المسكوت عنه في حيثيات وفاة اللاعب أحمد رفعت
تحوي القصص عادة فصولا سعيدة وأخرى حزينة، فيتقلّب المتلقي بين السعادة الجارفة والحزن الهادر، وهكذا تكتمل عناصر الإثارة والتشويق وفق النظرة الشكسبيرية، لكن المؤسف أن قصة اللاعب الراحل أحمد رفعت كسرت تلك النظرة، فلم يكن فيها لحظات سعيدة، وإن وجدت فهي نادرة، مقابل فصول من الحزن والظلم والألم الذي أنهى حياته وهو في عز شبابه وأوج تألقه فاطرًا معه قلوب كل من عرفه أو حتى رآه، بل وكل من عزّ عليه أن يرحل شاب في مقتبل حياته.
ومع بداية العام الجديد أسدلت النيابة العامة الستار بعد أن كشفت عن الفصل الأخير من القصة المؤلمة، بإظهار سبب الوفاة التي أرجعته إلى جلطة قلبية بالشريان التاجي المحوري، نتيجة خلل جيني يؤدي إلى التصلب المبكر في الشرايين التاجية وحدوث خلل بالصفائح الدموية، وبعد أسبوع من هذا البيان أعلن اتحاد الكرة إلزام مودرن فيوتشر نادي اللاعب بدفع 22 مليون جنيه لصالح ورثة "رفعت".
وكالعادة، ركّز الجميع على سبب الوفاة ورقم التعويض وموقف نادي موردن فيوتشر منه، فيما تم إغفال أهم فقرة في بيان النيابة العامة، وهي فقرة التوصيات التي وضعتها حتى لا تتكرر مأساة "رفعت" واللاعب محمد شوقي الذي رحل أيضًا في نوفمبر الماضي نتيجة توقف عضلة القلب أثناء مشاركته بمباراة لفريقه بدوري القسم الثاني.
والبداية كانت المطالبة بوضع لائحة تحتوي على جميع الاشتراطات الطبية والصحية لممارسة الأنشطة الرياضية، بجانب تعميم إجراء الفحص الجيني وهو فحص يمكنه التنبؤ بالأمراض ما يحمي اللاعبين قبل أن يبدؤوا اللعب، كما أوصت النيابة العامة في توصياتها بضرورة إلحاق أحدث الأجهزة الطبية اللازمة لإسعاف المصابين بجميع النوادي والفرق المصرية على اختلاف درجاتها، والشطر الأخير مهم جدًا لأن في دوري نايل تلك الاشتراطات متوفرة، أما في باقي الدرجات والتي أكد عليها بيان النيابة فهي غير متوفرة، بل هناك مباريات لا يوجد فيها عربة إسعاف وإن وجدت فهي بدائية التجهيز.
وفيما يخصّ اللاعبين أنفسهم، طالبت النيابة العامة بمنع تناول أي منشطات أو مكملات غذائية أو مشروبات طاقة ومنع اتباع أي نظام غذائي إلا بإشراف طبي، بالإضافة إلى إجراء كشف طبي متقدم على جميع اللاعبين قبل المشاركة في أي بطولة دولية أو محلية، ويحظر مشاركة اللاعبين في تلك البطولات إلا عقب اجتيازهم الكشف.
وأخيرًا طالبت النيابة العامة بإجراء تحليلات وكشوفات طبية دورية على جميع اللاعبين بالفرق والأندية المصرية المختلفة وإعداد سجل طبي لكل لاعب يحتوي على نتائج تحليلاته وكشوفاته الطبية.
بالطبع قد يظن البعض أن بيان النيابة العامة لم يأتِ بجديد، وأن تلك الإجراءات متبعة بالفعل في الأندية المصرية، ومن يظن ذلك ليس بوسعي سوى وصفه بأنه حسن النية بشكل أكبر مما يحتمل الواقع الذي يشير إلى أن تلك البديهيات غير متوفرة بالشكل الكامل في دوري نايل، وربما غير متوفرة بالكلية في الدرجات الأقل مثل دوري المحترفين ودوري الدرجة الرابعة، وبالتالي لم يكن أن تصدر النيابة العامة توصيات لمجرد الديباجة أو إبراء الذمة قدر معرفتها الدقيق بالأمر الواقع وما كشفته التحقيقات التي أجرتها في وفاة أحمد رفعت ومحمد شوقي رحمهما الله.
بالتأكيد تلك التوصيات لن تعيد لاعبين رحلوا ولن تمنع حالات وفاة كتلك تحدث في جميع ملاعب العالم، لكنها على الأقل ستقلل نسب حدوث الوفاة، وعلى الأقل سنكون قدّمنا ما بوسعنا من أجل إنقاذ أرواح شباب هم ثروة مصر الحقيقية في كل مجال خاصة كرة القدم التي تعد القوة الناعمة الأبرز الآن بجانب الفن والغناء وكل مجالات الإبداع، وبالتأكيد أن تلك التوصيات لم تلقَ حظها من النشر والتركيز عليها مقابل نشر أخبار وعناوين أخرى كانت أكثر جذبًا للجمهور لكنها أقل أهمية.
مقالات ذات صلة
لماذ أحببنا علي معلول؟
29 يناير 2025 01:44 م
"دي البداية".. اللقاني يعلق على فوز الزمالك بالبطولة العربية للطائرة
26 يناير 2025 03:50 م
قناصو الأهلي.. رجال في مهام صعبة لتأمين الفوز
30 ديسمبر 2024 01:03 م
عن خيانة الفرح وطموح الجماهير في ليلة الـ14 من ديسمبر
16 ديسمبر 2024 10:20 ص
أكثر الكلمات انتشاراً