسعار بواقع 6% خلال تعاملات يوليو، قبل أن تعاود الصعود خلال الجلستين الماضيتين ليتداول خام برنت حاليا عند قرابة 80.3 دولار للبرميل. 

وفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، من المتوقع ارتفاع النفط خلال الأشهر المقبلة إلى مستوى 89 دولارا للبرميل مدفوعة بتصاعد توترات الشرق الأوسط واستمرار التزام مجموعة (أوبك بلس)، التي تستحوذ على نحو 55% من إمدادات النفط عالميا، بتخفيض إنتاجها بواقع 3.66 مليون برميل يوميا حتى نهاية 2025، فضلا عن تخفيضات طوعية من 8 دول بإجمالي 2.2 مليون برميل يوميًا ستظل مستمرة حتى نهاية الربع الحالي. 

ويتوقع بنك جولدمان ساكس وصول خام برنت إلى مستوى 90 دولارا خلال الفترة المقبلة، فيما يرجح بنك جيه بي مورجان وصوله إلى هذا المستوى خلال سبتمبر، على أن يواصل الصعود ليستهدف مستوى 100 دولار، ويتفق مع هذا السيناريو محللو بنك أوف أمريكا.  
 

search