كاتب ومخرج وصحفي.. طواحين الهواء تدور والموهبة تبقى
يوسف زيدان وخالد يوسف وإبراهيم عيسى
خيط رفيع يربط بين ثلاثتهم: يوسف زيدان وخالد يوسف وإبراهيم عيسى، كل واحد من هؤلاء يمتلك موهبة ثقيلة، من الصعب القفز عليها، ومع ذلك فقد قرروا الابتعاد عنها والسير في طرق أخرى تسببت في السخط عليهم، إلا أن زيدان قرر العودة من جديد إلى الكتابة، ورجع خالد إلى السينما، بينما بقي عيسى معلقا على شاشة التلفزيون.
يوسف زيدان
إلى عنان السماء رفع الجمهور يوسف زيدان بعد رواية "عزازيل"، آمنوا بموهبته الثقيلة في السرد، وامتلاكه لمشروع أدبي مختلف، يرشحه لأن يكون وريث نجيب محفوظ في جائزة "نوبل"، لكنهم فوجئوا بالروائي الأشهر في العالم العربي، يتجاهل نجاحه الكبير، و يدخل في صراعات فكرية لم يحقق من ورائها إلا وجع الدماغ، لينتبه مؤخرا إلى أهميته الكتابة "فهي فقط التي تدوم، وربما تثمر في الواقع العربي المعاصر" حسب تعبيره.
قد تكون هناك أسبابا أخرى للاستقالة من مؤسسة "تكوين"، لكن النتجية في كل الأحوال مرضية لجمهور زيدان (الأديب)، فرصة لاستعادة كاتبهم الملهم من آتون الجدل، والمشاحنات التي لا طائل منها، تبشرهم بروايات جديدة من تأليفه بمجرد صدورها يتخطفونها كما يتخطف الأطفال الحلوى.
يبدو أن توبة زيدان عن الجدل لم تكن الأولى سبقها في 2014 إعلان اعتزال اعتراضاً على تولى الدكتور إسماعيل سراج الدين مديرا لمكتبة الإسكندرية، وإن كان عشاقه يتمنون أن هذه المرة هي الأخيرة، وألا يرجع الرجل في كلمته مثلما فعل من قبل!
من خلال منشور على صفحته الشخصية أعلن زيدان استقالته من تكوين، وهو المنشور الذي حظي بتفاعل واسع النطاق وتعليقات عديدة تباينت بين مهلل للقرار ومعترض عليه، إلا أن هناك تعليقا مختلفا، في منطقة وسطى بين الفريقين كتبه الشاعر السيناوي حسنونة فتحي.
قال حسونة: أذكر تصريحا لك د. يوسف منذ عشر سنوات وعقب استقالتك من مكتبة الأسكندرية، ومحاضرتك حول صلاح الدين الأيوبي هذا نصه: لأننى تأكدتُ من أننى كنت حتى اليوم أحارب طواحين الهواء؛ أُعلن الآتى"اعتباراً من هذه الليلة، سأتوقّف عن أى فعلٍ وتفاعلٍ ثقافىٍّ فى مصر والبلاد العربية، وسأنقطع عن الكتابة الأسبوعية فى جريدتى الأهرام والوطن (وأى جريدة أخرى)، و سأكفُّ عن كافة الاجتهادات التثقيفية والصالونات الثقافية والندوات واللقاءات الفكرية التى أُقيمها فى القاهرة والإسكندرية، وغيرهما من المدن المصرية، ولن أشارك من الآن فصاعداً، فى أى حدثٍ عامٍ، ثقافى أو غير ثقافى، فى مصر أو فى غيرها (ويتضمّن ذلك اعتذارى عن عدم سفرى إلى المغرب بعد غدٍ، لإقامة عدة أنشطة فكرية وثقافية فى الرباط).
وسأله حسونة: ما الذي أثناك عن قررارك وأعادك لما ترى أن ليس منه رجاء من فعل ثقافي؟
سؤال حسونة الذي لم يجب عليه زيدان جعل البعض يتشكك في مصداقية الإعلان الأخير للدكتور يوسف، والأيام وحدها هي ما ستؤكد أو تنفي ما كتبه على جدار الفيسبوك.
خالد يوسف
بعد وفاة يوسف شاهين، اتجهت الأنظار إلى خالد يوسف (ابنه الفني)، خاصة أن خالد نجح في تدشين مشروع سينمائي خاص به، استخدم فيه المميزات الإخراجية لعالم "جو" واحتفظ في الوقت نفسه بأسلوبه الخاص.
توقع الجميع أن يستثمر خالد علاقته الطويلة بالمخرج العالمي، ويصبح وريثه في الفن، إلا أن التوقعات ذهبت أدراج الرياح عندما قرر أن يقحم نفسه في عالم السياسة ويحصل على الحصانة البرلمانية!
كان بإمكان خالد أن يقول كل ما يريد من خلال أفلامه، ويوفر على نفسه معارك سياسية عنيفة، دفع فاتورة ثمنها غاليا، إلا أنه لم يكن في وضع يسمح له باعتزال السياسة، بعد أن لفظته بعيدا عن أروقتها، ولكنه عاد من جديد إلى مشروعه السينمائي مؤخرا من خلال فيلم الاسكندراني.
لم تكن العودة قوية كما توقع البعض، واجه الفيلم هجوما عنيفا، من النقاد أبرزهم طارق الشناوي الذي اتهمه بـ"الشعبطة" على اسم يوسف شاهين أو أسامة أنور عكاشة، ما رد عليه خالد قائلا : "أنا مابتشعبطش على حد يا طارق أنا طول عمري ناجح الحمد لله، أنت بتتكلم على 13 فيلم أنت نفسك قايل في مقالتك فيلمين مجابوش إيرادات، يعني بنسبة أكثر من 80% أفلامي ناجحة ورائجة، وبتدخل مهرجانات وبتنجح، فأنا مابتشعبطش على نجاح حد، ولكن يشرفني أعمل عمل لأسامة أنور عكاشة".
في كل الأحوال هي عودة محمودة من مخرج ينتظر منه الجمهور الكثير، ويؤمن بأدواته الفنية، وقدرته على تقديم أفلام مختلفة بعيدة تماما عن كل ما يتم عرضه على شاشت السينما.
إبراهيم عيسى
من لا يعترف بموهبة إبراهيم عيسى الصحفية فهو إما جاهل أو حاقد، تجارب عيسى في بلاط صاحبة الجلالة تثبت أنه وريث "محمد التابعي"، عيسى نفسه يعترف بفضل التابعي عليه.
يقول الكاتب حمدي عبد الرحيم: "فى قمة مجد جريدة الدستور، الإصدار الأول (ديسمبر 1995- فبراير 1998) استضافت إذاعة البرنامج العام فى برنامج رمضانى، الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، رئيس تحرير الدستور، وسأله المذيع: ما الجديد الذى قدمته أنت وقدمته جريدتك «الدستور» للصحافة؟
ضحك عيسى ضحكته الشهيرة ثم بجدية مخلصة ليس بها أدب قرود أو التواضع الكاذب، رد قائلًا: كل ما قدمتُه وما قدمَتْه الدستور صنعه قبل عشرات السنين الأستاذ محمد التابعى، على الناس أن تعيد قراءة تجربة التابعى فى الصحافة المصرية، فكلنا فى الصحافة عيال على التابعى.
يقول عبد الرحيم: انتهت شهادة عيسى على نفسه وعلى تجربته الرائدة فى الدستور، وتلك الشهادة أرى الآن أنها لا تمثل كل الحقيقة، فهى مع بعض المبالغة تمثل ما يقرب من نصف الحقيقة، والنصف الباقى هو إنجاز عيسى. وتجديده.
وأصل القصة أن عيسى عندما أطلق الدستور كان فى ريعان شبابه، فوق الثلاثين بسنة أو اثنتين، وكان قد قرأ ودرس أهم التجارب الصحفية التى شهدتها البلاد، والوضع كذلك كان المنطقى أن يخاف عيسى أو يهاب اللجوء إلى المغامرة التى كأنها مقامرة، فالذى يريد أن يسجل وجودًا له، عليه -أولًا- أن يمشى فوق السطر الذى خطّه الآباء والأجداد، ثم متى رسخت قدماه كان من حقه أن يخط هو سطرًا جديدًا، ولكن عيسى الذى أعرفه منذ زمن الجامعة، وعملت معه فى معظم إصداراته، هو بطبعه ضد التقليد حتى لو كان التقليد هو الضمانة الحقيقية للنجاح بل للوجود.
كراهية عيسى للتقليد وللمشى على سطر خطَّه غيره كان العنوان العريض لتجديده، الذى بدأ من اختياره لاسم "الدستور"، اسم مقتحم من كلمة واحدة ذات دلالات لا تنتهى، ثم للعنوان ظلاله وإيحاءاته، والبحثَ عن قالب فنى يصب فيه مادته"
"ذلكم كان التجديد الأول لعيسى، ثم تلَت خطوة الماكيت الجديد، اختيار المادة الصحفية وطريقة كتابتها وطريقة عَنونتها.
" من علامات تجديد عيسى أنه كان يبدو كأن قراراته وليدة اللحظة، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك تمامًا، فهو قبيل صدور "الدستور" كان يضع فى درج مكتبه العناوين الرئيسية لأهم خمس قضايا سيفجرها فى الأعداد التالية، وكثيرًا ما كان يستشهد بجملة لافتة للراحل المعمارى "حسن فتحى": إنه بيت أبى الذى كل خطوة فيه بحساب.
ويقول الكاتب حمدي عبد الرحيم" نعم كان تعامل عيسى مع الدستور كتعامله مع بيت أبيه، لابد من أن يظل عامرًا ومرحبًا بكل أولاده ولا يطرد أحدًا حتى لو جنح أو شرد".
ثم كانت له عين لاقطة مُقامرة، جاء ببلال فضل وهو دون الخامسة والعشرين.. عيسى فقط هو الذى سمح لجيل كامل بأن يكتب كما شاء متى شاء، حتى لجوء بعضنا لبعض العامية فى الكتابة كان يتركه دون مشاجرات تشهدها جرائد أخرى.
ولعل إنجازه الكبير فى ملف تجديده يكون فى اختياره لكُتاب جريدته، فقد جاء بالشباب الذين فوق العشرين ودون الثلاثين، ثم جاء بمدفعية ثقيلة تمهد لهم الميدان؛ من أمثال الأساتذة صافى ناز كاظم وجلال أمين وأحمد فؤاد نجم وحسين أحمد أمين وأسامة أنور عكاشة ولينين الرملى ونجلاء بدير وعماد الدين أبو غازى وسيد خميس وصلاح عيسى ومحمد حلمى هلال، وآخرين.
وعلى ما سبق، يعتبر حمدي عيسى الحفيد النابه والناجح والشرعى لرائد التجديد محمد التابعى.
انتهت شهادة حمدي عن الدستور باعتباره أحد فرسانها الأوائل، إلا أن تجارب إبراهيم عيسى الصحفية لم تنته، حتى قرر أن يقفز إلى الشاشة ويحصر موهبته في الإعلام بإثارة قضايا شائكة، تضعه في مرمى السهام، وكأنه يهيل التراب على نجاحه الصحفي.
ما يزال إبراهيم عيسى بعيدا عن الصحافة التي يتقنها، يتنقل من قناة إلى أخرى، ويظهر اسمه في ترندات لا تتحدث من قريب أو بعيد عن تجاربه الصحفية ولكن عن قضاياه الخلافية. فهل يفعلها عيسى ويعود إلى بلاط صاحبة الجلالة.. ليس هناك ما يشير إلى ذلك حتى الآن؟
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
أمر اعتقال.. ماذا ينتظر نتنياهو؟
22 نوفمبر 2024 08:10 ص
بعد تثبيت الفائدة للمرة الخامسة.. ماذا يعني قرار البنك المركزي؟
21 نوفمبر 2024 09:08 م
بسبب "اغتصاب خضرة".. "بونابرت" أنهى خصام توفيق الدقن ويوسف شاهين
21 نوفمبر 2024 07:14 م
هل تعتقل الدول أعضاء "الجنائية الدولية" نتنياهو إذا ذهب إليها؟
22 نوفمبر 2024 02:00 ص
قانون لجوء الأجانب.. كيف يعزز مكانة مصر عالميًا؟
21 نوفمبر 2024 05:02 م
اعتقال نتنياهو.. العالم يرحب عدا دولتين
21 نوفمبر 2024 10:44 م
الأهرامات تحت المجهر.. حقيقة التعديلات الأخيرة
21 نوفمبر 2024 09:08 ص
هل يواجه طفلك مصير واقعة "حضانة الغربية" دون أن تدري؟
20 نوفمبر 2024 10:09 م
أكثر الكلمات انتشاراً