الجمعة، 20 سبتمبر 2024

04:35 م

لتفلت يدها عن غزة.. إسرائيل تحارب مصر "إعلاميًّا"

السيسي ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو

السيسي ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو

أحمد سعد قاسم

A A

منذ بدء عملية طوفان الأقصى، ووقوف مصر بشكل واضح بجانب حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وتنبيه المجتمع الدولي إلى مسئوليات إسرائيل كدولة احتلال تجاه قطاع غزة وأهله، بدأت تل أبيب في اتخاذ نهج جديد لضغط على القاهرة، إعلاميا، وبث شائعات لإجبار مصر على اتخاذ موقف أكثر تساهلا إزاء غزة، والتخلي عن الفلسطينيين.

الضغط الإسرائيلي على مصر كان يهدف في أحد جوانبه إلى ضمان صمت القاهرة إزاء التدخل العسكري في محور فلادلفيا علي الحدود مع مصر، وبناء شريط عازل تحت الأرض علي ذات البقعة، الأمر الذي تعتبره مصر مسارا خطيرا لتوسيع رقعة الصراع.

هذا النهج بدا واضحا في المزاعم التي تطلقها تل أبيب منذ بدء عملية طوفان الأقصي، ببث الشائعات وتعليق فشلها في الحرب على "شماعة" باتهام الدول المجاورة وخصوصا مصر بمساعدة حركة حماس في الهجوم وتهريب السلاح للحركة عبر معبر رفح من خلال المساعدات.

وهو الأمر الذي نفته مصر ووصف مصدر أمني مسؤول أن ما رددته وسائل إعلام إسرائلية عن تهريب أسلحة إلى قطاع غزة، عبر الحدود المصرية بالمزاعم الخبيثة والشائعات التي لا أصل لها.

وأكد المصدر لـ"تليجراف مصر"، أن كافة ما رددته صحف إسرائيلية وقنوات فضائية حول تهريب أسلحة عبر رفح المصرية، “الغرض منها إيجاد ذريعة لإسرائيل بالتواجد في محور فيلادلفيا على الشريط الحدودي بين مصر وغزة، ولبناء سور وحاجز تحت الأرض”.

وشدد المصدر على أن السلطات المصرية تحافظ على الحدود مع غزة وإسرائيل أيضا، وتمنع أي عمليات تهريب، مضيفًا أن دخول المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة، يتم وفق الآلية المتفق عليها مع إسرائيل وأمريكا، وهى الدخول من معبر رفح البري الحدودي، بعد تفتيش الشاحنات، وكذا في معبري العوجا وكرم أبو سالم.

البداية

في 13 نوفمبر 2023 أثار موقع “بحدري حريديم” العبري الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف في إسرائيل، في تقرير له أن مصر تسلح حركة “حماس” بالسماح للأسلحة بالدخول إلى غزة عن طريق الشاحنات التي تعبر إلى القطاع من معبر رفح.

وادعى الموقع أن “الأسلحة جاءت من مصر قبل عملية (طوفان الأقصى)، وهو ما أجبر القوات الإسرائيلية على مواجهة أسلحة مثل الصواريخ الليزرية والأسلحة المضادة للدبابات، بعد أن كانت تتعرض للحصار والمولوتوف”.

وتزيد تل أبيب من ضغوطها على القاهرة بإثارة البلبلة والإشاعات التي تتوقع أنها بذلك تحرج مصر دوليا والتي كان أخرها اتهامات بضلوع مصر في تهريب الأسلحة لحركة حماس داخل المساعدات الإنسانية التي تدخل الى القطاع عبر معبر رفح.

 المحلل السياسي الفلسطيني رمضان أبو جزر

 

حملة ممنهجة

يقول المحلل السياسي الفلسطيني رمضان أبو جزر إن هناك حملة ممنهجة من قبل القيادات العليا في إسرائيل لشن هجوم حاد على مصر.

ويضيف أبو جزر لـ "تليجراف مصر" يعتقد عدد من المسؤولين الإسرائيليين أو يؤمنون بأن القوة التي اكتسبتها المقاومة في قطاع غزة إما بدعم مصري واضح أو بتسهيل بشكل غير مباشر وغض الطرف عن ما يمر من المعبر.

انتقام شخصي

يذكر أبو جزر أن هناك تحريضا على المستوى الدولي من قبل المسؤولين الإسرائيليين، مثل وزير الامن الداخلي ابن غفير، ويضيف: "بالعودة قبل أيام إلى تصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي السابق ليبرمان المتلفزة، وتصريحات حزبه المناهضة للدولة المصرية، وتحملها المسؤولية الكاملة لما وصلت إليه المقاومة من قوة وتسليح وتدريب، هو في الأساس إنتقام شخصي بين ليبرمان ومصر، بعد أن أسقطته المخابرات المصرية من منصبه عندما انتهك الهدنة التي كانت ترعاها مصر بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 2018.

ويرى أبو جزر إن هذه الاتهامات ليست جديدة، بل "بدأت منذ الأشهر الأولى لتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في مصر حيث كانت مصر بعد ثورة 30 يونيو تحاول أن تبحث عن تمويل من البنك الدولي والدول الصديقة لدعم الوضع الاقتصادي في مصر".

تحريض مستمر

يكمل أبو جزر: "عندما عقدت مصر صفقات روسية فرنسية وحاملة طائرات هليكوبتر اميسترال وغواصات ألمانية، أصبحت الوفود الإسرائيلية تحج على واشنطن، وتحرض وتسأل سؤالا واحدا في الكونجرس: ماذا يريد السيسي بكل هذه الأسلحة؟ هذه الأسلحة لا تصلح لمحاربة الإرهاب في سيناء والميليشيات".

ولكن كان هناك اعتقاد وإيمان داخل الاستخبارات الإسرائيلية والمسؤولين الإسرائيليين أن هذه القوة الصلبة التي تمتلكها مصر لا توجد قوة في دول جوار مصر تستدعي كل هذه الأسلحة إلا إسرائيل. فكانت إسرائيل تحرض ضد امتلاك مصر هذه القوة.

ويقول إن هذا التحريض ضد مصر استمر ويستمر إلى أيامنا هذه وإسرائيل تريد أن تستدعي قوة الولايات المتحدة الأمريكية وجعلها في من خلال تركيز في الذهنية الإعلامية الغربية أن مصر هي المسؤولة عما حدث يوم 7 أكتوبر. لذلك لا نستغرب من هذا الخطاب الإسرائيلي. ونعتقد أنه سوف يتوسع بهذا التوجه.

يوضح أبو جزر: سوف نشهد في الأسابيع المقبلة حملات إعلامية داخل إسرائيل، حزبية وغير حزبية، تحرض على القيادة المصرية والجيش المصري وعلى الشعب، في سبيل تمرير مبدأ مرور الفلسطينيين إن لم يكن تهجيرهم إلى سيناء، وإنما مرورهم عبر سيناء.

يكمل أبو جزر: هناك هجوم إسرائيلي ممنهج على جمهورية مصر العربية، لأنه ثبت للإسرائيليين أنها قائدة للعالم العربي في مواجهة مخططات التدمير والتوسع الإسرائيلية.

الجدار العازل في الأراضي المحتلة

 

جدار عازل وفلادلفيا

وتحاول تل أبيب وضع القاهرة في مأزق لإنجاح خطتها في بناء جدار عازل على الحدود بين مصر وغزة، والسيطرة على محور فلادلفيا، وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فقد اقترح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على نظيره الأمريكي لويد أوستن شهر ديسمبر الماضي 2023،  أثناء زيارته لـ تل أبيب، إمكانية إنشاء جدار تحت الأرض في منطقة رفح المصرية، بتمويل أمريكي؛ بحجة منع حماس من تهريب الأسلحة.

الخطة تشمل تجهيز الجدار الأرضي بتقنيات وتكنولوجيا متقدمة وكاميرات ومجسات وغيرها، لتبادل المعلومات بين الجانبين المصري والإسرائيلي حول ما يجري في قطاع غزة، ومنع بناء أنفاق بين غزة والأراضي المصرية مثل الجدار الذي أنشأته إسرائيل بعد عام 2014. وهو ما رفضته مصر.

وفقا للصحيفة، فإن الجدار المقترح قد يبلغ طوله 13 كيلومترا، ويحتوي على الطرق التكنولوجية التي تعطي إشارة إذا كان هناك حفر محتمل في تلك المنطقة.

من ناحية أخرى ترغب تل أبيب في السيطرة على محور فلادلفيا أو محور صلاح الدين هو شريط حدودي بين مصر وقطاع غزة. ينتمي إلى المنطقة “د” التي تحكمها اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.

يبدأ المحور من البحر المتوسط وينتهي في معبر كرم أبو سالم، ويبلغ طوله حوالي 14 كيلومترا.

لا تعليق

وفي تصريحات متلفزة رفض السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، التعليق على تلك الشائعات، واكتفى بالتأكيد على التواصل المستمر بين سامح شكري وزير الخارجية، وجوزيب بوريل المنسق الأوروبي للسياسة الخارجية لمتابعة الوضع في قطاع غزة.

الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني يحي قاعود

 

تقليص المساعدات

ويرى الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني يحي قاعود أن الادعاءات الإسرائيلية بضلوع مصر في تهريب الأسلحة لحماس ما هي إلا جزء من أكاذيب كثيرة تعمد الإحتلال ترويجها منذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر.

ويقول قاعود لـ"تليجراف مصر" إن هذه الادعاءات هي جزء من استراتيجية إسرائيل العسكرية والدبلوماسية التي تهدف إلى فصل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية وتفريغه من سكانه.

قاعود يرى أن بتلك التصريحات تحاول إسرائيل تقليص حجم المساعدات التي تدخل عبر المعبر المصري الفلسطيني والتي تديره جمهورية مصر العربية والتي لا تكفي أصلا لتلبية احتياجات القطاع.

يقول قاعود إن إسرائيل تسعى إلى تسويق أكاذيب وافتراءات لتبرير إنشاء خط بحري من قبرص إلى قطاع غزة ينقل مساعدات مفتشة وآمنة ويعيد مهاجرين من القطاع إلى قبرص.

توريط مصر

ويرى قاعود إن هذا هو مخطط إسرائيل للتخلص من السكان الفلسطينيين في القطاع. ويقول " إن هذا التحريض ضد مصر مستمر منذ بداية حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإن إسرائيل تريد أن تجعل الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي يعتقدون أن مصر هي المسؤولة عما حدث يوم 7 أكتوبر. لذلك لا نستغرب من هذا الخطاب الإسرائيلي ونتوقع أن يزداد في الأسابيع القادمة وأن يشمل حملات إعلامية وسياسية تحرض على القيادة المصرية والجيش والشعب، في سبيل تمرير مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو مرورهم عبرها.

 الخبير العسكري ومدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري اللواء سمير فرج

 

حماية نفسه

من جهته قال الخبير العسكري ومدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري اللواء سمير فرج إن نتنياهو يحاول إثارة المشاكل مع مصر ليطيل زمن الحرب لحماية نفسه من السيناريو المظلم الذي سيواجهه بعد النهاية.

وأكد فرج لـ "تليجراف مصر" إن ما قالته إسرائيل إتهام غير صحيح ولا تملك أي دليل على دخول السلاح لقطاع غزة عبر سيناء، لكنها تريد إثارة مشاكل مع مصر بأي طريقة.

وأوضح فرج أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إطالة زمن الحرب مع حماس للبقاء في السلطة، لأنه إذا انتهت الحرب سيتم تشكيل لجنة للتحقيق في مسؤوليته عن الهزيمة في يوم سبعة أكتوبر، كما حدث في لجنة أجرانيت سابقاً. وقال فرج إن نتنياهو سيكون أول المتهمين بالتقصير، مع رئيس الأركان وثلاثة رؤساء للمخابرات.

search