السبت، 06 يوليو 2024

08:53 م

  حسين القاضي

حسين القاضي   -  

A A

قراءة في آثار التقارب المصري التركي على الإخوان

عقب زيارة الرئيس التركي لمصر انتشرت الأخبار عن قرار الحكومة التركية سحب الجنسية الممنوحة للقائم بأعمال المرشد العام للإخوان في مصر محمود حسين، الذي يتزعم "جبهة الإخوان" في إسطنبول، وإلغاء جواز سفره بسبب مخالفة شروط حصوله على الجنسية.

انتشر الخبر في المواقع الكبرى العربية والمصرية نقلا عن مصادر تركية وإخوانية، ولكن إلى الآن لم يصدر بيان رسمي من الإخوان أو تركيا بشأن القرار، لكن نشره مغردون تابعون للجماعة، كما لا يُعرف على وجه اليقين ما إذا كان هذا القرار لاحق لزيارة أردوغان للقاهرة أم سابق لها، وسحب الجنسية من محمود حسين ضمن نحو 50 آخرين من عناصر الصف الأولى من تنظيم الإخوان، بعد أن تبين تلاعبهم بالشروط الحصول على الجنسية التركية، حيث أقرت تركيا قرارا يسمح بمنح الجنسية لمن يشتري عقارا لا يقل ثمنه عن 400 ألف دولار أو إيداع مبلغ في البنوك التركية، شرط ألا يتم التصرف بالعقار أو الوديعة قبل 3 سنوات، وهو القانون الذي استغله الإخوان بطرق مشروعة وغير مشروعة.
العلاقات المصرية - التركية دخلت مرحلة جديدة مع زيارة أردوغان للقاهرة، وبدأت قيادات إخوانية مغادرة تركيا، وهذا التطور في العلاقات سيكون له انعكاسات واسعة، لاسيما مع البعد الاستراتيجي للدولتين الكبيرتين، وثقلهما الكبير في الإقليم، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من جراء التهديدات المختلفة والصراعات والحروب الدائرة في المنطقة.
ليس هناك ما يؤكد أن الزيارة تناولت ملف الإخوان المسلمين، وهو الملف الذي تأثرت بسببه العلاقات التركية المصرية،  لكن التقارب بصورة عامة يجعلنا نسجل بعض الآثار فيما يخص  أثره على مستقبل الجماعة في المستقبل:
-التقارب يثبت أن الإخوان جماعة (وظيفية)، أي أن الدول الحاضنة لها تستخدمها لأداء مهمة معينة، ثم تلفظ الجماعة بعد انتهاء مهمتها.
-اضطراب العقل الإخواني، فالجماعة التي كانت تصف أردوغان بخليفة المسلمين، وسلطان الأمة، إذ به يأتي مصر في زيارة رسمية، لا سيما وأن التقارب لن يحقق ما تمنته الجماعة من "أنه يحقق الخير للإخوان"، كما قال أحد قيادات الإخوان، فتركيا عملت وستعمل على تقييد حركة تنظيم الإخوان.
-أمر متعلق بما ألت إليه الجماعة في أنها أضحت تعيش على صدامات الدول وصراعاتها، فإذا تحولت علاقات الدول من الصدام إلى التقارب، تكون جماعة الإخوان في موقف صعب ومعقد.
-مع الضربات المتلاحقة للتنظيم داخل مصر، تأتي ضربة الدولة الحاضنة، وزيادة المخاوف، وهو ما كان له أثر على مستقبل الجماعة، ظهر مع أنباء محاولة الجماعة ترتيب أمورها، والهروب إلى حواضن أخرى، فيما عرف بالبحث عن الحصول على تأشيرة (شينغن)، وقد تفرض تركيا قيودا جديدة على أنشطة الجماعة وعناصرها، فأخذت الجماعة تستعد  لـ"هروب كبير" من تركيا بحثا عن ملاذات جديدة.
-إلى الآن لم تتم بصورة فعلية مناقشة أمر تسليم المطلوبين إلى مصر من تركيا، لكن تركيا تواصل سياسية تقليم أظافر الإخوان، والتشديد على تحركات الجماعة ونفوذها الإعلامي، وآخر ذلك ما أثير حول سحب الجنسية من محمود حسين.
-أن الجماعة -على مستوى كوادرها في اسطنبول -، واجهت ظروفا في منتهى القسوة، فقامت الخلافات الشخصية، والحروب الإعلامية، وحروب المصالح الشخصية، ومات الإخواني محمد الجبة من إهمال الجماعة لظروفه الصحية، وتعرض الفنان محمد شومان لأزمات صحية كات تودي بحياته، وقال الإخواني الهارب هيثم خليل: يجوز لنا أكل الميتة في تركيا، ودخل بعض شباب الإخوان في الإلحاد، وذكر أحد إعلامي الجماعة أن أستاذا جامعيا من الإخوان يبيع الجوارب في اسطنبول، والتقارب بين القاهرة وأنقرة يزيد من مشكلات الجماعة، ويضعف التنظيم فوق ضعفه.
-أن تركيا أيقنت أن المستقبل والأمن والاستقرار في التعاون مع الدول وليس مع التيارات والأحزاب، فأي فاعل غير الدولة الوطنية سيثبت فشله، وعلى رأس هذه الدول الفاعلة مصر، لأن مصر بوابة العبور في العديد من القضايا، بما تملكه من ثقل في الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم العربي والإسلامي، ولم تكن تركيا فقط التي أيقنت ذلك، بل حماس أيضا.

search