السبت، 05 أكتوبر 2024

04:26 م

ريهام سعيد ليست وحدها!

في مارس من عام 2018، كانت الرحلة هادئة في السماء بين بيروت ودبي، يجلس الركاب على مقاعدهم يتناولون وجبة الطعام، قبل أن يعكّر صفوهم ما فعله طبيب التجميل الشهير، حيث اقتحم صفوف الطائرة وهو يسبّ ويشتم زميلا له ويحاول الاعتداء عليه بالضرب، وكأنه بهذا السلوك الإجرامي يعاقب الدكتور إيلي عبد الحق على تقريره الطبي الذي أصدره من موقعه المسؤول كرئيس للجمعية اللبنانية للتجميل والترميم بشأن قضية وفاة فرح قصاب. 
صاحب هذا السلوك العنيف لم يخجل من الاتهامات التي كانت تطارده، من التسبب في وفاة سيدة شابة عمرها 33 عاما وأم لطفلين، كل ذنبها أنها سافرت إليه لإجراء جراحة تجميلية فخرجت جثة هامدة، تاركة وراءها الكثير من علامات الاستفهام والغموض حول ما تؤول إليه نتائج الأخطاء الطبية التجميلية في البلد العربي الأشهر في هذا المجال، كما زادت واقعة الاعتداء على الدكتور عبد الحق الكثير من التساؤلات حول السلوك الشخصي الذي ينتهجه هذا الطبيب في ردود الفعل على الاتهامات التي توجه إليه.

ولمن لا يعرف حكاية وفاة فرح قصاب، فقبل 6 سنوات دخلت ابنة رجل الأعمال العراقي الأردني جواد القصاب، وكانت "في عز شبابها"، لم تكن حينها تتجاوز عمر الـ33 عاما وأما لطفلين، ذهبت لإجراء جراحة تجميلية بسيطة فتم إقناعها بإجراء عملية لشفط الدهون من الجسم، وبحسب ما سمح بنشره من تحقيقات فقد أجرى لها أكثر من عملية حتى أصيبت بجلطة دهنية، وماتت.

ماتت فرح بعدما رفض مستشفى قريب استقبالها بعد سؤال عن حالتها فأغلق الطبيب الخط، وحمل جثمانها في سيارة خاصة غير مجهزة وذهب بها إلى مستشفى آخر وكانت فارقت الحياة.

هذه الواقعة الشهيرة التي هزّت الرأي العام وقتها مرت مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث، وصدرت قرارات إجرائية حينها لم تردع المتهم ولم يدان، وبفعل الزمن والعلاقات الغامضة المتشعبة أصبحت شيئا من الماضي، جريمة دون عقاب.

منذ أيام عاد هذا الطبيب مرة أخرى إلى قفص الاتهام بعدما شوّه وجه الإعلامية ريهام سعيد، التي ذهبت إليه ومنحته الثقة ليتدخل في تغيير بسيط طلبته منه، فتحول الأمر لعاهة مستديمة في الوجه لا أدرى إذا كان فعلها عن جهل أم عن عمد؟

في العام قبل الماضي 2022، تسرّبت صور للنجمة الكبيرة ميادة الحناوي، وامتلأ بها الفضاء الإلكتروني تزعم إجراءها عملية تجميل في الوجه، وتهدف تلك الصور إلى توضيح الفارق بين شكلها قبل وبعد إجراء العملية عند نفس الطبيب المثير للجدل، لم تكن ميادة الحناوي تتوقع أن تجد صورها في كل مكان دون علمها، لكنها رفضت الانخراط في جدل يجرّها إليه صاحب المصلحة في هذا التسريب، واكتفت بأنها سترد في الوقت المناسب، وحين علّق الطبيب المتهم الأول بالتسريب في لقاء تلفزيوني أخذ يراوغ ويلف ويدور دون إجابة مقنعة للمشاهد، هذا أيضا اعتداء من نوع آخر غير الذي وقع في الطائرة، وسلوك يطرح مزيدا من التساؤلات حول خصوصية المرضى ونشر صورهم دون استئذان أو موافقة.

نعود مرة أخرى إلى قضية ريهام سعيد، فالأمر لم يكن وليد الأيام القليلة الماضية، ولكنه استمر 11 شهرا، لك أن تتخيل، عام كامل تحاول مريضة مصابة بخطأ طبي مخاطبة ضمير الطبيب  ليصلح ما أفسده في صمت وتنتهي الحكاية، إلا أنه ظل يماطل ويراوغ ضاربا عرض الحائط بتوسلات سيدة تعاني نفسيا ومعنويا.

لم يكترث هذا الطبيب المثير للجدل بدموع سيده تتوسل إليه أن يعيدها إلى ما كانت عليه، لا تطلب منه غير ذلك فيماطل ويماطل ويكذب ويلفق، كمان لو كان متعمدا أن يشوه وجهها.

لك أن تتخيل أن يقوم طبيب بإخراج هاتفه وقت إجراء العملية ويصوّر وجه المريضة، وهو مفتوح ويرسله لها بعد الانتهاء من جريمته، فأي بروتوكول أو أخلاق مهنة أو ميثاق طبي يسمح بما حدث!

لم يكتفِ بما ارتكبه داخل غرفة العمليات، بل خرج ليستكمل تشويه ريهام سعيد، ناسجا من وحي خياله المريض أفظع وأشد الأكاذيب في محاولة للتملّص من جريمته التي لا تحتاج إلى إثبات، فوجه ريهام سعيد موجود ورأيناه جميعا في حلقتها السبت الماضي عندما ظهرت دون مكياج، ورأيناه قبل إجراء العملية، ويمكن لنا جميعا أن نقارن ونرى الحقيقة كاملة ونكتشف ببساطة ما فعله هذا الطبيب.

لا أعلم أين نقابة الأطباء اللبنانين وأين وزارة الصحة اللبنانية، لماذا لا يجرؤ أحد على توقيفه والتحقيق معه ومحاسبته على كل هذه الجرائم التي وصلت حد القتل والضرب والتشويه والاعتداء على الخصوصية والكذب طوال كل هذه السنوات.

ضحايا هذا الطبيب كثيرات ومن دول عربية مختلفة، جميعهم يفضلون الصمت بسبب عدم ثقتهم في الحصول على حقوقهم بعد واقعة القتل التي مرت مرور الكرام، أما ريهام سعيد فلم تخش ولم تبغِ إلا حقها، وهي من أجل ذلك مستمرة في معركتها التي يجب أن نساندها فيها، لينال هذا الطبيب عقابه على مجمل جرائمه.

title

مقالات ذات صلة

search