الجمعة، 20 سبتمبر 2024

01:14 ص

"الدولار مجرد سلعة".. ماذا يعني ببساطة تحرير سعر الصرف؟

ولاء عدلان

A A

قرر البنك المركزي المصري خلال اجتماع استثنائي، صباح اليوم الأربعاء، السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، في خطوة وصفها بـ"بالغة الأهمية للمساهمة في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي".. لكن ماذا يعني السماح بـ تحرير سعر الصرف وتركه لآليات السوق؟
 

ببساطة، مرونة سعر صرف الجنيه أو تحريره يقصد بها أن يُترك حُرًّا لتحدّده قواعد العرض والطلب على الجنيه والعملات الأجنبية الأخرى، وعندما يرتفع الطلب على عملة، مثل الدولار، فهذا يدفع سعرها للارتفاع، والعكس صحيح، وإذا لم يكن في القطاع المصرفي معروض من الدولار يكافئ أو يتجاوز مستويات الطلب، فإن هذا ينتج عنه نشاط لتعاملات السوق السوداء وتحديدا نشاط المضاربات على سعر الدولار.. نعم، يمكننا أن نقول على العملة الأمريكية هنا أنها مجرد سلعة تحكمها آليات العرض والطلب. 
 

متى ينشأ الطلب في سوق العملات الأجنبية؟.. ينشأ الطلب على العملة الصعبة نتيجة عوامل عدة، أبرزها حاجة الدولة لتأمين قيمة وارداتها من السلع، وكذلك حاجة قطاع المستوردين لتأمين أثمان البضائع المستوردة من الخارج، أيضا تحويل المستثمرين لعائدات استثماراتهم في السوق المحلية إلى الخارج. 
أما المعروض في سوق العملات الأجنبية، فتتعدد مصادره وأبرزها تحويلات المصريين العاملين بالخارج وإيرادات قناة السويس وعائدات السياحة والصادرات، فضلا عن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والديون الخارجية وطرح أدوات دين، بما في ذلك طرح سندات الخزانة. 

تحرير سعر الصرف 

لماذا لجأت الدولة إلى تحرير سعر الصرف؟.. وفقا لبيان البنك المركزي الصادر اليوم، القرار يستهدف عدة أمور، أهمها تعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات العالمية متتالية، وحماية متطلبات التنمية المستدامة، وتوحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية وخلق مناخ مشجع للاستثمار والنمو المستدام للقطاع الخاص على المدى المتوسط. 
 

لنفهم الصورة أوضح نعود للعام 2022، عندما اندلعت الشرارة الأولى لحرب أوكرانيا في وقت لم تكن مصر والعالم ككل قد تعافى بشكل نهائي من تداعيات جائحة كورونا، وأزمة تعطل سلاسل الإمداد العالمية، ما تسبب في خروج أموال ساخنة بقرابة 22 مليار دولار من مصر، الأمر الذي ضغط على احتياطي النقد الأجنبي (المعروض من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي) ليتراجع من مستويات نحو 41 مليار دولار في نهاية 2021 إلى مستوى 35.2 مليار دولار بنهاية العام الماضي. 
هذا التراجع الملحوظ في احتياطي الدولة من النقد الأجنبي تسبب في اتّساع الفجوة بين المعروض من الدولار أو العملة الصعبة ككل والطلب عليها، الأمر الذي وضع الاقتصاد المصري تحت ضغوط قوية، لا سيما مع ارتفاع مستويات التضخم عالميا وميل البنوك المركزية الكبرى اعتبارا من مارس 2022 لتشديد سياستها النقدية لكبح التضخم، الأمر الذي دفع البنك المركزي للانضمام لموجة رفع أسعار الفائدة وأيضا تحريك سعر الصرف تدريجيا اعتبارا من مارس 2022 بواقع أربع مرات، آخرها قرار اليوم الذي فتح الباب لخفض أكبر لقيمة الجنيه بعد أن كان مستقرا لدى مستويات 30.8 جنيه للدولار الواحد اعتبارا من نهاية يناير 2023. 
ويأتي قرار المركزي اليوم بتحرير سعر الصرف بشكل رئيسي لتوحيد سعر الصرف في خطوة من شأنها أن تعزز الثقة في الاقتصاد المصري دوليا، وذلك بعد أن شهدت الشهور الماضية نشاطا غير مسبوق للمضاربين في السوق الموازية، دفع الدولار للمرة الأولى في تاريخ السوق لتجاوز مستوى 70 جنيها خلال يناير الماضي، قبل أن يتراجع بنهاية فبراير إلى مستويات دون الـ50 جنيها. 

search