الجمعة، 20 سبتمبر 2024

08:32 ص

خروج بعفو رئاسي.. حكايات من خلف الأسوار إلى النور (خاص)

الإفراج عن كبار السن بعفو رئاسي

الإفراج عن كبار السن بعفو رئاسي

داليا أشرف

A A

في الوقت الذي كان كل واحد منهم نائمًا في سريره، لا ينتظرون الغد الذي يشبه البارحة، بعد قضائهم أيامًا طويلة بين غرف الحبس والمستشفى، سرت فرحة عارمة في أروقة السجن، وانتشرت الأحضان بين الجميع، بعد أن صُدر قرار العفو الرئاسي الذي حمل معه الكثير من المشاعر الإنسانية، فقد فتح هذا القرار المجال ليغادر المشمولين به أسوار السجن وينطلقون إلى النور.

عفو رئاسي

فاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي 605 أُسر، بعدما أصدر قرارًا بالإفراج عن مدة العقوبة لذويهم المحكوم عليهم من كبار السن وذوي الحالات الصحية المتراجعة، ممن انطبقت عليهم شروط العفو الرئاسي من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، ووُصفت بأنها خطوة إنسانية ذات بعد إنساني.

وتواصل "تليجراف مصر" مع بعض المعفو عنهم رئاسيًا، الذين قصّوا حكاياتهم قبل دخول السجن، للتعرف على أحوالهم الآن بعد الإفراج عنهم.

منذ ست سنوات، ألقي القبض على الحاج قدري وابن عمه الحاج أحمد، بعد أن جمعتهم الصُدفة –حسب قولهما- في طريق نشبت فيه مشاجرة بين عائلتين قاصدين الثأر، وأطلقوا أعيرة نارية صابت واحدة منهم الحاج قدري، نتج عنها إعاقة في قدمه، بينما قُتل آخر.

أولاد العم

خضع قدري لجراحة عاجلة وكان يمكث معه ابن عمه الحاج أحمد، حيث اضطر لتركيب جهاز حديدي في قدمه، وإضافة الشرائح والمسامير بعظامه، وعلى الرغم من أنه يرى نفسه مجني عليه، فإن الشرطة ألقت القبض عليه هو وابن عمه و23 شخصًا آخرين، وبعد ثلاثة أيام وجد نفسه ماثلًا أمام للعدالة.

بين الوحدة والمرض والترحيل من سجن لآخر والمستشفيات أيضًا، قضى الثنائي قدري وأحمد سنواتٍ عجاف بين جدران السجن، فالاثنان تخطيا سن الـ70، كما كانا يعانيان من الضغط والسكري.

يحكي "قدري" أن أصعب ما قابله أيام السجن، هو تكرار الترحيل من محبس لآخر، نظرًا لحالته الصحية، حيث خضع لجراحة أخرى في قدمه التي تدمرت - بحسب وصفه- ولكن أكد أنه لم يواجه أي تقصير في علاجه.

"أول ما سمعنا قرار العفو الرئاسي مصدقناش نفسنا إلا لما شوفنا أهلنا قدامنا".. هكذا أعرب قدري وأحمد عن سعادتهم عند سمعاهم نبأ أنهما الاثنان ضمن المعفو عنهم رئاسيًا، فلم يظهروا فرحتهم خوفًا من تكذيب الخبر، إلا عندما شاهدوا أسرتهم أمام أعينهم.

وصفوا فرحتهم بأنهم جهّزوا أمتعتهم قبل الخروج من السجن بأيام، منتظرين اللحظة التي يحتضنوا فيها أسرتهم بفارغ الصبر، ووصف قدري القرار بقوله: "كان الخبر الزين.. اتولدت من جديد".

سجن شيخ العرب 

في الغرفة المجاورة يمكث الحاج أحمد عثمان، البالغ من العمر 78 عامًا، وبدأ قصته بعبارة: "عمري ما شربت سجارة لكني اتسجنت في مخدرات".. كانت تلك العبارة تدور في أذهانه طوال السنوات الماضية، حيث أُلقي القبض عليه في يناير 2020.

الحاج أحمد أو كما يُطلق عليه بين عائلات أسيوط "شيخ العرب"، مزارع يهتم بالأعمال الخيرية، ويلجأ له الكثيرون لفضّ مشكلات الأسر والعائلات لحكمته، وذات يوم بينما كان يستقل سيارة ميكروباص مع اثنين آخرين، أحدهما كان يحمل معه مخدرات، بحسب قوله.

مر "الميكروباص" أمام كمين فقام بتفتيشه، وأُلقي القبض على الحاج أحمد ومن معه، وفجأة وجد نفسه محكومًا عليه بخمس سنوات سجنًا، ورغم ذلك صبر واحتسب وقضى سنواته في السجن بين الصلاة وقراءة القرآن.

يقول الحاج عثمان أن أصعب ما مر عليه في تلك الفترة، هو وفاة سجين آخر كان صديقًا له وهو ما أدى لسوء حالته النفسية، ورغم ذلك أشار إلى أنه كان يُعامل معاملة حسنة بناء على عمره وحالته الصحية.

"كنت كل يوم أصلي وأدعي ربنا..فجأة قالولي جهز نفسك انت خارج..مصدقتش نفسي".. هنا سرد الحاج عثمان تفاصيل الإفراج عنه بالعفو الرئاسي، قائلًا أنه دائمًا ما كان يشكو من السكر والضغط والروماتزم، لكن بمجرد سماعه نبأ احتضان أسرته من جديد شعر وكأنه سليمًا معافى لم يعاني يومًا من أي مرض.

مشاجرة نتج عنها 3 سنوات سجن

وبالانتقال إلى غرفة أخرى مجاورة، تجد الحاج أحمد الذي كان بارًا بأمه يعيش على دعواتها وفقًا لقوله، انقلب به الحال رأسًا على عقب في ليلة واحدة، وذلك بعدما نشبت مشاجرة بينه وبين آخرين، نتج عنها 3 سنوات سجن.

على الرغم من فرحة "أحمد" بالعفو الرئاسي، فإنه لا يزال حزينًا على السنوات التي ضاعت من عمره بدءًا من 2021 -بحسب وصفه- بسبب تهوره، فلم يتخيل يومًا أن يكون حبيسًا بين أربعة جدران بسبب مشاجرة، لكنه اعتزم أن يعيش ما تبقى من عمره دون أن يفتعل أي مشكلة، قائلًا: "هفضل ماشي جنب الحيط". 

search