الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:13 ص

تأثير التوترات الجيوسياسية على النفط.. هل تمسك أوبك بخيوط اللعبة؟

براميل للنفط موضوعة على خلفية مؤشرات

براميل للنفط موضوعة على خلفية مؤشرات

A A

قررت مجموعة "أوبك بلس" أمس، الإبقاء على سياستها الإنتاجية دون تغيير، على أن تبدأ زيادة الإنتاج تدريجيًا اعتبارًا من ديسمبر المقبل، في خطوة تخشى الأسواق من تأثيرها سلبًا على أسعار النفط بعد أن اختبرت الشهر الماضي أقل مستوياتها منذ 2021 قبل أن تتلقى دعمًا من التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. 

أوضح نائب رئيس هيئة البترول سابقا المهندس مدحت يوسف، أن التوترات الجيوسياسية التي يصاحبها نزاعات إقليمية أو دولية متعددة الأطراف غالبًا ما يقابلها ردة فعل في البورصات العالمية وتحديدًا في أسواق النفط إذ يميل المستثمرون لزيادة الطلب على الخام بغرض تخزينه لمواجهة أي مستجدات قد تفرضها هذه التوترات. 

النفط يهدأ 

وأضاف يوسف في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن زيادة الطلب تلك المدفوعة بذعر مرتبط بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة، من الطبيعي أن تقود الأسعار للارتفاع، لذا شاهدنا خام برنت يتداول أعلى مستوى 75 دولارًا للبرميل خلال تعاملات أمس  قبل أن يهدأ مع ختام التعاملات.  

وتابع أن استمرار ارتفاع النفط مرهون بوتيرة التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على ممرات عبور النفط والغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط، التي تُعد أكبر مورد للنفط والغاز عالميًا، وقد نشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار حال تسبب التصعيد العسكري الراهن في توقف حركة الشحن في موانئ الخليج العربي الأمر الذي سيغذي مخاوف مستوردي الطاقة ويدفعهم لتخزين كميات أكبر من النفط وبالتبيعة سترتفع الأسعار. 

ورجح أن يكون الارتفاع الحالي في أسعار النفط مؤقتا في ضوء عوامل أخرى تضغط على الأسعار أبرزها انخفاض الطلب علي النفط تحديدًا في الصين والهند، كنتيجة لاستمرار تداعيات الضغوط التضخمية المتصاعدة وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي والصين بوجه خاص. 

نائب رئيس هيئة البترول سابقا المهندس مدحت يوسف

ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات الثلاثاء الماضي بقرابة 3%، على خلفية إعلان إيران توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إسرائيلية وحتى الآن هي مرتفعة بنحو 5% منذ مطلع الأسبوع، وخلال التعاملات المبكرة اليوم ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من 1% لتتداول عند 74.9 دولار للبرميل.

لكن أسعار النفط لا تزال بعيدة عن مستوى 82 دولارا للبرميل الذي سجلته في أغسطس الماضي على خلفية مخاوف اتساع رقعة المواجهة في الشرق الأوسط في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أثناء تواجده في إيران، وإعلان إسرائيل مسؤوليتها عن عملية الاغتيال. 

أوبك تمسك بخيوط اللعبة

أكد يوسف، أن مجموعة أوبك بلس تستهدف من خلال سياسة الإنتاج المقيد بتخفيضات طوعية وغير طوعية الحفاظ علي مستويات إنتاج تتوافق مع احتياجات الأسواق العالمية وتضمن في الوقت نفسه مستويات سعرية مقبولة بالنسبة لأعضاء أوبك والمتحالفين معها من كبار منتجي النفط في العالم كروسيا. 

وقررت مجموعة أوبك بلس، أمس، مواصلة تخفيضات للإنتاج (طوعية وغير طوعية ) بواقع 5.86 مليون برميل يوميا، أي ما يمثل 5.7% من حجم الطلب العالمي على الخام، وذلك استمرارًا لسياسة الإنتاج المتفق عليها في نهاية 2022، على أن تبدأ أوبك زيادة الإنتاج بواقع 180 ألف برميل يوميًا اعتبار من ديسمبر المقبل. 

وأضاف يوسف، أن أوبك تتمسك بتخفيضات الإنتاج كون الأسعار المستهدفة من قبل أعضائها تتراوح بين 80 و90 دولارًا للبرميل، وحتى اللحظة خام برنت لا يزال بعيدًا عن هذه لمستويات باستثناء بعض القفزات المؤقتة بين فترة وأخرى. 

توقعات بصعود النفط 

اتفق معه أستاذ هندسة البترول والطاقة الدكتور جمال القليوبي موضحُا أن تخفيضات أوبك، وهي لاعب أساسي في سوق النفط، تُعد عاملا حاسما في حركة أسعار النفط خلال الفترة الراهنة، وحال تعرضت إيران وهي دولة عضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، لأي ضربة  عسكرية تستهدف منشآتها النفطية سنشهد ارتفاعا ملحوظا للأسعار. 

وأشار إلى أن سوق النفط يعاني فعليا من نقص المعروض ليس فقط بسبب تخفيضات إنتاج أوبك إنما أيضا بسبب عوامل أخرى، منها تراجع عدد منصات التنقيب عن الخام الأمريكي واتجاه أمريكا لتعزيز وارداتها من النفط الخام خلال الفترة الماضية للاستفادة من تراجع الأسعار لبناء الاحتياطي الاستراتيجي لديها بعد أن تعمدت السحب منه لتعزيز الإمدادات العالمية للحد من تأثير تخفيضات أوبك.

وتوقع أن تسجل أسعار النفط المزيد من القفزات خلال الفترة المقبلة حال ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري في الشرق الأوسط.  

أستاذ هندسة البترول والطاقة الدكتور جمال القليوبي

اعتبرت كابيتال إيكونميست في مذكرة حديثة، أن أوبك وتحديدا السعودية يمكنها تعويض أي تعطل قد يصيب الإمدادات الإيرانية من النفط، التي تمثل قرابة 4% من حجم الطلب العالمي على الخام، وبالتالي من المستبعد أن نرى ارتفاعا قويا في الأسعار. 

فيما توقعت شركة Lipow Oil Associates الأمريكية، أن تسجل أسعار النفط ارتفاعا بواقع 5 أو 7 دولارات للبرميل حال استهداف إسرائيل للبنية التحتية لتصدير النفط الإيراني، مرجحة أن تمر التوترات الجوسياسية الراهنة دون أي تأثير على الإمدادات القادمة من الشرق الأوسط.

search