الثلاثاء، 01 أبريل 2025

11:17 م

البرهان في القصر والمطابخ تحتفل.. عودة الروح للخرطوم بعد سيطرة الجيش

البرهان في القصر الجمهوري

البرهان في القصر الجمهوري

سيد محمد

A .A

شهدت منطقتا الصحافة والامتداد في العاصمة السودانية الخرطوم أجواءً من الفرح مع دخول القوات المسلحة إلى المنطقة، حيث بدأ السكان في تنظيم خطوات لاستعادة الحياة الطبيعية تدريجيًا، وجاء ذلك بعد انسحاب قوات الدعم السريع، ما أتاح للأهالي فرصة العودة إلى أنشطتهم اليومية التي تعطلت بسبب النزاع المستمر.

تجمّع الأهالي في شوارع الصحافة، معبّرين عن فرحتهم الكبيرة بتقدم الجيش السوداني، حيث استقبل المواطنون الجنود بحفاوة وسط هتافات الفرح والتكبير التي علت في المساجد. 

وشهدت مناطق مثل جبرة والعشرة انسحاب قوات الدعم السريع، بعد عامين من النزاع الذي اندلع في 15 أبريل 2023، ما زاد من مشاعر التفاؤل بين السكان.

مدينة الخرطوم

أحياء بلا قوات.. وانسحاب مفاجئ

واستعادت القوات المسلحة سيطرتها على الخرطوم دون أي مواجهات مسلحة، بعد انهيار قوات الدعم السريع وانسحابها بشكل متفرق نحو خزان جبل أولياء، تاركة خلفها مواقعها السابقة ومغادرة حدود ولاية الخرطوم بكل ما تمكنت من حمله من عتاد وذخائر وممتلكات.

في ظل الانسحاب المفاجئ لقوات الدعم السريع، وجدت العديد من الأحياء السكنية نفسها دون أي وجود عسكري، ما دفع المواطنين إلى النزول إلى الشوارع وإعلان خلو مناطقهم من الميليشيات، مطالبين الجيش بسرعة الانتشار لحفظ الأمن.

وبالرغم من غياب قوات الدعم السريع عن هذه المناطق، بدا الوضع الأمني هادئًا ومستقرًا، وكأن الحرب لم تترك أثرًا واضحًا في بعض الشوارع. أما في الأحياء الواقعة بين مطار الخرطوم وشارع الستين وعبيد ختم وأركويت، فقد عمّت مشاعر الارتياح مع عودة الحياة تدريجيًا بعد عامين من المعاناة.

البرهان في القصر الجمهوري

وفي زيارة هي الأولى من نوعها منذ عامين، وصل القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى مطار الخرطوم يوم الأربعاء على متن طائرة مروحية.

وفور وصوله، توجه مباشرة إلى القصر الجمهوري، حيث ألقى خطابًا أمام مجموعة من الجنود، أكد فيه أن العاصمة الخرطوم أصبحت تحت سيطرة الجيش بالكامل.

مغادرة قوات الدعم السريع نحو الجنوب وسط ترقب الأهالي

في السوق المركزي ومنطقة جنوب الحزام، لم يكن واضحًا في البداية أي جهة عسكرية تسيطر على المنطقة، إذ انسحبت قوات حميدتي على شكل مجموعات باتجاه جسر جبل أولياء منذ مساء الثلاثاء 25 مارس 2025.

وقال أحد سكان جنوب الحزام، ويدعى مازن، عبر خدمة "ستار لينك" للإنترنت الفضائي، إن المنطقة تعيش حالة هدوء حذر، حيث لا تزال خالية من أي وجود عسكري واضح، مع ترقب وصول القوات المسلحة في أي لحظة.

وأشار مازن إلى أن سكان جنوب الحزام يأملون في تعويض الأوضاع الصعبة التي عاشوها خلال سيطرة قوات الدعم السريع، والتي أثرت بشكل كبير على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.

استقبال البرهان في الخرطوم

احتفالات وفرحة بعودة المدينة

تحولت مراكز المطابخ الجماعية التي كانت تقدم الطعام للنازحين إلى أماكن للاحتفال، حيث اجتمع الرجال والنساء والأطفال في شارع الستين، مرددين الهتافات التي تؤكد رفضهم لوجود المليشيات واستعادة روح المواكب السلمية التي عاشها السودانيون خلال الاحتجاجات الشعبية.

في أحياء الصحافة، التي شهدت انتهاكات جسيمة على يد قوات الدعم السريع، علت زغاريد النساء وهتافات الشباب والرجال احتفالًا بعودة المدينة إلى حضن الدولة. وتوافد عشرات الجنود من سلاح المدرعات إلى أحياء الصحافة والعشرة، نظرًا لقربها من قاعدة المدرعات العسكرية.

كانت هذه الأحياء قد تحولت إلى منصات لإطلاق الصواريخ خلال النزاع، حيث استخدمت قوات الدعم السريع مواقعها لاستهداف منطقة الشجرة بشكل مكثف. لكن مع سقوط ترسانة حميدتي في 26 مارس 2025، بدأت حياة الأهالي تأخذ منحى جديدًا نحو الأمان والاستقرار.

مشهد مؤثر

في مشهد مؤثر، عانق جنود الجيش المواطنين في أحياء الصحافة، حيث عكس ذلك اللحظة التي طال انتظارها، بعد عامين من فقدان الأمل والمعاناة اليومية. في الوقت الذي نجا فيه المدنيون من بطش قوات الدعم السريع، لا تزال الأسئلة قائمة حول مصير الأسرى وأماكن الاحتجاز السرية التي يُعتقد أنها تجاوزت أربعين موقعًا في العاصمة.

عودة الحياة إلى شوارع الخرطوم

قبل انهيار قوات الدعم السريع، كان المدنيون يتجنبون الشوارع الرئيسية، خاصة النساء، خوفًا من الانتهاكات. أما اليوم، فقد تدفق مئات المواطنين إلى الشوارع يحتفلون بالنصر والحرية، بينما كانت الشوارع خالية تمامًا من السيارات، في مشهد يجسد آثار حرب دمرت نحو 1.5 مليون مركبة، أغلبها تم نهبها من قبل قوات الدعم السريع.

حي الصحافة

الجيش يؤمّن المناطق الاستراتيجية في الخرطوم

تمكّنت القوات المسلحة من السيطرة على مواقع استراتيجية، مثل تقاطع صينية ونفق السوق المركزي جنوب شرق العاصمة، والذي كان يعدّ نقطة هامة لقوات الدعم السريع. كما نفّذت عمليات تمشيط واسعة في منطقة الصحافة، أسفرت عن القبض على قناصة أجانب مصابين بالقرب من تقاطع محطة سبعة، أحد أكبر تمركزات قوات الدعم السريع سابقًا.

كما أحكم الجيش قبضته على الميناء البري والسوق المحلي في الخرطوم، بعد انسحاب قوات الدعم السريع، مما عزز من شعور السكان بالطمأنينة.

عودة تدريجية للخدمات الأساسية

في بداية أحياء جبرة جنوب الخرطوم، تجمّع المواطنون أمام مكاتب الكهرباء وهم يرفعون علم السودان، مستعيدين منطقة كانت مغلقة بالكامل بسبب انتشار الأسلحة الثقيلة التي استخدمتها قوات حميدتي لمهاجمة المدرعات.

من جهة أخرى، شهد جسر جبل أولياء مغادرة آخر مجموعات قوات الدعم السريع، وسط أنظار سكان القرى المحيطة، حيث مرّت هذه القوات عبر ممر ضيق لا يتسع سوى لمركبة واحدة، في مشهد قد يكون نهاية مرحلة مظلمة من تاريخ العاصمة.

بدأت مبادرة العودة الطوعية للصحافة في حصر الاحتياجات الضرورية لعودة السكان، مع التركيز على إصلاح خدمات المياه والكهرباء. وأكد أعضاء المبادرة أن العودة ستكون تدريجية تحت شعار "الصحافة للجميع".

كما اقترح السكان تعقيم المنطقة بالكامل لمنع انتشار الأمراض، خاصة حمى الضنك، التي ظهرت بين العائدين في بعض المناطق مثل الدروشاب في بحري.

أوضح أيمن لطيف، عضو اللجنة الطبية في مبادرة العودة، أن أولى الخطوات ستكون تنظيف المنطقة من المخلفات وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، يلي ذلك تأمين المنطقة عبر الجيش، الشرطة، ولجان الأحياء، تمهيدًا لإطلاق المرحلة الثانية من خطة إعادة الإعمار والاستقرار.

search