الجمعة، 22 نوفمبر 2024

11:20 ص

كاهن بيت لحم: مكسورون.. كيف نحتفل بالعيد؟ (حوار)

كاهن كنيسة الميلاد في بيت لحم في حوار لـ تليجراف مصر

كاهن كنيسة الميلاد في بيت لحم في حوار لـ تليجراف مصر

روچينا فتح الله

A A

قررنا إلغاء الاحتفالات بـ عيد الميلاد في الضفة الغربية

صلواتنا هي مصدر عزائنا وإيماننا مستمر

العالم ينتظر غزة بعد الحرب ليظهر كـ "فاعل خير"

نرى صورة المسيح في كل طفل مُلقى وسط الركام

بيت لحم حزينة ومنكوبة

لن يهدأ لنا بال إلا بتوقف الحرب على غزة ولدينا رجاءًا وصُمودًا قويًا

فلسطين حزينة ومكسورة ومقهورة.. لكننا متماسكون

حصار يشتد يوما تلو الآخر على قطاع غزة، يواصل جنود الاحتلال  خنق سكان القطاع ومدن الضفة الغربية، وعلى رأسها مدينة بيت لحم، حيث كنيسة الميلاد، قررت الطوائف المسيحية إلغاء احتفالاتها، وإرسال رسالتها للعالم كله، بضرورة أن يشمل السلام فلسطين، تلك الأرض التي ولد عليها المسيح.

أجرى "تليجراف مصر"، حوارًا صحفيًا، مع القِس "منذر إسحاق"، كاهن كنيسة الميلاد في بيت لحم، كشف فيه عن كواليس قرار إلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد في الضفة الغربية.

فلسطين مقهورة

يقول القِس "منذر إسحاق"، كاهن كنيسة الميلاد في بيت لحم، عن موقف الكنيسة من احتفالات أعياد الميلاد في ظل الأوضاع الجارية: “تم إلغاء جميع الاحتفالات هذا العام، على غير المعتاد في فلسطين، فـ بيت لحم تعتبر عاصمة احتفالات أعياد الميلاد، ويكون هناك نشاطات كثيرة كل عام بمناسبة العيد، إذ تُضاء الأشجار، مع الحفلات الموسيقية، وغيرها من مختلف المظاهر التي تنتشر في الشوارع، لكن هذا العام لا نستطيع أن نحتفل، كيف نحتفل وهناك حرب إبادة تتم في حق شعبنا بغزة؟، الألم كبير جدًا، والحزن كبير أيضًا، ففلسطين تعيش حالة قهر، ونحن كـ مسيحيين في بيت لحم وفي كافة أراضي فلسطين، نعيش حالة من الخوف والهلع على أقاربنا وأصدقائنا في غزة”.

إيماننا مستمر 

أضاف: “المجتمع المسيحي في الضفة الغربية لديه عائلات وأصدقاء في غزة، وما يحدث هناك يؤلمنا، ولكنّ الصلوات مستمرة، ولا يمكن أن تنقطع، وهذا العام ستكون الصلوات هي مصدر عزائنا ودعائنا في هذه الأيام الصعبة، إيماننا بالله هو أهم عناصر مقاومتنا في هذه الأرض، أُلغيت الاحتفالات لكن الصلاة تستمر، وإيماننا مستمر أيضًا".

القس مُنذر إسحاق يؤدي الصلاة بكنيسة بيت لحم

مأساة حقيقية

وجه كاهن الكنيسة رسالة من قرار إلغاء الاحتفالات، قائلًا: “لأول مرة يكون هناك قرارًا مشتركًا من رؤساء الكنيسة، بإلغاء الاحتفالات، والهدف هو إيصال رسالة للعالم، ففلسطين مرّت عبر التاريخ بظروف صعبة كثيرة، وأوقفت فعاليات عدة بسبب الحرب على غزة، لكن بهذه الطريقة، وإعلان مشترك برسالة واضحة، خرجت من بيت لحم، بإلغاء الاحتفالات، وهذا شيء غير مسبوق يكشف عن حجم المأساة".

قرار بإلغاء الاحتفالات

أشار "مُنذر" إلى أنّ هناك تضامنًا واسعًا حول العالم، وعدد من الكنائس في الأردن اتخذت قرارًا بإلغاء الاحتفالات، وأخرى في الشرق الأوسط ركّزت صلواتها وفعالياتها على الدعاء، وعلى أحداث غزة، وكان مجلس كنائس الشرق الاوسط واضحًا في تضامنه معنا، وإلغاء الاحتفالات في فلسطين عاصمة الميلاد.

أجواء حزينة داخل كنيسة بيت لحم

ندفع الثمن

يكمل القِس "مُنذر" في حواره معبرًا عن التضحيات التي يقدمها المسيحيون خلال الحرب: “عندما نتكلم عن الحرب على غزة، التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي، دفع  المسيحيون ثمنها كثيرًا، وقُتل في الحرب 23 مسيحيًا، والعدد الأكبر كان في القصف على الكنيسة الأرثوذكسية في قطاع غزة.

واستكمل "استشهد 9 أطفال من بين الضحايا، وآخرين تم إطلاق النار عليهم بشكل مباشر بطريقة بشعة من قِبل قوات الاحتلال، وهناك سيدة مسيحية تم إطلاق النار عليها، وأصيبت في قدمها، وظلت تنزف لساعات ولم يستطع أحد إسعافهم، وأطلق النار على الأم، وعندما ركضت الابنة لإنقاذها تم إطلاق النار عليها هي الأخرى”.

كنائس غزة

وعن أوضاع الكنيسة الأرثوذكسية في قطاع غزة، فأفصح بـ مرارة: “الكنيسة الأرثوذكسية في غزة تعيش معاناة كبيرة، هناك إصابات بين أفرادها في حاجة ماسة إلى العلاج، لم يتم نقلهم إلى أي مستشفى بسبب أوضاع الحرب وخطورة نقلهم، وما زالوا داخل الكنيسة، يعيشون واقعًا صعبًا بخاصة الكنائس الموجودة وسط المدينة، هناك فلسطينيين قُتلوا بسبب عدم حصولهم على العلاج المناسب، رغم أنّ جروحهم ليست خطيرة".

الصلاة داخل كنيسة بيت لحم

إبادة غزة

يضيف كاهن الكنيسة في حواره: “المشهد مؤلم وقاسي جدًا، وما يزيد من قسوته صمت العالم، وعدم وجود نية حقيقية لوقف هذه الحرب، بل يخرج رئيس الوزراء الاسرائيلي يُصرح بأن الحرب لن تنتهي قريبًا، فهناك 20 ألف فلسطيني قُتلوا، وملايين تم تهجيرهم، فهل الهدف هو إبادة كل أهل غزة”.

وأكمل: “من الواضح أن غزة تتعرض لعملية تهجير قسري بهدف تغيير ملامح المدينة بالكامل، وجعلها غير قابلة للسكن من جديد، والعالم يشاهد ذلك، ومنهم من ينتظر ليرى غزة بعد الحرب؛ ليظهر بمظهر فاعل الخير وهذا يُشعرنا بالقهر”.

ولادة المسيح

في تعليقه على صورة المسيح التي التقطتها عدسات المصورين وسط ركام الحرب، فيرى القِس "مُنذر" أنّها صورة لوصف الواقع وإيصال رسالة تاريخية، لأن المسيح وُلد بعائلة تقع تحت الاحتلال، واضطرت بسبب سياسة الاحتلال إلى ترك "الناصرة" والسفر إلى بيت لحم، وهذه العائلة نجتْ من مجزرة أثناء ولادة المسيح، وأصبحت عائلة مهجرة ولاجئة في مصر.

وتابع “هناك تشابه بين ما حدث عند ولادة المسيح وما يحدث الآن، فلو وُلد المسيح اليوم لوُلد وسط الركام، وهذا ما يحدث لأطفال غزة، نرى صورة المسيح في كل طفل مُلقى وسط الركام، وهي صور أكثر من مئات الكلمات، وانتشرت بشكل كبير جدا، صورة كانت صعبة لكن واقعنا أصعب، إذا صُدمت من الصورة فما بالك من الواقع، وهذا واقع فلسطين اليوم”.

أجواء حزينة داخل كنيسة بيت لحم

بيت لحم كانت تستقبل مئات الآلاف من الحجاج يوميًا، والمدينة تعاني من الخلاء، وحزينة بكل معاني الكلمة، ومنكوبة، لكنّ لا شيء يمكن مقارنته بما يحدث في غزة، وحجم الضرر الذي لحق ببيت لحم لا شيء، يكمل كاهن كنيسة الميلاد في بيت لحم، حديثه، موضحًا أنّه بالمقارنة بما يحدث في قطاع غزة، المأساة الحقيقية التي يجب أن يركز العالم عليها هي ما يحدث داخل غزة.

لدينا رجاء وصُمود

رسالة واضحة وجهها القِس “مُنذر” إلى العالم، عبر حواره، قال فيها: إنّ أطفال فلسطين يتعرضون لحرب بشعة، نحن نريد وقف الحرب، نُصلي لإنهاءها، ولن يهدأ لنا بال إلا بتوقف هذه الحرب على غزة، أرض فلسطين تصرخ للعدالة منذ 75 عامًا، تعرضت وتتعرض لظلم كبير ونحن شعب لدينا رجاء وصُمود قوي.

أجواء حزينة داخل كنيسة بيت لحم

طفل بيت لحم

أكمل بأسى منقطع النظير: “طفل بيت لحم (المسيح)، هو رسالتنا للعالم بأنّ الطفل الذي نجا بمعجزة، وأصبح لاجئ، عاد إلى أرض فلسطين، وعُولج وشُفي، ونفّذ معجزات ثم قام من الموت، ليُعطي رسالة للحياة لكل العالم، نجد في هذا الطفل رجاءًا، وصلواتنا هي مصدر رجائنا الوحيد ورسالتنا للعالم”.

اختتم كاهن كنيسة الميلاد في بيت لحم حواره: “الشعب الفلسطيني حزين ومكسور، لكنّه متماسك في وحدته، رغم صراخه ومناشدته، ومناداته بضرورة وقف هذه الحرب”.

search