الإثنين، 16 سبتمبر 2024

10:35 م

انحيازٌ نتائجُة كارثية

دائما ما تزعم الدول الغربية أنها المدافع عن الحريات والقيم والعدالة واحترام القانون والدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، حتى بات البعض من العرب يفتخر بهذه القيم الغربية، لكن سرعان ما سقطت كل هذه القيم حين تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وبالجرائم والمذابح اليومية التي يتعرض لها الأطفال والشيوخ والعزل في قطاع غزة، مما يكشف لنا التباين والتناقض والازدواجية بين ما يدعيه الغرب وبين ممارساته الفعلية فيما يتعلق بفلسطين.

لكن الأغرب أن الإعلام نفسه - وليس الدول والحكومات- رسب في اختبار الحيادية وحقوق الإنسان والعدالة رسوبا فاضحا.

أخذت وسائل الإعلام الغربية موقفا منحازا بشكل واضحٍ لصالح إسرائيل، ما تسبب بزيادة انتشار المعلومات المضلّلة حول الأزمة، وأدى الإعلام الغربي -ومازال- دورا مسيئًا، ونشر المعلومات المضللة التي تخدم الجاني وتُدين الضحية، وصور الهجوم الإسرائيلي الوحشي على غزة بأنه "دفاع عن النفس".

والأمر المزعج الآخر هو تبنّي الوصف الإسرائيلي للأزمة على أنها "حرب".

وفي دراسة أجراها مؤشر الفتوى العالمي التابع للأمانة العامة بدار الإفتاء المصرية، تصدرت هيئة الإذاعة البريطانية بنسة 40% قائمة أكثر المواقع والصحف التي أظهرت ازدواجية وتحيزا في تغطية الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ومن ذلك أنها قامت بالآتي:

1-حولتْ عددا من الإعلامين المنتسبين لها إلى التحقيقات بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية.

2-استخدام ألفاظ ومفردات متحيزة لإسرائيل.

3-نشر تصريحات عن الجنود الإسرائليين حول معاناتهم في 7 أكتوبر.

4-الحديث عن دفاع إسرائيل عن نفسها 

5-الحديث عن قتل حماس للأطفال وقطع روؤسهم.

ولوحظ أن وسائل الإعلام -لا سيما الأمريكية والبريطانية- كانت أكثر ميلا للاستشهاد بالمصادر الإسرائيلية في العناوين الرئيسية، ويمكن تفسير ذلك بأن العناوين الصحفية لها تأثير شديد على المتلقي أكثر من النص أو المادة الصحفية نفسها.

وأكثر التقارير الغربية وصفت المقاومة الفلسطينية "حماس" بأنها حركة إسلامية مسلحة، أو منظمة إرهابية، أو منظمة مسلحة، أو مقاتلون، أو إرهابيون، وذلك من أجل محاولة تحجيم القضية الفلسطينية ومحاولة خلق صورة ذهنية مفاداها أن حرب إسرائيل على غزة هدفها الرئيسي هو مقاومة الإرهاب وتخليص الفلسطينيين من "حماس الإرهابية" لخلق دافع قوي للمجازر والانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال على الأراضي المقدسة، في انحياز واضح وسافر لصالح إسرائيل، ما تسبّب في زيادة انتشار المعلومات المضلّلة حول الأزمة.

كل هذا التناقض في الوقت الذي أظهر فيه الإعلام الغربي – وكذا الحكومات الغربية- تمايزا جليا في موقف المجتمع الدولي من الحرب الدائرة في أوكرانيا، مما يؤكد على غياب عدالة المجتمع الدولي، وانحيازه ضد العرب والمسلمين تحديدا، ففي الحرب الروسية على أوكرانيا سخرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كل إمكانياتهم من أجل أوكرانيا؛ فدعموها بالأسلحة، وضخوا عشرات المليارات من الدولارات للاقتصاد الأوكراني، ووقعت أمريكا اتفاقا يوفر مساعدات أمريكية جديدة بمليارات الدولارات لأوكرانيا في حربها مع روسيا.

وكل ذلك لم يتغير حتى عندما ظهر وجه إسرائلي جديد بتوسعة الحرب، ليشمل الهجوم والقتل والتهجير الضفةَ الغربية، وداهمت إسرائيل مؤخرا بشكل متزامن أربع مدن فلسطينية على الأقل في الضفة الغربية، وهي جنين وطولكرم ونابلس وطوباس، إلى جانب مخيمات اللاجئين هناك، ودخلت مستشفى في جنين، ومنعت الوصول إلى مستشفيات في طولكرم، فيما ركزت العمليات العسكرية الإسرائيلية في نابلس على مخيمين للاجئين هناك، ووقع العشرات من الضحايا أطفال نساء شيوخ وكل هؤلاء لا علاقة لهم بحماس ولا بقطاع غزة.

التحليل النوعي (الكيفي) للتناول الإعلامي الغربي كشف مظاهر ازدواجية فاضحة تناولها المؤشر العالمي، وكان أبرزها:

-التحيز في استخدام الألفاظ.

-نزع السياق.

-التركيز على روايات طرف واحد.

-توجيه الانتقادات.

-نشر معلومات خاطئة.

-التضييق على الصحفيين وتوجيههم.

وهذا الخطاب المتحيز له نتائج كارثية تهدد العالم كله، وتزيد الإرهاب والتطرف والصدام وتزعزع الاستقرار، ومن هذه النتائج، ارتفاع معدلات خطاب الكراهية ضد المسلمين، وتقويض كل سبل السلام والاستقرار والأمن.

search