الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

02:45 ص

الجميلة والمنشار.. أسماء تبدع في مهنة الرجال بـ"لمسة أنثوية"

أسماء المسيري

أسماء المسيري

محمد حيزة ـ روان حمزاوي

A A

شارع ضيق في منطقة العجمي بالإسكندرية، تكسر صمته نقرات ورشة صغيرة تغلب دقة إنتاجها على بساطتها، من خلال أعمال فنية من لوحات الفسيفساء والمرايا المزخرفة وأدوات العزف، وخلفها تقف “أسماء” بقلمها تخطط ألواح خشبية يتجاوز طولها 3 أمتار، وتضع بصمة فنية بذوق رفيع.

في ورشة أسماء، دهان الموبيليا أهم من طلاء الأظافر، والمرآة بالنسبة لها تصميم تقتحم به مهنة الرجال، من خلال احتراف النجارة وتصميم الأثاث، في طريق حلم بأن تصبح مهندسة ديكور يوما ما.

أسماء المسيري، زوجة وأم لطفلين، لم يمنعها شيء عن تحقيق حلمها، وتخطت الكثير من الصعاب حتى تحقق المعادلة الصعبة، بأن تكون أما ناجحة ونجارة ماهرة، وتقول، “تخرجت من كلية الفنون الجميلة، وصنعت أول جدارية لي وكانت فكرة مشروع تخرجي، واستغرقت تلك الجدارية حوالي 3 أشهر من عمل وجهد ووقت وأفكار”، مضيفة أنها تعتز بها اعتزازًا كبيرًا واحتفظت بها في ورشتها، وتنظر إليها من وقت لآخر بكل فخر وأمل.

أضافت أسماء، أن تخصصها شجعها وألهمها فكرة عملها الخاص في كل ما يتعلق بديكورات الأثاث والتزيين والزخرفة، وفي البداية اتجهت إلى رسم اللوحات والمجسمات ذات المنظر الجمالي، والتي تضيف لمسة فنية خاصة للمكان، وبدأت بالبحث عن ما هو أكثر شهرة في سوق تخصصها، ووجدت أن المرايا تحظى بإقبال كبير، ومن هنا قررت استغلال موهبتها في زخرفتها، وإضافة طابعا جديدا ومختلفا، كانت مرنة فيه حتى يناسب جميع الأذواق.

تحكي أنها في البداية كانت توفر خامات الزجاج والمرايا جاهزة، قبل أن تقرر إنتاجها بنفسها، ما زاد من قيمة العمل الفنية وبالتالي الطلب عليه، وساعدتها “الورش” التي درستها بجانب مجال تخصصها في إتقان مهارات العمل اليدوي المطلوبة، ما جعلها أكثرًا احترافًا فيه وفي اختيار الخامات المناسبة لكل طلب.

تستكمل، أن فكرة العمل الفني مكلفة، وغالبًا ما تكون هناك خسائر مع إهدار الخامات فضلا عن بعض الإخفاقات الوارد حدوثها في أثناء العمل على المنتج، ولكن كان الطموح دافعا أساسيا وقويا للإبقاء على شغفها واستكمال طريقها.

أوضحت أسماء، أنه من ضمن العقبات التي تواجهها في مهنتها هي “الموردون الرجال” لجميع أنواع الخامات في سوق نفوذهم، ومن الغرابة وجود النساء فيه، أيضًا العملاء الذين تتعامل معهم من مهندسين وفنانين وحرفيين، وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه المشكلة وظّفتها في اكتساب خبرة في كيفية التعامل مع السوق والاعتماد على نفسها، وتوخي الحذر واكتساب الفطنة.

وتحدثت أسماء عن كيفية الموازنة بين عملها وشغفها ودورها كأم لطفلين، مؤكدة أنها تعطي كل وقت حقه، وتتجنب أن تغلب النجارة الأم أو العكس، من خلال تقسم أيامها وساعاتها، إذ تخصص 3 أيام أسبوعيا لورشتها، ويومين لتعلم العزف على الجيتار، وبينهم وقتها لبيتها وأطفالها.

بشأن إنتاجها، توضح أسماء أن كل عمل يختلف عن الأخر حسب المساحة المطلوبة والخامات المستخدمة، وعلى أقل تقدير يستغرق أصغرها من يومين إلى ثلاثة، وقد تصل مدة العمل على منتج واحد إلى عدة أشهر، مضيفة أنه في بداية الأمر حدثت إخفاقات كثيرة بسبب عدم الخبرة، كدخول الزجاج المتناثر إثر تقطيعه بطريقة خاطئة في عينيها، ناهيك عن الجروح في اليدين والوجه، ولكن بالممارسة استطاعت تفادي تلك الإخفاقات، وأصبحت تملك القدرة على تجنبها.

جلست أسماء بابتسامة فخر تتأمل وتلتفت إلى كل ما أسند على حوائط ورشتها، تنظر إلى كل حبة خرز وضعتها في كل عمل لتخرج تحفة فنية مختلفة لا يمكن تكرارها، على الأقل بالنسبة لها، بالنظر إلى ما تكلفته فيها من وقت ومجهود وبعض الجروح والخدوش، لتخرج كل قطعة منها بكل “حب وثقة وفخر”.

search