الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:09 م

الموت بـ"اليونيفورم".. جولة في "دماغ" الموظف الياباني

الموظفين في اليابان

الموظفين في اليابان

إسراء عبدالفتاح

A A

يعيش في اليابان ما يقرب من 125 مليون مواطن، منهم 67.5 مليون موظف، يعتبرون من أكثر الموظفين في العالم التزامًا وانضباطًا وحرصًا على العمل، للدرجة التي دفعت حكومة طوكيو للإعلان عن مكافآت لمن يغادر عمله مبكرًا.. تخيل؟!

ستندهش بالطبع، لكن هذه هي الحقيقة. ففي 2017، طورت شركة Blue Innovation، ومقرها طوكيو، إنتاج طائرة مسيّرة، تحث الموظفين على مغادرة مقار العمل في مواعيدهم الرسمية، بدلا من العمل ساعات إضافية، بعد تفشي ظاهرة "الكاروشي"، التي تعني الموت من كثرة العمل.

الراحة.. يوم واحد

ثقافة العمل لساعات طويلة في اليابان أفادت قطاع الاستثمار هناك كثيرًا، وكانت سببًا مباشرًا في التطور الكبير الذي شهدته البلاد ما بين ستينيات القرن الماضي، حتى أطلقت الحكومة اليابانية في 2005، حملة لتشجيع المواطنين على مغادرة العمل مبكرًا، ووعدت بصرف حوافز مالية لمن يستجيب، لكنها فشلت.

جريدة “إندبندنت” البريطانية أرجعت جذور حرص اليابانيين على العمل إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت أجور الموظفين منخفضة للغاية، ما دفعهم إلى زيادة ساعات العمل للحصول على راتب إضافي.

 كما شهد سوق العمل الياباني في التسعينيات موجة إعادة الهيكلة، ما دفع بالموظفين إلى زيادة ساعات العمل خوفاً من فقدان وظائفهم. وهو ما ساعد على تعميق ثقافة العمل الإضافي حتى الآن.

مواعيد منضبطة

قانون العمل الياباني يحدد أوقات الشغل الرسمية بـ40 ساعة أسبوعيًا، أي 8 ساعات يوميًّا، لكن الموظفين أنفسهم كثيرا ما يستمرون في أداء مهامهم لأوقات إضافية، ومن ثم تلتزم الشركات دفع مقابل مادي لكل ساعة إضافية، بحسب ما أكده أستاذ القانون الدولي والمتخصص في الشئون الآسيوية، محمد عمران.

القانون نفسه، كما يقول عمران، يشترط ألا تقل أيام الإجازات الأسبوعية عن يوم واحد، وهو بهذا يفتح الباب ليومين إجازة، إلا أن أغلب الموظفين يحرص على الذهاب للعمل 6 أيام أسبوعيًّا. وفي التاسعة صباحًا تماما، يكون الواحد منهم في مكان عمله، بلا تأخير.

ومن المعروف عن اليابانيين الانضباط واحترام المواعيد. فمحطة السكك الحديدية Tokaido Shinkansen، التي بدأت الخدمة منذ 110 سنوات، لم تسجل سوى حالتي تأخير طوال مدة خدمتها، وكانت إحداها لمدة 18 ثانية، والأخرى لمدة دقيقة. وفي الحالتين، قدمت الشركة اعتذارا للركاب.

الإجازات السنوية المدفوعة، يحددها القانون بـ20 يومًا، وذلك لمن تجاوزت نسبة حضوره اليومي 80%، فيما يشدد على ضرورة توفير وقت للراحة وسط اليوم، لا يقل عن 45 دقيقة، وإذا تجاوزت ساعات العمل اليومية 6، فلابد من حصول الموظف على 60 دقيقة راحة.

قواعد اليونيفورم

كشفت دراسة أجراها الاتحاد التجاري لنقابات العمل الياباني في 2019، أن 57% من الموظفين ملتزمون بقواعد الملابس والمظهر في أماكن العمل، سواء كانوا رجالًا أو نساء، و9% لديهم قواعد تخصّ الألوان المسموح باستخدامها، و16% لديهم قواعد في نوع الحذاء المسموح بارتدائه خلال التواجد في العمل.

وبينت الدراسة أن 19% من الرجال الموظفين يطلب منهم ارتداء "بدلات" و"الكرافتة"، و32% لا يسمح لهم بارتداء "الأقراط"، وما يخص السيدات فإن 15% منهن يجب عليهن وضع المكياج، و19% يجب عليهم ارتداء الكعب العالي في أماكن العمل.

لا للسمنة

ومن ضمن القواعد التي وضعتها الشركات اليابانية، هو قياس مقاس الخصر لمن تتراوح أعمارهم بين 40 و75 عامًا، لقياس مدى السمنة. وينص القانون الياباني، الذي يحمل اسم Metabo، أن يكون قياس الخصر 33.5 بوصة للرجال، و35.4 بوصة للنساء، ومن يتجاوز هذا المعدل، يلزمونه باتباع نظام صحي غذائي لإنقاص وزنه.

ويبلغ متوسط رواتب الموظفين والعاملين في اليابان 317 ألفًا و453 "ين" يابانيًّا، بما يعادل نحو 2200 دولار شهريًّا، فيما ترتفع رواتب ذوي الحرف اليدوية والصناعات إلى 345 ألف ين (نحو 2400 دولار). وهو رقم يبدو كبيرا، لكن تكلفة المعيشة هناك أعلى بكثير من نظيرتها في مصر والدول العربية، فسعر كيلو الأرز يبلغ 3.4 دولار، والطماطم 4 دولارات، ولتر البنزين 1.1 دولارا.

search