السبت، 05 أكتوبر 2024

11:44 ص

بعد تصريحات خامنئي.. "حج البراءة" سنة شيعية تقلق السعودية

حجاج على جبل عرفات

حجاج على جبل عرفات

أحمد سعد قاسم

A A

أثارت التصريحات الأخيرة للمرشد الإيراني علي خامنئي حول "حج البراءة" غضبًا ورفضًا واسع النطاق بين نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، في المقابل جاء الرد السعودي سريعا بتأكيد ضرورة إبقاء الأنشطة السياسية منفصلة عن الشعائر الدينية.

وأعلن خامنئي، في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقا)، أن الحجاج الإيرانيين سيؤدون مراسم البراءة على جبل عرفات غدا، وحث على أن يمتد “مفهوم البراءة” هذا إلى ما بعد موسم الحج وأن يتردد صداه في جميع أنحاء المجتمعات الإسلامية بالعالم.

يعود إعلان “البراءة من المشركين” إلى ممارسة بدأها الزعيم الإيراني الراحل الخميني، إذ يسير الحجاج الإيرانيون أو يتظاهرون، للتعبير عن موقفهم من مختلف القضايا السياسية، ولطالما كانت هذه الممارسة مثيرة للجدل، حيث تسعى إلى تحويل الحج من واجب ديني بحت إلى التزام سياسي.

الرد السعودي

ورداً على ذلك، أصدر المسؤولون السعوديون، بمن فيهم وزير الحج توفيق الربيعة وقادة أمنيون، تحذيرات شديدة اللهجة من تسييس الحج، وشددوا على أن أمن الحجاج "خط أحمر" وسيتم التعامل بحزم مع أي محاولات للإخلال بالسلام.

وقال محمد بن حمود الهدالة، الباحث والمستشار في الشؤون الأمنية في تصريحات نشرها على موقع التواصل الاجتماعي (X)، “لن نقبل بمخالفة أي شخص الأنظمة وتسييس مناسك الحج في بيت الله الحرام وموسم الحج”. 

تدابير أمنية

وسلط قادة أمن السعودية الضوء على الإجراءات الشاملة المتخذة لضمان سلامة ونظام الحج، وأكد الفريق محمد البسامي، مدير الأمن العام بالسعودية، أن القوات الأمنية على أتم الاستعداد للتعامل مع أي اضطرابات، وأنه لا يوجد مكان في مكة إلا ومغطى بأفراد الأمن أو أجهزة المراقبة. 

أكد البسامي استعداد القوات للتحرك بشكل حاسم ضد أي تهديد لسلامة الحجاج.

واستعرض اللواء محمد بن مقبول العمري، قائد قوات الطوارئ الخاصة بالمملكة، الجهود المبذولة لحفظ الأمن في مكة والمدينة، بما في ذلك إدارة تحركات الحشود والتأكد من الالتزام بضوابط الحج.

وخلال مؤتمر صحفي عقد مؤخراً، كشف عن تمركز قوات النخبة من “التدخل السريع” في عرفات، استعداداً لخدمة حجاج بيت الله الحرام وحمايتهم.

وجرى استعراض جاهزية قوات أمن الحج خلال الحفل السنوي الذي حضره الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية السعودي ورئيس لجنة الحج العليا. 

الإرشاد الديني

ونشط علماء الدين السعوديون في تقديم التوجيه للحجاج، وحثهم على التركيز على واجباتهم الروحية وتجنب الشعارات السياسية. 

وأكد الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، حرمة الحج وأهمية الالتزام بمقتضياته الدينية خلال خطبة الجمعة الماضية بالمسجد الحرام.

الدوافع السياسية والتوترات الإقليمية

يُنظر إلى تصريحات خامنئي على أنها محاولة لممارسة الضغط على المملكة العربية السعودية ودول الشرق الأوسط.

أوضح منوشهر متكي، وزير الخارجية الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد خلال تصريحات تلفزيونية سابقة له الشهر الماضي، نوايا خامنئي، ووصف موسم الحج هذا العام بأنه لحظة مفصلية للمقاومة السياسية والمدنية ضد جرائم النظام الصهيوني.

السياق التاريخي

تعود أصول "حج البراءة" إلى السنة التاسعة من الهجرة، ووفقًا للروايات الشيعية، كلف الرسول محمد “صلى الله عليه وسلم” في البداية أبا بكر الصديق لقيادة الحج لكنه أرسل لاحقًا علي بن أبي طالب بدلا منه لقراءة سورة التوبة (أو البراء) خلال موسم الحج لقولة أنه لا يعلن هذه السورة إلا أحد من آل البيت.

وتذهب معتقدات الشيعة إلى إعلان الإمام (علي) أنه دليل على مكانته الخاصة وخلافته الشرعية بعد النبي محمد.

في عام 1980، في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران، أعاد آية الله الخميني إحياء ممارسة "البراءة من المشركين" في أثناء الحج. 

كان الحجاج الإيرانيون يهدفون إلى الإدلاء ببيان عالمي، ورأوا في هذه الممارسة وسيلة للتنديد بأعداء الإسلام، وخاصة الولايات المتحدة، التي أشاروا إليها باسم "الشيطان الأكبر"، أيضا القوى الصهيونية والإمبريالية.

مذبحة مكة

بحلول عام 1987، أصبح إدراج عبارة "البراءة من المشركين" جزءًا راسخًا من طقوس الحج للحجاج الإيرانيين، وكانوا ينظمون مواكب في مكة، مرددين شعارات مثل "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل"، للرمز إلى معارضتهم لهذه الكيانات.

يعيد خطاب “البراءة” إلى الأذهان الأحداث المأساوية التي شهدتها مذبحة مكة في 31 يوليو 1987، عندما اندلعت اشتباكات عنيفة أثناء أداء مناسك الحج، وحاول أتباع الخميني، المجهزون بالأسلحة والمتفجرات، تنظيم احتجاج داخل المسجد الحرام، ما أدى إلى مواجهة مع قوات الأمن السعودية، وأدى الصراع إلى مقتل 402 شخصا وإصابة 649 آخرين، مما يمثل فصلا مظلما في تاريخ الحج. 

search