الإثنين، 09 سبتمبر 2024

09:53 ص

طرد ثم تظلم.. ماذا يفعل قانون "المخدرات" بالموظفين؟

إجراء تحليل مخدرات للموظفين

إجراء تحليل مخدرات للموظفين

روان عبدالباقي

A A

طلب إحاطة على وشك أن يتقدم به عضو مجلس النواب إيهاب منصور إلى رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، لكنه في مرحلة استكمال وتجميع المستندات لحالات من المواطنين المصريين من الطبقات المتوسطة أو الفقيرة تم فصلهم من عملهم بشكل تعسفي بسبب القانون رقم 73 لسنة 2023. فما علاقة هذا القانون بالموظفين وما هي قصتهم؟.

طرد وتظلم

منذ عدة أشهر جاء أحد المواطنين العاملين بإحدى شركات القطاع العام إلى النائب إيهاب منصور وقال له: لقد طُردت من عملي بسبب تحليل المخدرات التي تجريه جهات العمل وفق القانون رقم 73 لسنة 2023، وكانت النتيجة إيجابية ثم تظلمت على القرار لأني أتناول أدوية ولدي تقارير طبية تفيد بذلك، حسب تصريحات النائب لـ"تليجراف مصر".

وتابع المتقدم بالشكوى قائلا: بعدما تظلمت أجريت التحاليل مرة أخرى وكانت النتيجة سلبية وتم اتخاذ قرار بعودتي إلى العمل مرة أخرى، لكن المفاجأة كانت في إبلاغي بعد 3 أشهر أنني مفصول عن العمل اعتمادًا على أول نتيجة للتحاليل ظهرت لهم.

عضو مجلس النواب إيهاب منصور

 

ما قصة القانون؟

قصة القانون رقم 73 لسنة 2021 في شأن شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها تعود إلى 3 أعوام ماضية، حينما صدر القانون في الجريدة الرسمية وتم التصديق عليه لتسري أحكامه على العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة حكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والأجهزة التي لها موازنات خاصة.

ويطبق القانون على شركات قطاع الاعمال العام وتلك القائمة على إدارة المرافق العامة بالدولة وغيرها من الشركات التابعة للدولة ودور الرعاية ومراكز الإيواء والملاجئ ودور الإيداع والتأهيل ودور الحضانة والمدارس والمستشفيات الخاصة.

آنذاك برّرت الحكومة التي قدمت القانون للبرلمان، الهدف من التشريع بالحد من استمرار بعض العاملين في شغل وظائفهم بالحكومة برغم ثبوت تعاطيهم المواد المخدرة، وأكدت أهمية فصل الموظف لحماية المرافق العامة وكذلك حماية المواطنين من خطر الذي يمكن أن يسببه بقاء متعاطي المخدرات في وظيفته، وفق ما جاء بمذكرة القانون وقتها.

تحليل فجائي

وحسب المادة الثالثة من القانون يشترط لشغل الوظائف فى الجهات المشار إليها بالتعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو الترقية أو الندب أو النقل أو الإعارة أو للاستمرار فيها بالإضافة إلى الشروط الأخرى التي تتضمنها القوانين واللوائح، ثبوت عدم تعاطى المخدرات من خلال تحليل فجائي تجريه جهات العمل بمعرفة الجهات المختصة.

تحليل المخدرات

يتم إجراء التحليل الفجائي لجميع العاملين بالجهات المشار إليها في المادة الثانية من هذا القانون، بمعرفة الجهات المختصة، طبقا لخطة سنوية تعدها هذه الجهات بالتنسيق مع جهات العمل، ويكون التحليل في هذه الحالة تحليلاً استدلاليا، بالحصول على عينة التحليل من العامل وإجراء التحليل في حضوره، ويتعين على العامل الإفصاح قبل إجراء التحليل عن جميع العقاقير التي يتناولها.

وفي حالة إيجابية العينة، يتم تحريزها وإيقاف العامل بقوة القانون عن العمل لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أو لحين ورود نتيجة التحليل التوكيدى أيهما أقرب، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل.

أين الطب الشرعي؟

ويُجرى التحليل التوكيدى على ذات العينة في الجهات المختصة، ويجوز للعامل في هذه الحالة، وعلى نفقته، طلب الاحتكام إلى مصلحة الطب الشرعي، إما لفحص العينة المشار إليها خلال 24 ساعة من وقت ظهور نتيجة تحليلها، أو لتوقيع الكشف الطبى عليه خلال ذات اليوم الحاصل فيه التحليل، وفي حالة سلبية النتيجة تلتزم جهة العمل بأن ترد للعامل قيمة ما تحمله من نفقات فعلية سددت لمصلحة الطب الشرعي.

وتلتزم الجهات المختصة أو مصلحة الطب الشرعى بحسب الأحوال بإخطار جهة العمل بالنتيجة النهائية للتحليل خلال عشرة أيام عمل من تاريخ وصول العينة إليها، فإذا تأكدت إيجابية العينة يتم إنهاء خدمة العامل بقوة القانون وتحدد حقوقه بعد إنهاء خدمته.

شكاوى عديدة وردت إلى رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إيهاب منصور، من المواطنين الذين يتناولون أدوية لعلاج أمراض مزمنة ولديهم تقارير طبية بذلك، ليفاجئوا بالفصل، مما استدعاه إلى التقدم بسؤال برلماني موجه إلى وزير العدل يقول فيه": لماذا يطبق القانون على من لديهم تقارير طبية لامراضهم؟".

وزارة العدل ترد

وزارة العدل قامت بالرد على سؤال النائب، مشيرة إلى أنها خاطبت مساعد وزير العدل لشئون قطاعي الخبراء والطب الشرعي، الذي تواصل مع رئيس قطاع مصلحة الطب الشرعى وكبير الأطباء الشرعيين ليقول أن دور مصلحة الطب الشرعي في هذا الخصوص يأتي فى حال طلب مجري التحليل الاستدلالي الاحتكام لمصلحة الطب الشرعي.

وزارة العدل

وأكد أنه يتم فحص العينة على أجهزة التحليل الدقيقة، للتأكد بشكل قاطع ونهائي من أن إيجابية العينة ناتج عن مواد مخدرة أو بسبب تدخلات دوائية، وفي الحالة الأخيرة يتم إثبات سلبية العينة من المواد المخدرة، ويتم إرسال التقرير بنتيجة التحليل إلى الجهة المرسلة للعينة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

عضو مجلس النواب لم يحصل على الإجابات الكافية عن أسئلته، لذلك أكد أنه قام بإرسال بعض الحالات رفق سؤاله، ويقوم حاليا باستكمال تجميع المستندات لتلك الحالات لعرضها ومناقشتها مع المسئولين، حتى لا يتم ظلم البعض نتيجة مرض لديه، وسيقوم بتقديم طلب إحاطة لمناقشة تلك الحالات في دول الانعقاد القادم.

فصل 1000 في 2023

في 2023 كشف مدير صندوق مكافحة الإدمان والتعاطي عمرو عثمان، عن فصل 1000 موظف بالحكومة بعد ثبوت تعاطيه المخدرات عبر تحليل فجائي من خلال لجان مشكلة من جهات حكومية، مؤكدًا أنه يجرى إعطاء فرصة للتقدم الطوعي للموظف للعلاج من الإدمان قبل إجراء التحاليل.

وآخر إحصائية أعلنتها وزارة التضامن بشأن نتائج لجان الكشف المبكر عن تعاطي المخدرات بين العاملين "موظفين، وعمال،وسائقين" بالمؤسسات والهيئات والمديريات التابعة للوزارات والمصالح الحكومية في المحافظات المختلفة كانت خلال النصف الأول من عام 2023، حيث تم الكشف على 94 ألف موظف بالوزارات والهيئات التابعة لهم بالمحافظات المختلفة خلال أول 6 أشهر من عام 2023، وانخفضت نسبة التعاطي الى 0.7 % بعدما كانت 8% في بداية حملات الكشف في 2019.

في مايو الماضي تقدم نواب بالبرلمان باقتراح لإجراء تعديل تشريعي على قانون شروط شغل الوظائف الحكومية، للمطالبة بوقف فصل متعاطي المخدرات لعدم حرمان أسرته من الدخل، وذلك من خلال تعديل عقوبة متعاطي المخدرات من الفصل بعد ثبوت التعاطي إلى الاكتفاء بتوجيه إنذار لمنحه فرصة ثانية مع تحذير بعدم التكرار، وكذلك يتضمن التشريع الجديد إعادة الموظفين المفصولين شرط إجراء تحليل جديد يثبت عدم تعاطيه للمخدرات.

مجلس النواب 

 

تعديل بلا مصير

وقال المتقدم بمشروع القانون، النائب عاطف المغاوري، إن التعديل التشريعي المقترح لقانون شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، يهدف إلى منح فرصة ثانية للعاملين لمن يثبت تعاطيه المخدرات، عبر التحليل الفجائي الأولي، من خلال عقاب إداري بدلًا من الفصل.

واستكمل: لابد من إخضاع العامل الذي تكون تحاليله إيجابية لبرنامج علاج إذا كان مدمنًا، وذلك بهدف تحقيق غرض القانون وهو مواجهة ظاهرة تعاطي المخدرات، والتي تعد من الظواهر السلبية في المجتمع، ولكن دون معاقبة أسرة الموظف بفصله من عمله مما يؤدي إلى وقف مصدر دخلها.

ما زال مشروع القانون في أروقة البرلمان ينتظر مزيد من المناقشة في اللجان والجلسات، ومن المتوقع أن يكون ضمن أولويات اجتماعات اللجان في دور الانعقاد الخامس، حيث انتهى دور الانعقاد الرابع لمجلس النواب وبدأت الإجازة البرلمانية التي تستمر 3 أشهر، إلى أن دعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، وفق المادة 274 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

search