لماذ أحببنا علي معلول؟
لحظة ميلاد الفرح كان في حبيب رايح، تبدو الجملة مماثلة تمامًا لـ24 ساعة ضُربت فيهم مشاعر الأهلاوية في "الخلاط"، بين عودة محمود تريزيجيه إلى الأهلي واقتراب رحيل "معلول" لم يعد المرء يعرف هل عليه أن يفرح أم يحزن، لكن على ما يبدو أن الحزن هو الذي سيطر، وأن ساعة الفراق بدت أقوى بكثير من لحظة اللقاء التي يمكن أن تتجدد في المستقبل، أما الآن فللرحيل أثره المر وعذابه المستمر وذكرياته التي تظل تقول لنا "كان هنا".
هل للأمر علاقة بالمهارة، الجودة، معدل الركض، دقة التصويب، عدد البطولات ومدى فعاليته داخل الملعب، أم كل هذا نتيجة خريطته الحرارية داخل المستطيل الأخضر وروعة تحركاته بدون كرة، أو لعل الأمر برمته يتعلق براتب متوسط مقارنة بمن هم في أقرانه، لماذا كان السؤال الأبرز، لماذا أحببنا علي معلول كل هذا الحب؟
بعد الكثير من التحليلات والأسئلة التي طرحتها على نفسي مسترجعة ثمانِ سنوات هم عمر اللاعب التونسي في "التتش" أدركت أنه لا شيء من كل هذا هو من حفر اسمه في قلوب الجماهير التي جعلت من لحظة ارتدائه شارة القيادة لحظة تاريخية في سابقة استثنائية ربما على مستوى العالم، بالتأكيد قدراته الفنية كانت عوامل مساعدة في حب جارف، لكن منذ متى يحب الجماهير اللاعب بسبب أرقامه فقط؟، لو كان هكذا لضمت القائمة عشرات الأسماء لكن الحقيقة أن قائمة علي معلول قصيرة جدًا كقصر قائمة البوكر العالمية في اختيار الرواية الأفضل.
نعم أحببنا علي معلول، لأنه لاعب مخلص، لا أقصد بذلك معدل الركض والقتال حتى آخر لحظة وإخراج عشرات الأهداف المحققة من على خط المرمى، لكن لأنه خلال ثمانِ سنوات لم نراه مشغولًا بشيء سوى النجاح وإعلاء قميص فريقه والمنافسة بشرف والفوز باستحقاق.
أحببنا معلول لأنه لاعب محترم، يحترم جماهير المنافس قبل جماهير الفريق، ليس له في "الشو"، ولم تضبطه مرة يشير لأي جمهور بإشارة غير لائقة، أما بالنسبة لجماهير الاهلي القاسية في الكثير من الاحيان، لم يكن "علي" يكنّ لهم سوى التقدير غير العادي، مهما كانت قسوة الانتقادات الموجهة إليه، التوبيخ على ضياع بعض الفرص، كانت إجابته الدائمة هي الاعتذار والوعد بأن القادم أفضل ودائما كان يفي بوعده.
نعم أحببنا علي معلول لأنه لم يزايد على الجماهير ولم يمارس عليهم أي ورقة ضغط، وقت أن انهالت عليه العروض بأضعاف راتبه، لم يجري وراء الأموال أو يلهث وراء الثراء الباذخ، ولم يستغل ذلك أيضًا في الضغط على الإدارة لزيادة راتبه، وأوقات التجديد كان الراجل صامتًا موقعًا في هدوء تام بلا وكيل يعلن في كل وسيلة أن العروض الكثيرة يمكن دراستها أو حتى التلويح، باختصار أختار علي معلول الأهلي طواعية.
نعم أحببنا علي معلول لأنه لاعب كبير، ولا أقصد أيضًا القدرات الفنية بل سماته الشخصية التي جعلته لمدة ثمانِ سنوات بلا مشكلة مع أي لاعب سواء زميل أو منافس رغم تعاقب الأجيال عليه ظل دائما موضع الاحترام والود والصداقة بين زملاؤه، اما علاقته مع المديرين الفنيين فيكفي أن كل مدير فني تولى قيادة الأحمر اعتمد عليه في التشكيلة الأساسية ولم يضبط يومًا معترضا على "تبديل" أو شاكيًا من جلوسه "دكة".
حتى مع اقتراب رحيله، لم يشن علي معلول أي هجوم، بل على لسان وكيله أكد أنه يرفع الحرج عن إدارة الأهلي، إلى هذا الحد كان خلوقًا وإلى هذا الحد لم يرد أن يسبب أي إزعاج، لذلك دخل علي معلول قلوب جماهير الأهلي من باب آخر وهو باب الحب والإخلاص والانتماء للفريق والصفات الثلاث لا يقدرون بملايين الدولارات لأنها ببساطة إرثه الذي سيستمر طول السنوات المقبلة، ومثلما يعرف فلافيو وجيلبرتو أن لهم شعب يحبهم في مصر ونادي يفتح لهم أبوابه أينما جاءوا، سيكون لمعلول نفس المكانة وأكبر لأن فلافيو وجيلبرتو تواجدوا في جيل من الأساطير، أما الجيل الحالي للاهلي فلم يكن فيه سوى أسطورة واحدة أسمها علي معلول ولهذا نحبه ونحزن على رحيله وليس في وسعنا سوى قول "ونلاقي زيك فين يا علي".
مقالات ذات صلة
"دي البداية".. اللقاني يعلق على فوز الزمالك بالبطولة العربية للطائرة
26 يناير 2025 03:50 م
المسكوت عنه في حيثيات وفاة اللاعب أحمد رفعت
16 يناير 2025 12:04 م
قناصو الأهلي.. رجال في مهام صعبة لتأمين الفوز
30 ديسمبر 2024 01:03 م
عن خيانة الفرح وطموح الجماهير في ليلة الـ14 من ديسمبر
16 ديسمبر 2024 10:20 ص
أكثر الكلمات انتشاراً