الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:46 م

إجراءات استباقية لمواجهة أخطاء "فتاوى الذكاء الاصطناعي"

فادية البمبي

A A

ما يشهده العالم من تطوُّر تقني سيكون له تداعيات على الحقل الديني والإفتائي، وسيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا قويًّا في صناعة الفتوى، لكنه لن يحل محل المفتين بشكل كامل، فالفهم العميق للسياق الشرعي والقدرة على التفسير والاجتهاد، سيبقى من اختصاص الفقهاء والمفتين البشر.

 ووجود أخطاء محتملة في الفتاوى من هذا النوع، سببها عدم إلمام هذه أدوات الذكاء الاصطناعي بكافة التعابير والاختلافات اللغوية والثقافية والقرآنية، بخلاف احتمالية ضعف الخلفية الدينية لمؤسسي أدوات الذكاء الاصطناعي، لأن أغلب القائمين على تطويرها حتى الآن علماء من الغرب.

في هذا الصدد، أكد مدير المؤشر العالمي للفتوى، التابع لدار الإفتاء المصرية، الدكتور طارق أبو هشيمة، لـ"تليجراف مصر"، أن دار الإفتاء استطاعت اتخاذ عدد من الإجراءات الاستباقية لتفادي التأثيرات السلبية المحتملة لاقتحام الروبوتات المجال الإفتائي، من خلال عدة أمور أهمها إصدار فتاوى حول القضايا والموضوعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، لبيان الأحكام الشرعية الصحيحة حولها وعدم فتح المجال لأي فتاوى أو آراء فقهية مغلوطة، كفتوى عدم جواز استخدام تقنية “deep fake” (التزييف العميق) شرعًا، وفتوى عدم جواز استخدام الميتافيرس في أداء فريضة الحج، وفتوى بجواز ومشروعية الذكاء الاصطناعي عمومًا.

تفعيل آلية الذكاء الاصطناعي

كما أطلقت دار الإفتاء تطبيقات وتقنيات عِدة، كالبدء في استكمال المرحلة الثانية لمحرِّك البحث الإلكتروني للمؤشِّر العالمي للفتوى، وتفعيل آلية الذكاء الاصطناعي في التحليل والتصنيف والاستبعاد بعد أن جمع أكثر من 2 مليون فتوى على قاعدة البيانات، والاستعانة بالروبوت الاسترشادي خلال مؤتمر الإفتاء العالمي الثامن لتوجيه الحضور وإرشادهم وتعريفهم بأبرز جهود الدار وفعاليات المؤتمر ومنتجاته، فضلًا عن تطوير العمل بتطبيق "فتوى برو" للتواصل مع الجاليات المسلمة خاصة في الغرب، كخطوة لتفعيل منظومة الذكاء الأصطناعي والتحوُّل الرقمي بدار الإفتاء وتعظيم الاستفادة منها.

وأشار أبو هشيمة إلى اهتمام الدار بعقد المؤتمرات والورش المهتمة بتفنيد تأثيرات الذكاء الاصطناعي، والتي كان آخرها مؤتمر دار الإفتاء الثامن (الفتوى وتحديات الألفية الثالثة)، الذي نظمّته الدار والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، في (18-19 أكتوبر 2023)، وانعقد على هامشه العديد من الورش منها "البوصلة الأخلاقية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي من منظور ديني إفتائي"، و"تحليل خطاب التنظيمات الإرهابية في الألفية الثالثة". 

بالإضافة إلى إصدار مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علّام، ومستشاره الدكتور إبراهيم نجم، وعدد من أمناء الفتوى العديد من التصريحات الإعلامية حول تلك المستجدات والتحذير من سلبياتها وكيفية التعامل معها، وتخصيص عدد يوليو 2023 من نشرة "جسور" التابعة لدار الإفتاء حول الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي.

ندرة الموارد الاقتصادية

في سياق متصل، ذكر أبو هشيمة، أن دار الإفتاء كانت من أهم المؤسسات تناولًا لأزمة ندرة الموارد الاقتصادية، وظهر أهتمامها من خلال العديد من الفتاوى، والحملات الإلكترونية، والمبادرات، حيث أصدرت عددًا من الفتاوى الخاصة بالظواهر الاقتصادية السلبية التي تؤدي بطرق مباشرة أو غير مباشرة إلى تفاقم أزمة نقص الموارد الاقتصادية، ومن أهمها محاربة الاحتكار والغش التجاري، وأزمات الانفجار السكاني والبطالة ونقص الموارد، كما دشّنت عددًا من الحملات الإلكترونية عبر صفحتها على “فيسبوك”، منها حملات توعوية بأهمية الحفاظ على الموارد الاقتصادية، وأخرى تحذيرية من السلوكيات الخاطئة والظواهر السلبية التي تؤثر في الاقتصاد وأبرزها حملة "أيها التاجر كن سمِحًا".

تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي

وكان مؤشر الفتوى قد أكد ضرورة مواكبة المؤسسات الإفتائية لتقنيات العالم الافتراضي واستغلاله في تحقيق طفرة نوعية في التوعية الإفتائية والدينية، والتغلب على سلبياته، وذلك من خلال تطوير أدوات الذكاء الإصطناعي داخل المؤسسات الرسمية، وبناء الوعي للشخصية الإسلامية المعاصرة، والتعاون مع الخبراء، فضلًا عن توفير التأهيل والتدريب اللازم للمفتين الرسميين واستخدام خوارزميات التطرف للكشف عن المحتوى الإلكتروني المتطرف والتعامل معه.

كما شدَّد على ضرورة إعداد قوانين ولوائح صارمة تفرض عقوبات على الشركات التي تبتكر تقنيات وبرامج تروج للإسلام بصورة سلبية وتضر بالمسلمين.

search