"البريئة" حبّة الغلال.. قنبلة القتل السريع بـ3 جنيهات
حبة الغلة
نشوى مصطفى
تُعرف شعبيًا بـ"الحبّة القاتلة"، الاختيار الأرخص لضحايا كثر ممن اسودّت الحياة في وجوههم، وقررا إنهاء حياتهم. تجدها بسهولة وبسعر رخيص، لكنها قادرة على القتل في غضون دقائق. “حبة تخزين الغلال” تحوّلت من طريقة مثلى وناجعة لتخزين “خزين العام” من القمح إلى “قاتل مشارك” في وقائع انتحار عدة. نحاول أن نتعرّف إليها، هل يمكن الاستغناء عنها أو تقنينها؟ وكيف نواجه ظاهرة الانتحارية فعليا على أرض الواقع من دون أن نتجاهل أسبابه الفعلية؟.
غاز الفسفين
قالت مدير المركز القومي للسموم بكلية الطب جامعة القاهرة، الدكتورة نرمين محمود، أن حبة الغلة تزن 6 جرامات تصنع في مصر أو يتم استيردها من الخارج، وهي نوع مبيد بالتبخير مثل قرص الفوار عندما يوضع في مكان ويأخذ رطوبة من البيئة المحيطة سواء بخار مياه أو هواء أو حامض يتفاعل مع المادة الموجودة واسمها الكيمائي "الالمنيوم فوسفيت" وينتج غاز الفسفين، وهذا الغاز من أفضل المبيدات الذي يقضي على القوارض والحشرات التي تصيب القمح، وهذه المادة تم اختراعها للحفاظ على الثروة الزراعية من الغلال لفترات طويلة دون أن يصيبها نوع من أنواع الحشرات.
حامض المعدة
وأضافت مديرة مركز السموم خلال تصريحات لـ"تليجراف مصر" أن المشكلة أنها استخدمت في غير الغرض المخصص لها، سواء بطريقة خاطئة أو الانتحار، حيث أنه بمجرد بلع الشخص لهذا القرص يتفاعل مع حامض المعدة ويتفاعل وينتج عنه غاز يتغلغل عن طريق الأمعاء، وينتشر في كافة أعضاء الجسم، وهذا الغاز يتفاعل مع الجزء الذي يتنفس في الخلية كلها، وبالتالي يتم وقف الخلية عن العمل ثم يحدث الاختناق في جميع الخلايا الموجودة في الجسم.
ولفتت إلى أن شكل الاختناق يظهر في هبوط الضغط الشديد وتقل كفاءة القلب، وفي خلال ساعات قليلة تنخفض كفاءته من 90% إلى 10%، وبالتالي يحدث توقف لعضلة القلب ويدخل في صدمة قلبية ويوضع على جهاز تنفس صناعي، ولكن في هذه الحالات الجهاز لا يؤدي دوره وتحدث الوفاة.
90% وفيات
وأوضحت مديرة مركز السموم أنه بخلاف توقف عضلة القلب يحدث حموضة شديدة في الدم لعدم قدرة الخلايا على التنفس، ويوثر ذلك على كفاءة الجهاز التنفسي والمخ، وكل هذه الأعراض تتوقف على حسب السن والجرعة التي تم تناولها والحالة الصحية، وقوة التحمل وتأثيرها يتوقف من شخص لشخص، من ساعات إلى ثلاثة أيام، حتى يخرج هذا الغاز من الجسد إذا كانت الجرعة قليلة، مشيرًة إلى أن نسبة الوفيات بين المصابين بحبة الغلة قد تصل لأكثر من 90%، أي أن من كل 10 أشخاص يتناولون قرص الغلة يتوفى 9 أشخاص.
الايكمو
وأشارت مديرة مركز السموم إلى أننا نجحنا في القصر العيني في وضع المريض على قلب صناعي بوحدة الرعاية المركزة لمدة أربعة أيام حتى يتخلّص الجسم من هذا الغاز السام بتقنية "الايكمو"، ونسبة نجاح هذه التقنية تجاوزت 80%، لافتا إلى أن السن الذي يتناول هذه الحبة من 18 إلى 25 سنة.
الأفكار الانتحارية
وتابعت مديرة مركز السموم أن تكلفة إنقاذ المنتحر بحبة الغلة يكلف الدولة نحو 250 ألف جنيه في حبة اشتراها بـ10 جنيهات، لافتة إلى أنه لا بد من حل المشكلة الأساسية، وهي الأفكار الانتحارية عند الشباب، فإذا لم يجد قرص الغلة سينتحر بأي شيء آخر، وكذلك لا بد ألا يكون تداول هذا القرص بسهولة، وألا يتم تداولها إلا لمن يملك حيازة زراعية.
الانتحار
وكشفت مديرة مركز السموم عن أغرب حالات الانتحار بحبة الغلة والتي دخلت مركز السموم مؤخرا، وتشمل فتاه تبلغ من العمر 15 سنة في ثانية ثانوي أخذت قرص غلة بسبب رسوبها في إحدى المواد الدراسية في امتحان نصف العام، وشاب يبلغ من العمر 18 عاما تشاجر مع والده بسبب المصروف فأراد التخلص من حياته عن طريق حبة الغلة، وأخرى تبلغ من العمر 14 سنة، والداتها أخذت منها الموبايل وأخريات يقلدون بعضهم.
وجدت صديقتها أخذت القرص لعزل خطيبها منها قامت هي الأخرى بتناوله لتآزر صديقتها في غضبها، وشاب 25 سنة أخذ 7 أقراص مرة واحدة لعدم وجود فرصة عمل له، وأخرى حامل تشاجرت مع زوجها فأخذت قرص الغلة. 99% أسباب واهية لا منطق لها، لافتة أن الشباب حاليا حسّاس جدا واتهامه دائما بالفشل يؤدي لمشاكل عديدة.
اختراق الحبوب
وقال مدير معهد بحوث وقاية النباتات الأسبق عادل عبد اللطيف إن حبة الغلة النسبة الفعالة فيها 56% فوسفيد ألومنيوم ينتج عنه الغاز الذي له القدرة على اختراق الحبوب المخزنة (بذور أو بقوليات) لأن آفات المخازن تعيش معظم دورة حياتها داخل الحبة لا تخرج من الحبة إلا بعد ما تكون أكلت نصفها أو ربعها، ولذلك لا يرى الفلاح الإصابة إلا بعد ما تكون الحبة فسدت لأن السوس بالذات يضع بيضه داخل الحباية ويغطيه بمادة جيلاتينة.
القمح
وأكد عبد اللطيف، في تصريحات خاصة، أنه لا يوجد حتى الآن بدليل لحبوب غاز الفوسفين، لأن رش حبوب القمح بالمبيد يشكل خطرا على الصحة العامة، ولكن حبة الغلة تتحول لغاز ومع التهوية يزول الأثر ولا تشكل خطرا على الإنسان ويتم احتساب الحبوب لكل طن حبوب بحيث لا يتجاوز عن حبة واحدة لكل متر مكعب، مع أخذ المواصفات الفنية للمخازن حتى لا يتسرب الغاز للخارج، وفترة التبخير تكون 3 أيام في الصيف و5 أيام في الشتاء، وبمجرد التهوية يخرج من المكان ورائحة هذا الغاز مثل رائحة الثوم، ويمكن بعد أربع ساعات طحن القمح ولا ضرر، وعلى المزارع عند التهوية أن يتبع إجراءات احترازية لأنه يوثر على الجهاز التنفسي.
البقول المخزنة
وأشار عبد اللطيف إلى أن هذا الغاز الموجود في حبة الغلة للحبوب والبقول المخزنة وللصوامع والمواد الغذائية مثالي، لأن سعره رخيص جدا قد يصل إلى 3 جنيهات لتبخير الطن، وعلى الرغم من التشديد على منع تداول هذا القرص فإن هناك بعض المحالّ تتاجر فيه مثل المخدرات.
مجاعة
وقال عبد اللطيف إننا دولة مستوردة للحبوب، ولو منعت هذا الغاز من الممكن أن تحدث مجاعة، لأننا نعتمد عليه بشكل كبير، لافتا إلى أن ما تداوله في الأسواق الآن مخزون قديم أما المخزون الجديد ممنوع تداوله نهائيا، وقد تم عمل 50 دورة تدربينه للصوامع على كيفية التعامل مع هذا الغاز المنتج من الحبة وسيتم التعامل مع هذه الحبة من خلال مديريات الزراعة فقط بكل محافظة.
خلل نفسي
من جانبه، قال الدكتور أستاذ علم النفس التربوي وعميد كلية تربية جامعة المنوفية سابقا سامي محمود أن الانتحار هو خلل نفسي نتيجة الضغوط الحياتية ويحدث عندما يحتار الشخص ولا يجد حلا لما تعرض له يفقد السيطرة على انفعالاته، ويعتقد أن الحل هو التخلص من الحياة، لافتا إلى أن هناك تغافلا عن أشياء مهمة تشكل خطرا على مستقبل الشباب ومن بينها الترابط الأسري والتراحم الذي أصبح غير موجود بسبب وتيرة الحياة السريعة.
زيادة السكان
وأشار محمود إلى أنه بالإضافة للخلل النفسي هناك خلل أخلاقي بالمجتمع ومع زيادة السكان تظهر المشكلات المجتمعية التي توثر سلبا على الحالة النفسية لأشخاص، لافتا إلى أن انعدام الأمل في الحياه يودي الي الياس ومنه الي الرغبة في التخلص من الحياة فنحن نحتاج لهزه معرفية علمية شديدة حتي نستطيع التعرف علي المشاكل وحلها واذا لم نفعل ذلك الحال سيكون اسوء.
أصول الدين
قال عضو لجنة الفتوي بالأزهر محمد النمر ان زيادة معدلات الانتحار السبب الأول لها ان الناس أصبحت بعيدة عن الدين والأخلاق ولو كان هناك وزاع ديني فلن يقع الشخص في هذا الجرم الذي يعتبر كبيرة من الكبائر لافتا ان الازهر يعد حملات توعوية بالأخلاق وتعليم أصول الدين بالمدراس والمقاهي ومراكز الشباب لا بد من تفعيل دور الاسرة لابد من تضافر كافة الجهود لردع هذا الامر.
-
04:57 AMالفجْر
-
06:28 AMالشروق
-
11:42 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:55 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
"على الأصل دوّر".. مصريون يثبّتون جذورهم الفرعونية بـ"تحليل جيني"
25 نوفمبر 2024 12:51 م
الشيخ الحصري.. صوت صحح "القرآن المحرّف"
24 نوفمبر 2024 06:37 م
إنتاج 70 مليون بيضة سنويًا.. تفاصيل المشروع الأكبر في الغربية
23 نوفمبر 2024 12:13 م
أمر اعتقال.. ماذا ينتظر نتنياهو؟
22 نوفمبر 2024 08:10 ص
بعد تثبيت الفائدة للمرة الخامسة.. ماذا يعني قرار البنك المركزي؟
21 نوفمبر 2024 09:08 م
بسبب "اغتصاب خضرة".. "بونابرت" أنهى خصام توفيق الدقن ويوسف شاهين
21 نوفمبر 2024 07:14 م
هل تعتقل الدول أعضاء "الجنائية الدولية" نتنياهو إذا ذهب إليها؟
22 نوفمبر 2024 02:00 ص
قانون لجوء الأجانب.. كيف يعزز مكانة مصر عالميًا؟
21 نوفمبر 2024 05:02 م
أكثر الكلمات انتشاراً