الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:43 ص

الجهاز الإداري للدولة.. قصة "التشوه الكبير"

موظف |صورة تعبيرية

موظف |صورة تعبيرية

أسامة حماد

A A

طرح برلمانيون وخبراء مجموعة حلول لأزمة توزيع أعداد العاملين بالمؤسسات الحكومية، مع رصدهم اكتظاظها بعدد يفوق حاجتها ودون إنتاجية مرضية، في حين العجز في توفير الطاقة البشرية الكافية لتأدية المهام في جهات أخرى، ما يخلق تشوهات في الجهاز الإداري تنعكس على خدماته.

إعادة هيكلة العاملين بالجهاز الإداري أحد أهم الاشتراطات الضمنية لصندوق النقد الدولي بدعوى خفض بند الأجور والتعويضات وتقليل العجز، والفجوة بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة العامة للدولة، التي تتكبد ما يقرب من 470 مليار جنيه قيمة لأجور وتعويضات تُنفق على ما يقرب من 5.5 مليون موظف.

مطلب بالشيوخ

داخل أروقة مجلس الشيوخ وفي أثناء مناقشة تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بشأن خطة التنمية للعام المالي الجديد 2024-2025، بحضور وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد، طالب النائب أحمد فوزي، الحكومة بضرورة إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة.

فوزي اقترح أن توزيع الموظفين في الجهات الحكومية يجب أن يكون حسب احتياج كل منها، منوهاً بأنه يكون عن طريق النقل الكلي التام بقرار من رئيس مجلس الوزراء مثل نقل موظفين إلى مصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

أضاف، أنه على الرغم من مشكلة العجز الصارخ في موظفي المصالح الحكومية الخدمية “التعليم والصحة والأوقاف”، إلا أن الحكومة تقابل مطالب فتح التعيين برد “هناك أكثر من 4 ملايين موظف في الجهاز الإداري للدولة”.

وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المهندس إيهاب منصور، أكد الحاجة الملحة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة منذ زمن بعيد، تكتظ العديد من القطاعات بالعمال دون إنتاجية، في حين أنها تأن أخرى من عجز حاد.

وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المهندس إيهاب منصور

تفاوت توزيع الموظفين

أضاف منصور، في تصريحات خاصة إلى "تليجراف مصر"، أن إعادة الهيكلة تتطلب حصرا دقيقا للموظفين وإعادة توزيعهم حسب احتياجات المناطق، مؤكدا أنه قد لا يكون هناك عجز في الأعداد بالجهة لكن الأزمة تتمثل في سوء التوزيع.

أردف، “هناك مستشفى أعلمها بها 150 طبيبا وممرضا فوق حاجتها، في حين يوجد مستشفيات أخرى تعاني  عجزا كبيرا بالأطقم الطبية”.

وزارة التعليم هي أكثر جهة نوه منصور بأنها تعاني عجزا كبيرا، مطالبًا مسؤولي الوزارة باتخاذ الاجراء اللازمة، كون الوزارة تمثل بداية الحل لكافة الأزمات التي تمر بهه الدولة، حسب وصفه.

شدد أنه لا بد من عودة التوظيف مرة أخرى، مردفًا، “منذ عامين ونصف الحكومة أضحكتنا بخطة لتعيين 150 ألف معلم على مدار  5 سنوات، وبالتالي من المفترض أن يكون عُين 75 ألف منهم في الوقت الحالي، إلا أن من وظفوا 18 ألف فقط، بسبب وضع الوزارة عمدًا لاختبارات تعجيزية للمتقدمين".

أشار إلى أن أكثر الجهات المُنتدب إليها وموظفين من جهات حكومية أخرى هي قطاعات وزارات (المالية- الكهرباء- البترول)، مردفًا “ديوان عام وزارة البترول به 551 موظفا منهم 550 منتدبين من جهات أخرى وموظف واحد فقط على قوة الوزارة، ماذا يحدث إذا صدر قرار بوقف الانتداب، هل نُغلق الوزارة؟".

تابع، “وجود مستشارين في الوزارات أمر لا بد منه، لكننا نعاني غياب أليات واضحة لتنظم عملهم”، مطالبا بوضع ضوابط محددة لتعيين المستشارين.

27 دقيقة متوسط ساعات العمل

أوضح منصور أن زيادة عدد الموظفين لا يمثل عبئا على الدولة بل فقط نحتاج إلى إدارة جيدة لتعظيم الاستفادة منهم، لافتًا إلى أنه أفادت دراسة منذ سنوات بأن متوسط ساعات العمل لموظف الحكومة في مصر يصل إلى27 دقيقة فقط في اليوم، ويتهرب البعض من العمل بسبب غياب الرقابة وتدني المرتبات.

شدد عضو مجلس النواب على ضرورة هيكلة خريجي التعليم من البداية وربطهم بسوق  العمل نظرًا لحالة التفاوت الشديد بينهما، متابعًا، “تخرج هذا العام 45 ألف مهندس في حين احتياج سوق العمل لـ25 ألف فقط، وبالتالي يكون لدينا 20 ألف مهندس معرض مباشرة للبطالة”.

هناك حالة من التقارب في أعداد موظفي الدولة خلال العقدين الأخيرين تقريبًا، فحسب إحصائية سابقة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 2005، كان عدد موظفي الدولة 4 ملايين و832 ألفا و984 موظفا، قل إلى 5 ملايين و688 ألفا و430 موظفا سنة 2008، هبوطا إلى 5 ملايين و438 ألف و843 موظفا في 2012، وقلصت الأعداد إلى 5 ملايين و22 ألفا و821 موظفا في 2017.

أكدت مصادر بالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى "تليجراف مصر"، اليوم الأحد، أن عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة يقارب حاليا 5.5 مليون موظف.

قيمة أجور موظفي الجهاز الإداري

الخبير الاقتصادي، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، الدكتور كريم عادل، يقول إن حالة التفاوت في عدد الموظفين بالمؤسسات الحكومية والهيئات تمثل أحد الأعباء على الميزانية العامة، لافتًا إلى أن قيمة الأجور والتعويضات لموظفي الحكومة في موازنة العام المالي 2023-2024 تقدر بـ470 مليار جنيه من إجمالي المصروفات البالغة 2 ترليون و900 مليار و919 مليون جنيه.

الدكتور كريم عادل

عبء على الموازنة

أضاف عادل خلال تصريحات لـ”تليجراف مصر"، أن العبء الحقيقي يتمثل في أنه إذا ما تم المقارنة بين حجم الإنفاق والأجور والتعويضات على موظفي الدولة، وحجم الإنتاجية سنجد أن عددا كبيرا من العاملين دون عائد أو إنتاجية.

استكمل رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن هيكلة الجهاز الإداري لا غنى عنه كونه أحد الاشتراطات الضمنية لصندوق النقد الدولي، بهدف تخفيض بند الأجور والتعويضات وتقليل العجز والفجوة بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة العامة.

مصير الموظفين

أردف الدكتور كريم عادل، “إذا فكرنا في إعادة هيكلة الجهاز الإداري بالدولة بصورة تدريجية ما هو  مصير هؤلاء العاملين؟”، متابعًا، من غير المنطقي أن يأتي موظف أي جهة للعمل بالصحة أو التعليم على سبيل المثال، مطالبا المنوطين بالأمر تقديم اقتراحات مناسبة.

تابع، “رغم أنه على المستوى العملي أمر يصعب تطبيقه إلا أنه كان أحد التوصيات التي قدمتها  في لجنة الدين العام وعجز الموازنة بالحوار الوطني كأحد أدوات حوكمة الموازنة”.

500 دولار دخل الفرد

وأكد الدكتور كريم عادل،  أن مصر تأتي في مرتبة متأخرة من دخل الموظف، وفقًا لإحصائيات بعض المنظمات العالمية، حيث أن الدول التي يعد اقتصادها على شاكلة الاقتصاد المصري منها المغرب وتونس، على سبيل المثال يتراوح مستوى الدخل فيها ما بين 500 إلى 700دولار.

اختتم، “الحكومة الأن أصبحت في حيرة بين أمرين، زيادة الأجور لتتناسب مع معدلات التضخم وزيادة الأسعار، وعجز الموازنة التي لا تتحمل ذلك”.

search