السبت، 05 أكتوبر 2024

04:19 ص

أحزاب "في الدرج".. تحسبهم أيقاظًا وهم رقود

الأحزاب المشاركة بالحوار الوطني

الأحزاب المشاركة بالحوار الوطني

روان عبد الباقي

A A

حسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات، يوجد في مصر 87 حزبًا سياسيًّا عاملًا، أغلبها مجهولًا بالنسبة لرجل الشارع، لا نشاط ملحوظ، لا حضور حقيقي، رغم الفرص التي أتيحت للظهور خلال فترة قصيرة ومنها الحوار الوطني والحرب في غزة وأخيرًا الانتخابات الرئاسية.

هذا الغياب، الذي يُطلق عليه "موتًا إكلينيكيًا"، يطرح عددًا من الأسئلة: لماذا تم تأسيس تلك الأحزاب؟، ما الحل؟، كيف يمكن تنشيطها؟، هل يمكن حل تلك الأحزاب كي لا يبقى في الساحة السياسية إلا الأحزاب النشطة العاملة فقط؟.

مزايا للأحزاب

قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 نص على بعض المزايا التي تُمنح للأحزاب، حيث نص في المادة رقم (13) على أن تُعفى المقار والمنشآت المملوكة للحزب وأمواله من جميع الضرائب والرسوم المحلية، إلا أن المادة (18) ربطت التمتع بتلك الإعفاءات بحصول الحزب على عشرة مقاعد على الأقل في البرلمان.

وتمنح المادة (5) كل حزب الحق في إصدار صحيفة أو أكثر للتعبير عن آرائه، دون التقيد بالحصول على التراخيص المنصوص عليها بتشريعات تنظيم الصحافة والإعلام.

لجنة الأحزاب بالحوار الوطني

أحزاب لا تعرفها

(التكافل الاجتماعى - نصر بلادى - شباب مصر - التغيير والتنمية - الوفاق القومى – الشيوعى – الحضارة - فرسان مصر - النصر المصرى - المواطن المصرى - حياة المصريين - الوحدة والحرية - شباب التحرير - نصر بلادى - الحضارة – المواجهة)، كل هذه الأحزاب وأكثر ربما لا يعلم عنها أحد سوى أعضائها.

الأمر كان محل نقاش في جلسات لجنة الأحزاب في الحوار الوطني، وانتهت المناقشات إلى عدد من التوصيات أبرزها، تعديل قانون الأحزاب بما يشجع على الاندماج الحزبي، والسماح بإقامة تحالفات حزبية ذات صفة قانونية، وفتح مسارات جديدة لتمويل الأحزاب ماديًا، وعدم قصر التمويل الحزبي على الاشتراكات، وبحث إمكانية توفير بند حكومي لتمويل الأحزاب، وتسهيل إصدار الصحف والمواقع والقنوات الحزبية.

فرصة ثانية

في مناسبات سابقة، رفع بعض النواب مطالبات بحل الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان، ووصل الأمر إلى إعداد النائب السابق أحمد رفعت مشروع قانون لهذا الغرض عام 2019، لكن يبدو أن النظرة اختلفت في الوقت الراهن، حيث يرفض الجميع مسألة شطب الأحزاب.

مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية سعد الزنط، يشدد على أنه ضد فكرة حلّ الأحزاب السياسية، حتى لو لم يكن لها ممثلون في البرلمان، مقترحًا إعطاء فرصة لهذه الأحزاب إذا أردنا أن نستخدم الديمقراطية السليمة والسياسة الصحيحة.

انتخابات - أرشيفية

وأضاف الزنط، أن الدولة لا تمتلك حق إلغاء الحزب أو حله، لكنها تملك حق تشجيع الأحزاب ودعمها لتشارك بفاعلية على أرض الواقع، لافتًا إلى أن الأحزاب التي لا يوجد لها ممثلون في البرلمان لا تملك الإمكانيات التي تؤهلها لأداء هذا الدور.

وتساءل: كم حزب في مصر يستطيع عمل مقرات بجميع المحافظات والمراكز الكبرى، وكم حزبٌ استطاع أن يؤهل كوادر للعمل البرلماني خلال السنوات الماضية، وكم حزب يضم أعضاء عددهم كاف لتكوين كتلة تستطيع المشاركة في الانتخابات البرلمانية وتشكيل جبهات داعمة أو حتى معارضة؟.

وقدم الزنط مقترحات بديلة عن حل الأحزاب، منها إعطاء فرصة 4 أو 5 سنوات حتى موعد الانتخابات المقبلة بالبرلمان، والحزب القوي سيفرض نفسه داخل البرلمان، والضعيف سيحل نفسه دون أي تدخل غير ديمقراطي من الدولة.

3 بدائل للحل

نفس الموقف شدد عليه رئيس حزب الإصلاح والنهضة، هشام عبد العزيز، رافضًا فكرة حل الأحزاب السياسية التي فشلت في تكوين ممثلين لها في البرلمان، واصفًا تلك الدعوات بأنها "غير قانونية وغير دستورية".

وأكد عبد العزيز، أن حل الأحزاب ليس السبيل إلى تعزيز وتنمية الحياة السياسية والحزبية، بل له تأثيرات سلبية ستؤدي إلى إضعاف الحياة الحزبية وعزوف البعض عن المشاركة في الحياة السياسية بشكل عام.

هشام عبد العزيز

وأشار إلى أن هناك العديد من البدائل، من أهمها التحرك على ملف "الائتلافات والاندماجات الطوعية" بين الأحزاب المتشابهة في الرؤى، وتعزيز ذلك وتيسيير إجراءاته، من أجل تقوية العمل الحزبي في مصر.

وعن نشاط الكثير من الأحزاب بسبب حرب غزة أو الانتخابات الرئاسية، قال إنه لا يزال على الأحزاب السياسية أن تقدم الكثير من أجل الحصول على أوراق اعتمادها من الشارع المصري بشكل عام، والبيئة السياسية بشكل خاص.

ودعا رئيس حزب الإصلاح والنهضة كلا من الأحزاب السياسية من جهة، واللجان والجهات الحكومية ذات الصلة من جهة أخرى، إلى ضرورة تقريب وجهات النظر وسماع صوت الأحزاب واحتياجاتها، التي تم عرض الكثير منها والتوافق عليها في الحوار الوطني، والانطلاق مما تم تقديمه فورا من أجل أن نرى مشهدًا انتخابيًا مختلفًا في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وفي مقدمتها الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الشيوخ، وكذلك الاستحقاق الانتخابي الخاص بالمحليات.

عمرو هاشم ربيع

حزمة حوافز

نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، وصف اقتراح حل الأحزاب بأنه إجراء غير ديمقراطي وغير سليم بالمرة، ولا يرتبط بالعملية الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، معلقا: دائما نتحدث على أن عدد الأحزاب في مصر كثير، لذلك يجب اتخاذ إجراءات تشجع غير الفاعلة منها على الاندماج.

وأكد ربيع، أن مبدأ الحل ليس واردًا، لأنه إجراء غير ديمقراطي وغير فعال، وتصبح تداعياته السلبية أكثر من إيجابياته، لذلك يجب وضع هذه الأحزاب أمام الأمر الواقع، وتقديم حزمة من الحوافز تدعم فكرة الاندماج.

وأشار إلى أن ذلك سيحل جزءًا من المشكلة وهي ضعف الأحزاب وعدم ارتباطها بالشارع المصري، ما يجعل عضويتها محدودة العدد، ودعمها المادي بسيطًا، وليس لها أساس جماهيري، ما يؤدي إلى اختفائها تدريجيًا.

search