الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

10:27 ص

كيف أصبحت إسبانيا الأكثر تأييدا لفلسطين في الغرب؟

مظاهرات ضد الإبادة في غزة بمدينة برشلونة

مظاهرات ضد الإبادة في غزة بمدينة برشلونة

خاطر عبادة

A A

تقدم إسبانيا نفسها كقوة غربية معتدلة وحلقة وصل بين الشرق والغرب- تاريخيا وجغرافيا، ومع ذلك فإن خطوتها الأخيرة للدفاع عن الدولة الفلسطينية أشعلت الغضب الإسرائيلي.

هكذا أبرزت الصحف الإسبانية، موقف بلادها في ضوء اعتراف كل من إسبانيا بجانب النرويج وأيرلندا، رسميا بدولة فلسطينية مستقلة، في خطوة كبيرة وتاريخية أزعجت إسرائيل.

وقالت صحيفة لا بانجوارديا، إن موقف مدريد يتسم بالحيادية والدفاع عن فلسطين، لتقدم مشهدا متفردا في وقت تزداد فيه شعبية اليمين المتطرف قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في 9 يونيو.

وأشارت الصحيفة إلى التوترات الدبلوماسية بين مدريد وتل أبيب، بعد اتهامات إسبانيا للكيان الصهيوني بالإبادة الجماعية، لافتة إلى أنه باعتبار إسبانيا دولة لها وزن كبير، فقد أثارت الخطوة التاريخية لمدريد غضب الكيان الصهيوني، مما يفسر الرد الإسرائيلي بذكر أحداث قديمة من التاريخ الإسباني، بدءا من اقتراح نائب إسرائيلي بدعم استقلال كتالونيا عن إسبانيا، وحتى التصريحات الغريبة عن محاكم التفتيش الإسبانية في العصور الوسطى.

انتهت محاكم التفتيش

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس: "نحن في عام 2024. لقد انتهت أيام محاكم التفتيش، ولن يجبرنا أحد على اعتناق المسيحية، اليوم لدينا نحن اليهود دولة ذات سيادة ومستقلة ولن يجبرنا أحد على تغيير ديننا أو يهدد وجودنا، سنؤذي من يؤذينا".

لكن وزير الخارجية الإسباني، رد بأن لا شيء سيخيف إسبانيا من اتخاذ قرار الاعتراف بدولة فلسطين.

وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أنه سيعترف بالدولة الفلسطينية في 28 مايو، كما صرحت نائبته يولاندا دياز بأن "فلسطين ستكون حرة من النهر إلى البحر".

وسحبت حكومة بنيامين نتنياهو سفيرها في مدريد، ثم منعت السفارة الإسبانية في إسرائيل من تقديم الخدمات القنصلية للسكان الفلسطينيين.

ولم تهدأ العاصفة الدبلوماسية، حيث قالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارجريتا روبلز، أن الحرب في قطاع غزة "هي إبادة جماعية حقيقية".


كيف أصبحت إسبانيا الأكثر تأييدًا لفلسطين في الغرب؟

وقالت صحيفة ال كونفيدنثيال الإسبانية في تقريرها بعنوان "كيف أصبحت إسبانيا الأكثر تأييدًا لفلسطين في الغرب؟"، إنه لم تشارك أي حكومة غربية بقوة لمعارضة حرب غزة كما فعلت حكومة بيدرو سانشيز، التي تضم أكبر عدد من الوزراء المعارضين لسياسة إسرائيل.

وقبل حرب غزة، كانت السياسة الخارجية للحكومة الإسبانية بأكملها موضوعة في إطار العقيدة الغربية والأطلسية، مثل دعم أوكرانيا واتباع المسار الذي رسمته الولايات المتحدة بشأن الصحراء، حيث لم يهتم بيدرو سانشيز كثيراً بإزعاج شركائه في الاتحاد الأوروبي ومعارضتهم.

والآن تقف الحكومة الإسبانية على هامش تلك العقيدة الغربية، على الأقل ظاهريا، حيث لا توجد دولة غربية ذات وزن تلعب دوراً مثل دور إسبانيا في الأزمة الإسرائيلية، وفقا للتقرير.

وقالت الصحيفة الإسبانية :"لقد أصبحنا الصوت الأكثر تأييدا للفلسطينيين في أوروبا، ثم بعد ذلك بلجيكا، بل وذهبنا إلى أبعد من بعض الدول الإسلامية، مثل المغرب، التي توازن للحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل سليمة، حتى في ظل خطر إثارة تفشي داخلي.

ولم تكن إسبانيا في حاجة إلى القيام بذلك، ولم تقدم أي التزامات، بل تجاهلت العواقب الدبلوماسية.

جسر بين الثقافات
 
ولكن من المهم الحديث عن الأسباب، وفقا للتقرير، وأولها، من الناحية الاستراتيجية، وتصر مدريد على أن منطقتها في البحر الأبيض المتوسط ​​هي كما هي، وأنه لا يمكنها تجاهل موقعها على الخريطة، حيث يتعلق الأمر بوضع نفسها كجسر بين الحساسيات الإسلامية والغربية، وتكون وسيط للمحاولة الألف للسلام في المنطقة بمجرد انتهاء الحرب.

وهذا جزء من الإصرار على إنقاذ التزام الدولتين ، وهي فكرة تتمسك بها 139 دولة في العالم على الورق ، لكنها فقدت المؤمنين بها بين الفلسطينيين أنفسهم.

ومنذ بدء الحرب على غزة، اقترح سانشيز على نتنياهو حل الدولتين، وقال له إن موت آلاف الأطفال يجعل إسرائيل قبيحة.

ووفقاً لدراسة استقصائية نشرها مركز بيو للأبحاث في سبتمبر، انخفض دعم حل الدولتين من 74% إلى 41% في السنوات العشر الماضية، قبل الحرب كان أكثر من 50% من الفلسطينيين يعتقدون أن الحل الوحيد هو الكفاح المسلح ، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية. واختار حوالي 20% إعطاء المفاوضات فرصة أخرى، بينما اختار الباقي (حوالي 30%) المقاومة السلمية.


إسبانيا الأكثر تعاطفا مع فلسطين في الغرب

أما السبب الثاني وراء موقف الحكومة في استطلاعات أخرى، أجري هذه المرة بين السكان الإسبان، ويصادف أن إسبانيا هي البلد الذي يضم المجتمع الأكثر تأييدًا للفلسطينيين في الغرب .  

أما العامل الثالث الذي يجب أخذه في الاعتبار فهو الموقف المتشدد الصريح لشركائها الغرب، مثل بريطانيا وألمانيا، وباختصار، لا توجد حكومة في أوروبا تضم ​​هذا العدد الكبير من الوزراء الذين يتخذون مواقف ثابتة في الصراع لصالح الشعب الفلسطيني، وفقا للتقرير.

العامل الأخير، هو الإغراء الذي يمثله خط السياسة الخارجية المعتدلة، حيث سبق أن قام بذلك العديد من الرؤساء ووزراء خارجية العديد من البلدان على مدى العقود القليلة الماضية، من بيل كلينتون إلى لويس ثاباتيرو ، مروراً بكوفي عنان ، كانت فكرة دخول التاريخ بالنسبة لسانشيز، باعتباره الرجل الذي فك العقدة المعاصرة سبباً في إغراء العديد من الناس. وفي حالة سانشيز، فإن هذا الطموح يناسب شخصيته وسياقه، وفقا للتقرير.

search