الأحد، 07 يوليو 2024

03:23 ص

سفاح التجمع وريا وسكينة "ولاد إسكندرية".. ايه الحكاية؟

سفاح التجمع

سفاح التجمع

سفاح التجمع

103 أعوام تفصل بين إعدام ريا وسكينة والقبض على سفاح التجمع، إلا أنهم يتشاركون في النشأة داخل مدينة الإسكندرية، والتخصص في الجرائم التي ارتكبوها، أما ثالث الأثافي أن جميع ضحاياهم من النساء ولا يوجد رجل واحد بينهن.

وفي حال صدور الحكم بإعدام السفاح، وتنفيذه على طبلية عشماوي، يكتمل مربع الأقدار في سيرة امرأتين ورجل، عاشا في زمنين مختلفين، بظروف مختلفة، لكن كل منهم بات مرآة للآخر. 

أوجه شبه كربونية، تبرز التطابق في الملامح النفسية والفكرية بين السفاحين الثلاثة، تجعلنا أمام قصتين اعتقد فيهما الأبطال (ريا وسكينة وكريم الشهير بسفاح التجمع) أنهم على درجة عالية من الذكاء، بحيث لن يتم الوصول إليهم، لكنهم كانوا أقرب إلى الداخلية من حبل الوريد، وهي الصفة الخامسة التي تجمع بين القتلة. 

أما السادسة فهي أسلوب تنفيذ الجريمة، ريا وسكينة كانا يستخدمان "فوطة" في كتم نفس الضحية، حتى تغيب عن الوعي، بينما لم يكن كريم في حاجة إلى ذلك، ولجأ إلى المخدر لينجز المهمة بطريقة سلسة.

والسابعة في مكان التنفيذ، حيث كان البدروم بالنسبة للأختين بمثابة عازل للصوت، يمنع الفضوليين من التلصص على الخطوة الأخيرة في الجريمة، وصالح أيضا ليكون مقبرة للضحايا، ومع التطور التكنولوجي فإن الغرفة العازلة للصوت مع كريم هي بديل للبدروم، ولكن كريم فضل إلقاء جثث الضحايا في الصحراء بدون دفن. 

ثامنا جثث الضحايا في كلا القصتين هي ما قادت رجال الشرطة إلى الجناة، سفاح التجمع تركها في الصحراء ليتم الإبلاغ عنها إلى الشرطة، ومع ريا وسكينة تكرر الأمر بتفاصيل مختلفة حيث عثرت دورية شرطة على بقايا جثة امرأة (عظام وشعر رأس طويل وجمجمة وأعضاء منفصلة، وطرحة وشراب أسودين، وتقدم مواطن ببلاغ لقسم اللبان أكد فيه أنه أثناء حفره داخل حجرته لإدخال المياه، عثر على بقايا عظام آدمية، مؤكداً أنه استأجر الحجرة من شخص أجر الحجرة لسيدة قبله اسمها "سكينة"

أما التاسعة فهي أن الضحايا الـ21 للأختين ريا وسكينة وكريم، لم تقترف فتاة أو سيدة منهما خطأ واحد في حق الجناة، الصدفة وحدها هي من وضعتهن جميعا في طريق السفاحين الثلاثة. 

هل توجد صلة قرابة بين ريا وسكينة وكريم؟.. سؤال هامشي، يحتاج إلى بحث، الأجابة عنه بنعم تلقي بالاتهام على الجينات الوراثية، بينما نحن بالفعل أمام وقائع واضحة ومثبتة تضعنا أمام دوائر متشابهة أكبر من مجرد التفتيش في جذور العائلة وفروعها وأرواقها. 

الإسكندرية

ألهمت الإسكندرية عشرات المبدعين بالتفوق في الموسيقى والغناء والشعر والأدب والعلم، ولم تبخل كذلك على السفاحين بالتميز، ليحتلوا مكانة بارزة بين أقرانهم، ويكتبوا أسمائهم في سجلات الإجرام، وتصاغ حولهم القصص والحكايات، ويتم تخليدهم على مر الزمان، وكأن التاريخ مرتبط بالإسكندرية، ويفرق هداياه على المحظوظين والمنحوسين.  

التخصص

تخصصت الأختين في قتل ضحاياهما من النساء بهدف الاستيلاء على المصوغات (السرقة وحدها كانت الدافع وراء 17 عملية قتل)، كما تخصص كريم في تعذيب واغتصاب وقتل ضحاياه بهدف الانتقام من طليقته التي خانته، في القصة الأولى كانت السرقة هي الدافع، وفي الثانة الانتقام، ولا توجد دوافع أخرى مطلقا، مثلما يحدث مع غالبية السفاحين الذين تختلط دوافعهم في كل مرة (سفاح الجيزة مثالا)

النساء

لم يتم العثور بين 21 ضحية لريا وسكينة وكريم على رجل واحد، فتيات ونساء فقط، ممنوع قتل الرجال في القصتين، اتفق الأختين وسفاح التجمع على إزهاق أرواح النساء، بقلوب ميتة، لا يحركها الصراخ، ولا يحييها الشفقة على ضعف المرأة، تصميم واضح على سفك دماء أنثوية فقط.

الإعدام

وطبقًا لبيانات السجون، في الساعة السابعة والنصف صباحًا اصطفت هيئة التنفيذ أمام غرفة الإعدام، وجاء حراس السجن بـ ريّا، بملابس الإعدام الحمراء وعلى رأسها طاقية بيضاء، تسير بأقدام ثابتة، ممتقعة اللون، خائرة القوى، استمعت بصمت إلى حكم الإعدام من مأمور السجن، قبل الدخول إلى غرفة الإعدام. استمر نبضها لمدة دقيقتين بعد الإعدام وظلت مُعلقة لمدة نصف ساعة.

 وبعد الساعة الثامنة، اقتيدت سكينة إلى غرفة الإعدام وأكثرت من الحركة والكلام بينما كان مأمور السجن يقرأ عليها نص الحكم، وهي تتمتم بعبارات و كانت جريئة ورابطة الجأش.

وأفاد تقرير طبيب السجن في الأورنيك أن سكينة دخلت السجن ووزنها 47 كيلو جرامًا وارتفع إلى 53 كيلو جرامًا قبل تنفيذ الحكم ، واستمر نبضها 4 دقائق وظلت مُعلقة لمدة نصف ساعة.

آخر جملة قالتها ريا "أودعتك يا بديعة يا بنتي عند الله"، وقالت سكينة :" أنا جدعة وبتشنق محل الجدعان"، بينما تبقى المعلومات عن سفاح التجمع حال إعدامه في محل الغيب. 

الذكاء

في الوقت الذي اعتقدت فيه ريا وسكينة، وكذلك كريم أنهم على درجة عالية من الذكاء، إلا أن الأدلة التي تركوها خلفهم لا تثبت ذلك، في حين كان الكتمان هو ما أخر القبض عليهم ليس إلا. 

المخدر

سواء كان المخدر على شكل سائل تبلل به الفوطة، أو "آيس" يتم تناوله مع السجائر، ففي كلا القصتين كان الوسيلة الوحيدة التي يتم عن طريقها التمهيد لارتكاب الجريمة في كلا القصتين. 

العزل 

كانت الغرفة العازلة للصوت هي التطور الطبيعي للبدروم، من الواضح أن السفاحين الثلاثة كانوا يفضلون الهدوء، والعمل بدون ضغط، في سرية تامة، خلف الجدران التي لا يخترقها صوت، فهل كانوا أيضا يفضلون سماع الموسيقى أثناء القتل.. لا أحد يعلم. 

الدليل

جثث الضحايا كانت الدليل الوحيد الذي قاد للكشف عن لغز الجرائم المتسلسلة، حاولت ريا وسكينة بقدر الإمكان إخفاء الجثث بقبرها، وقرر كريم إلقائها في الصحراء ليقدمها وجبات للكلاب والصقور، وتختفي إلى الأبد، إلا أن الجثث تحركت لترشد عن قاتليها، وتنتقم لأصحابها.

بأي ذنب

لم ترتكب ضحية ذنبا واحدا تجاه قاتلها، وكان من السهل أن تنجو من مصيرها المؤلم لو أن الصدفة لم تضعها في طريق سفاحها، في حين لم يستقيظ ضمير السفاحين الثلاثة ولو مرة ليتم التراجع عن القتل، قتل بدون ذنب، يشبه الوأد في الجاهلية. 

search