الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:31 ص

الدحدوح مكلومًا.. ناقل الخبر يصير خبرا

وائل الدحدوح وإبنه الشهيد حمزة

وائل الدحدوح وإبنه الشهيد حمزة

أحمد سعد قاسم

A A

في غزة، يواجه الصحفيون تحديات كبيرة لنقل الحقيقة والواقع للعالم، ولكن بالنسبة لوائل الدحدوح، فإن التحدي أصبح أكثر قسوة وألما، فلم يكن يتخيل يوما أن ينقل نبأ استشهاد أبنائه الواحد تلو الآخر على الهواء مباشرة، وبدلا من أن يكون ناقلا للقصص الصحفية أصبح هو بذاته قصة صحفية بات ينقلها حتى من هم ليسوا من أبناء مهنتنا الصحفية.

الدحدوح أثناء وفاة زوجته وأبنائه

اغتيال الحلم

الدحدوح، الذي ولد في غزة عام 1970، كان شاهدا منذ صغره على انتهاكات الاحتلال المستمرة على فلسطين بشكل عام وعلى قطاع غزة بشكل خاص. نشأ في حي الزيتون في مدينة غزة، وهو من أسرة زراعية في الأساس، وله ثمانية أبناء استشهد معظمهم في غارات إسرائيلية استهدفت عائلته بالتحديد.

كان الدحدوح يحلم بأن يدرس الطب، لكن الاحتلال اغتال حلمه أيضا، واعتقله عام 1988 بسبب مشاركته في الانتفاضة الفلسطينية الأولى ليغيّر بعدها تخصصه إلى الإعلام، وحصل على بكالوريوس الصحافة والإعلام في عام 1998.

لم تتوقف محاولات الدحدوح للسفر في الخارج ولم يتوقف الإحتلال من منعه أيضا، لم يكتف الدحدوح بدراسته للإعلام، وحصل على ماجستير في العلوم السياسية في عام 2007. من جامعة القدس في بلدة أبو ديس في الضفة الغربية.

حمزة إبن الدحدوح يقبل رأس والده

شاهدا وناقلا

بدأ الدحدوح مسيرته الإعلامية كمراسل في قطاع غزة لعدد من المواقع الفلسطينية المحلية، حتى انضم لمكتب الجزيرة عام 2004، وشارك مع فريق الجزيرة في تغطية جميع الحروب التي مر بها القطاع المحاصر، ومن أبرزها حرب 2008/2009 و2012 و2014 و2021 و2023.

“كان الدحدوح شاهدا وناقلا لأبشع المجازر الإسرائيلية في غزة، والتي من أبرزها مجزرة حي الشجاعية، التي راح ضحيتها أكثر من 70 شهيدا ومئات الجرحى في يوم واحد”، يقول أحد زملائه في الجزيرة.

لكن الدحدوح لم يكن مجرد شاهد على مجازر الاحتلال، بل كان ضحية لها أيضا. فخلال الأعوام الماضية، فقد حوالي 20 من أقاربه، من بينهم إخوته وأبناء عمومته وأبناء عمته، في عمليات اغتيال وغارات إسرائيلية على القطاع.

وائل الدحدوح أثناء تغطيته الأحداث في غزة

قسمت أبنائي

“قسمت أبنائي الثمانية على ثلاث بيوت لأقاربي، لربما ينجو أحدهم من القصف”، قال الدحدوح في حوار صحفي سابق، ولكن هذا الأمل تحطم في بداية الأزمة الحالية “طوفان الأقصى”، حيث استشهد القسم الأول من أهل بيته “زوجته وابنه وابنته” في غارة للاحتلال ضربت مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع.

وكان الدحدوح في ذلك الوقت ينقل أحد الغارات الإسرائيلية على القطاع، ولم يكن يتخيل أنه وبعد دقائق معدودة سينقل خبر استشهاد زوجته وأبنائه على الهواء مباشرة، في مشهد مؤلم ومؤثر.

وكأن هذا الألم لم يكفه، ففي يوم 7 يناير 2024، استشهد ابنه الصحفي “حمزة”، الذي كان يعمل مصورا في قناة الجزيرة، في غارة إسرائيلية استهدفت الصحفيين في خان يونس، جنوب القطاع.

وكان الدحدوح مرة أخرى ينقل الحدث على الهواء، ولم يكن يعلم أنه ينقل نبأ استشهاد ابنه الثاني، في مشهد أقسى وأقسى.

حمزة إبن وائل الدحدوح

وائل الدحدوح، الذي نال عدة جوائز وتكريمات عن تغطيته المتميزة، والذي أطلق عليه زملاؤه لقب “صحفي مقاتل”، لا يزال يقاوم وينقل الحقيقة، رغم كل ما فقده وما يخسره، فهو يؤمن بأن الصحافة هي سلاحه في مواجهة الاحتلال والظلم.

وكان الدحدوح قال عبر رسالة قصيرة مصورة في السابق، نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "إكس" تويتر سابقا، "سنعود ونعمر الديار رغم كل شيء.. ليس لنا خيار آخر لإنها أرضنا وترعرعنا فيها ودفعنا أبهظ الأثمان بدمائنا وأوراحنا".

رسالة تحدي

وما إن عُرض الفيديو، حتى حصل عليه تفاعل من عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وقالوا إنها رسالة قوية تعكس تحدى أهالى غزة المُتمسكين بأراضيهم رافضين تركها رغم القصف الوحشي الذي لم يتوقف طيلة 80 يومًا ماضية.

الدحدوح رشحه العديد من نشطاء موقع إكس، لنيل جائزة أشجع مراسل صحفي.

search