غبار المعارك يهدأ في لبنان وجذوة الصراع تشتعل في سوريا
هجوم - أرشيفية
وكالات
لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعيش تبعات هجوم 7 أكتوبر وما تلاه من حرب شنتها إسرائيل على جبهات عدة، ويرى مراقبون أنها غيرت موازين القوى وتعيد رسم خريطة التوازنات بها.
فلم يكد غبار الحرب يهدأ على الأراضي اللبنانية بعد مواجهات دامت نحو 14 شهرا بين إسرائيل وحزب الله، حتى اشتعلت من جديد جذوة صراع كانت خامدة تحت الرماد في بقعة ليست بالبعيدة، وتحديدا في سوريا، ولا يمكن النظر لكل تطور فيهما بمنأى عن الآخر.
وبدأت جماعات من المعارضة المسلحة، بزعامة ما تعرف بهيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقا - في محافظة حلب شمال غرب البلاد أكبر هجوم لها منذ سنوات ضد القوات الحكومية تحت اسم "ردع العدوان" وراح ضحيته أكثر من 200 قتيل، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى استيلاء المسلحين على عدة قرى جديدة وسيطرتهم على عشرات الكيلومترات وقاعدة عسكرية رئيسية تابعة للجيش السوري.
وكتبت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية: "في أول تحد خطير منذ 4 سنوات لـ(الرئيس السوري بشار) الأسد وداعمتيه، روسيا وإيران، تقدم المسلحون شرقا من منطقة إدلب المتبقية تحت سيطرة المعارضة السورية، والتي كانت في حالة من الجمود منذ أن اتفقت موسكو وأنقرة على وقف إطلاق النار في عام 2020".
واعتبرت أن هذه هي "أكبر انتكاسة للنظام (السوري) وداعميه الإيرانيين منذ سنوات عديدة"، مشيرة إلى مقتل ضابط بارز في الحرس الثوري الإيراني خلال الهجوم.
ووصف الجيش السوري الهجوم المستمر بأنه "هجوم إرهابي ضخم وواسع النطاق... باستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة"، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
ورأت الصحيفة أن هذا التقدم "يظهر كيف تغيرت موازين القوى في سوريا التي مزقتها الحرب الأهلية خلال عام من الصراع في الشرق الأوسط الأوسع، فبينما سحق الأسد الانتفاضة المسلحة في سوريا بقوة، إلا أنه يتعرض لضغوط على جبهات متعددة ويترأس دولة ممزقة أصبحت ساحة لتنافس القوى العظمى".
وأوضحت أن الجماعات المسلحة المدعومة من طهران والقوات الروسية دعمت نظام الأسد، بينما دعمت تركيا المتمردين في آخر معقل للمعارضة وبقي عدد قليل من القوات الأمريكية في شرق سوريا لدعم القتال ضد تنظيم داعش.
ونقلت الصحيفة عن دارين خليفة، الخبيرة في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية، قولها إن "هذه فرصة لا تتكرر في العمر".
بينما يقول عمر أوزكيزيلجيك، وهو زميل غير مقيم في أنقرة في مركز أبحاث المجلس الأطلسي، إن "أهم شيء يمكن أن تكسبه هيئة تحرير الشام والمتمردون السوريون هو إمكانية تهديد مدينة حلب وقطع الطريق السريع إم 5، وهو الأكثر استراتيجية في سوريا".
وقال إن تقدم المتمردين سيساعد على تأمين إدلب، "ستقل قدرة النظام على توجيه الضربات وسيتمكنون من الانتشار ضد الأسد وإيران وروسيا من خلال قدرتهم على استهداف الأماكن التي تؤلمهم".
وأشارت فايننشال تايمز إلى أن "حلب كانت معقلا للثوار، لكن النظام استعاد السيطرة على ثاني أكبر المدن السورية في عام 2016 بعد حصار دام أشهر وغارات جوية روسية لا هوادة فيها".
ويأتي هذا الهجوم على الرغم من وجود مؤشرات على تقارب محتمل بين أنقرة ودمشق، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تموز/يوليو إنه يأمل في لقاء الأسد للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن. وتسيطر تركيا على رقعة من شمال سوريا تمتد إلى ما بعد إدلب وتضم فصائل متمردة أصغر حجما.
وفسر أوزكيزيلجيك تقدم مسلحي المعارضة إلى أن "أنقرة رأت أن جهودها لإحياء العلاقات مع دمشق قد توقفت".
وكانت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، قد حذرت مجلس الأمن الأسبوع الماضي من أن هذا العام "في طريقه لأن يكون الأعنف منذ عام 2020" في سوريا. وقالت رشدي: "هناك احتمال حدوث دمار أكبر يلوح في الأفق".
ووصفت صحيفة جيروزاليم بوست الهجوم بالمفاجئ ، مضيفة أن "النظام، المدعوم من إيران وروسيا، خسر أراضي بالقرب من حلب".
ويرى مراقبون أن تلك الجماعات ربما تسعى لاستغلال الفراغ الذي تركه حزب الله في سوريا، لاسيما بعد الضربة القوية التي تلقاها من إسرائيل، وترغب في التقدم لاستعادة مناطق فقد السيطرة عليها عام 2016 بعد هجوم للقوات الحكومية السورية بدعم من حليفتها روسيا.
فحزب الله فقد أمينه العام حسن نصر الله وجميع قيادات الصف الأول تقريبا من خلال مواجهة هي الأعنف مع إسرائيل. وذكر معهد تشاتام هاوس البريطاني أن حزب الله، الذي دخل على خط المواجهة اعتبارا من 8 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 إسنادا لحركة حماس في قطاع غزة، يواجه انتقادات لاذعة من قبل معظم أطياف المجتمع اللبناني بسبب "قراره الأحادي".
ويرى تشاتام هاوس أن العملية بنتائج عكسية وأدت إلى اندلاع نزاع مدمر أسفر عن مقتل حوالي 4 آلاف شخص في لبنان، ونزوح جماعي وأضرار جسيمة في البنية التحتية في جنوب لبنان.
ويقول المعهد إن حزب الله، وداعمته الأساسية إيران، "لن يعترفا أبدا بذلك، لكنهما تعرضا لانتكاسة استراتيجية، فقد كان هدفهما ربط جميع ساحات القتال الإقليمية التي كان لإيران نفوذ فيها لاستنزاف إسرائيل وإرباكها، لكن إسرائيل أحبطت هذا الهدف، بنجاح إلى حد ما، من خلال القوة الغاشمة".
وركزت صحيفة نيويورك تايمز على المخاوف من إعادة إشعال الحرب الأهلية التي ظلت مجمدة في معظمها لسنوات.
وهكذا يبدو أن سخونة الأحداث في هذه البقعة من الشرق الأوسط ستطغى على ما سواها خلال المرحلة المقبلة، بينما يتعين على الرئيس السوري البحث عن وسائل مساعدة أخرى لمواجهة تحديات مقبلة اختصرها تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو له من مغبة "اللعب بالنار"، وكأنه يريد قطع الطريق على أي محاولة من جانب الأسد لرد الجميل لحزب الله ومساعدته كما فعل الأخير إبان الانتفاضة في سوريا عام 2011.
-
05:00 AMالفجْر
-
06:32 AMالشروق
-
11:43 AMالظُّهْر
-
02:35 PMالعَصر
-
04:54 PMالمَغرب
-
06:16 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
محمد رمضان.. "عصا الأهلي" ضد المخالفين
29 نوفمبر 2024 10:12 ص
بعد تدشينه.. كيف يعزز خط "الرورو" صادرات مصر الزراعية؟
28 نوفمبر 2024 11:30 م
تلوث الهواء... الحرائق تحصد 1.5 مليون روح سنويا
29 نوفمبر 2024 03:16 ص
استجابة لـ"تليجراف مصر".. أول تحرك حكومي لإنقاذ "بطة" سيدة الربع طن
28 نوفمبر 2024 08:08 م
أكثر الكلمات انتشاراً